محمد‭ ‬حومالك: المبادرة الملكية الأطلسية.. من أجل إفريقيا مزدهرة

محمد‭ ‬حومالك: المبادرة الملكية الأطلسية.. من أجل إفريقيا مزدهرة محمد حومالك، أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس
يوضح الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬حومالك،‭ ‬دكتور‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية،‭ ‬أستاذ‭ ‬زائر‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬القانونية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فاس،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ "‬الوطن‭ ‬الآن‭"‬،‭‬ الأبعاد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجال‭ ‬الساحلي‭ ‬وطنيا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية‭ ‬للصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬هيكلة‭ ‬الفضاء‭ ‬الجيو‭- ‬سياسي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭.‬
وذلك‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ "‬المغرب‭ ‬والفضاء‭ ‬الأطلسي‭: ‬الفرص‭ ‬والتحديات‭"‬،‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬مؤخرا‭ ‬مختبر‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬ومختبر‭ ‬الدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬والحكامة‭ ‬الترابية‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق‭ ‬المحمدية،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬شعبة‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬والمركز‭ ‬الوطني‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني‭ ‬بالرباط.
 
 ماهي‭ ‬قراءتك‭ ‬للأبعاد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية؟
 بالنسبة‭ ‬للأبعاد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمبادرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي‭ ‬فتتجلى‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬المنطقة‭ ‬الأفرو‭ ‬أطلسية‭ ‬مجالا‭ ‬للاستثمار‭ ‬والابتكار‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬يعد‭ ‬فضاء‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬والاندماج‭ ‬وتطوير‭ ‬الفرص‭ ‬لحماية‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬للدول‭ ‬الأطلسية،‭ ‬حيث‭ ‬تهدف‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية‭ ‬إلى‭ ‬تأهيل‭ ‬المجال‭ ‬الساحلي‭ ‬وطنيا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية‭ ‬للصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬هيكلة‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الجيو-‭ ‬سياسي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬بهدف‭ ‬تحويل‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬للتواصل‭ ‬الإنساني،‭ ‬والتكامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والإشعاع‭ ‬القاري‭ ‬والدولي،‭ ‬وكذا‭ ‬تسهيل‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬مكونات‭ ‬الساحل‭ ‬الأطلسي‮ ‬‭ ‬وتوفير‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬ومحطات‭ ‬اللوجستيك،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬أسطول‭ ‬بحري‭ ‬تجاري‭ ‬قوي‭ ‬وتنافسي‭.‬

 
وهو‭ ‬ما‭ ‬يبرز‭ ‬للعيان‭ ‬البعد‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المتعدد‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وثقافيا‭ ‬للمبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية،‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ازدهار‭ ‬الشعوب‭ ‬الافريقية،‭ ‬وذلك‭ ‬خدمة‭ ‬للاستقرار‭ ‬والتقدم‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬استراتيجي‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬إفريقيا‭ ‬أضحت‭ ‬مطالبة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬لرفع‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المناحي،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية‭ ‬تشكل‭ ‬أيضا‭ ‬انخراطا‭ ‬نوعيا‭ ‬واستراتيجيا‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الاندماج‭ ‬القاري‭ ‬وتحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬2063‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬إفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬
 
ولهذا؛‭ ‬فالمبادرة‭ ‬الاطلسية‭ ‬المغربية‭ ‬بأبعادها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬مرجعية‭ ‬جغرافية‭ ‬وتاريخية‭ ‬ودينية،‭ ‬تروم‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار‭ ‬لإفريقيا،‭ ‬القارة‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬والهجرة‭ ‬القسرية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬نموها‭ ‬ورفاهيتها‭ ‬رغم‭ ‬توفرها‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬طبيعية‭ ‬غنية،‭ ‬تجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬التحديات‭ ‬التنموية‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬وسياسيا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬تجاه‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي‭ ‬تشكل‭ ‬مدخلا‭ ‬حقيقيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬ودائم‭ ‬لقضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭.‬
 
وقد‭ ‬أثبت‭ ‬المغرب‭ ‬بتوجيهات‭ ‬ملكية‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تنزيل‭ ‬التوجهات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمبادرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رسائل‭ ‬قوية‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬النبيلة‭ ‬الجيو‭ ‬حضارية‭ ‬والسياسية،‭ ‬بفتح‭ ‬استثمارات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة،‭ ‬كمشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغرب‭ ‬-‭ ‬نيجيريا‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬ضخم‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬قارتين،‭ ‬ومشروع‭ ‬الأسمدة‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬الإثيوبية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬أخرى‭ ‬استراتيجية‭ ‬كميناء‭ ‬الداخلة‭ ‬الأطلسي‭ ‬والطريق‭ ‬السيار‭ ‬تزنيت‭ ‬الداخلة،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬استثمارات‭ ‬مهمة‭ ‬بالقارة‭ ‬الافريقية،‭ ‬مع‭ ‬تقوية‭ ‬البعد‭ ‬القيمي‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتضامن‭ ‬والانفتاح‭ ‬والشراكة‭ ‬الموثوقة‭.‬
 
ولذلك؛‭ ‬فتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات‭ ‬يتطلب‭ ‬حسب‭ ‬الرؤية‭ ‬المغربية،‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬بلورة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تأهيل‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي‭ ‬وطنيا‭ ‬ودوليا،‭ ‬وذلك‭ ‬بدعم‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬للمملكة،‭ ‬وتوفير‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬كأسس‭ ‬فعلية‭ ‬وعملية‭ ‬لتعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ورصد‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬لجلب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‮ ‬‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬وتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيمكن‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬اقتصاد‭ ‬بحري‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المنطقة،‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬ساكنتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬استثمار‭ ‬المؤهلات‭ ‬السياحية‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬المنطقة‭ ‬بتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬واجهة‭ ‬حقيقية‭ ‬للسياحة‭ ‬الشاطئية‭.‬
 
 كيف‭ ‬ستعزز‭ ‬المبادرة‭ ‬الأطلسية‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬بدول‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء؟
 إذا‭ ‬كانت‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬تجاه‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي‭ ‬تعد‭ ‬رؤية‭ ‬طموحة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاندماج‭ ‬الاقليمي‭ ‬لتأهيل‭ ‬اقتصاديات‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كسب‭ ‬الرهانات‭ ‬التنموية‭ ‬ورفع‭ ‬التحديات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬منطقة‭ ‬غنية‭ ‬بالموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبشرية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تنزيل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمبادرة‭ ‬الأطلسية‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬أمنية‭ ‬واختلالات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬وهي‭ ‬تحديات‭ ‬تعزى‭ ‬لأسباب‭ ‬متعددة‭ ‬يصعب‭ ‬حصرها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستراتيجيات‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬التي‭ ‬أبانت‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬إرسائها‭ ‬لدعائم‭ ‬مسلسل‭ ‬تنموي‭ ‬شمولي‭ ‬ومستدام‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهذا‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شي‭ ‬إنما‭ ‬يدل‭ ‬عن‭ ‬تغليب‭ ‬المصالح‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬أغلب‭ ‬سكانها‭ ‬أوضاع‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة،‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬ناجع‭.‬

 
‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يشكل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬التفاوتات‭ ‬العميقة،‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬خصوصا‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬خطوة‭ ‬جد‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صنع‭ ‬السياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬غير‭ ‬المستقرة،‭ ‬أصبحت‭ ‬ملزمة‭ ‬بإقرار‭ ‬سياسات‭ ‬موجهة‭ ‬لخدمة‭ ‬اقتصادها‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬رفاهية‭ ‬شعوبها،‮ ‬‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتأتى‭ ‬دون‭ ‬تمكينها من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العالمية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الطموحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتجاوز‭ ‬الاختلالات‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تعرفها،‭ ‬خصوصا في‭ ‬ظل‮ ‬‭ ‬أبرزها‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬محط‭ ‬صراع‭ ‬حقيقي‭ ‬بين‭ ‬أقطاب‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬أضحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬مختلف‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬نموها‭ ‬وتطورها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي،‭ ‬فالقارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬تعد‭ ‬إحدى‭ ‬أغنى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمعدنية‭.‬
وضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نسجل‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬توجهات‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬يستحضر‭ ‬جيدا‮ ‬‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬عموما‭ ‬والأطلسية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬وهي‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاستقرار‭ ‬يعتبر‭ ‬مدخلا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للشعوب‭ ‬والأمم‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬بذل‮ ‬‭ ‬مختلف‭ ‬الجهود‭ ‬لبلوغ‭ ‬هذه‭ ‬الغايات،‭ ‬ومواجهة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقوض‭ ‬الأمن‭ ‬وذلك‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬خطاب‭ ‬التطرف‭ ‬والتفرقة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬إلى‭ ‬رصيد‭ ‬للتقدم‭ ‬والاستقرار‭ ‬وفق‭ ‬مقاربة‮ ‬‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬كمدخل‮ ‬‭ ‬للوصول‭ ‬لهذه‭ ‬الأهداف‭.‬
فاستحضار‭ ‬المغرب‭ ‬للبعد‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬تجاه‭ ‬إفريقيا،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬بلورته‭ ‬لمبادرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي‮ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬عنصرا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬فهذا‭ ‬التوجه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمغرب‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬جد‭ ‬متقدمة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬القارة،‮ ‬‭ ‬توجه‭ ‬يعكس‭ ‬وعي‭ ‬المغرب‭ ‬بأهمية‭ ‬إرساء‭ ‬أمن‭ ‬إقليمي‭ ‬كفيل‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬أبعاده‭ ‬الشمولية،‭ ‬وكفيل‭ ‬أيضا‭ ‬بمواجهة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬الإرهاب‭ ‬والقرصنة‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬مدخلا‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وبذلك‭ ‬برصد‭ ‬كل‭ ‬الآليات‭ ‬الممكنة‭ ‬لبلوغ‭ ‬هذه‭ ‬الغايات،‭ ‬باعتماد‭ ‬نهج‭ ‬استراتيجي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية،‭ ‬يروم‭ ‬تمكين‭ ‬البلدان‭ ‬الأطلسية‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للمخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬وجعل‭ ‬الفضاء‭ ‬الأطلسي،‭ ‬فضاء‭ ‬مستقر‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭.‬
 
كيف‭ ‬تفسر‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬التوجه‭ ‬الأطلسي‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬ومبادرة‭ ‬تمكين‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي؟
 الحديث‭ ‬عن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬التوجه‭ ‬الأطلسي‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والمبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬لتمكين‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬هو‭ ‬سؤال‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬لكونه‭ ‬يجعلنا‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬تجاه‭ ‬إفريقيا‭ ‬بلور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الازدهار‭ ‬والتقدم‭ ‬للشعوب‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬عن‭ ‬الخطط‭ ‬المتقدمة‭ ‬للتفاعل‭ ‬المغربي‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭.‬

 
ولذلك،‭ ‬فالتوجه‭ ‬الأطلسي‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬هو‭ ‬توجه‭ ‬عام‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬تروم‭ ‬جعل‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬مزدهرة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬الاتصال‭ ‬والاندماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬23‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬مطلة‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيجعل‭ ‬الدول‭ ‬الأطلسية‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية،‭ ‬وذلك‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الواجهة‭ ‬المتوسطية‭ ‬صلة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وأوروبا،‭ ‬فإن‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية‭ ‬تمثل‭ ‬بوابة‭ ‬المغرب‭ ‬نحو‭ ‬إفريقيا‭ ‬ونافذة‭ ‬له‭ ‬نحو‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكي‭.‬
 
أما‭ ‬المبادة‭ ‬الأطلسية‭ ‬لتعزيز‭ ‬ولوج‭ ‬بلدان‭ ‬الساحل‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬فهي‮ ‬‭ ‬أيضا‭ ‬مبادرة‭ ‬ملكية‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬الثامنة‭ ‬والأربعون‭ ‬للمسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬المظفرة،‭ ‬والتي‭ ‬تروم‭ ‬تمكين‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬الى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬والتي‭ ‬تهم‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو،‭ ‬ومالي،‭ ‬والنيجر،‭ ‬وتشاد،‭ ‬والتي‭ ‬أعرب‭ ‬وزراء‭ ‬خارجيتها‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬دجنبر‭ ‬2023‭ ‬بمراكش‭ ‬عن‭ ‬انخراط‭ ‬بلدانهم‭ ‬في‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية،‭ ‬حيث‭ ‬شددوا‭ ‬على‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لهذه‭ ‬المبادرة،‭ ‬التي‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تدابير‭ ‬التضامن‭ ‬الفاعل‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬الشقيقة‭ ‬عموما،‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬والتي‭ ‬تتيح‮ ‬‭ ‬فرصا‭ ‬كبيرة‭ ‬للتحول‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للمنطقة‭ ‬برمتها،‮ ‬‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬توجه‭ ‬استراتيجي‭ ‬للمغرب‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬للعب‮ ‬‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬حقيقة‭ ‬المبادرات‭ ‬المغربية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬افريقيا‭ ‬قارة‭ ‬مزدهرة‭ ‬ومتقدمة‭.‬