يرى عبد السلام بوهلال، أستاذ باحث في الجغرافيا بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن حصيلة الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لسنة 2024 حصيلة إيجابية، انطلاقا من الأرقام التي قدمتها الوكالة أثناء تقديم حصيلتها السنوية والتي تشير الى إقبال الفلاحين على الانخراط في منظومة تقنين القنب الهندي.
كما يتطرق إلى تحديات تقنين زراعة القنب الهندي وأبرزها ثمن تسويق المزارعين لمحصولهم من القنب الهندي المقنن الذي لا يزال دون مستوى تطلعاتهم؛ بالإضافة إلى مشكل تسويق المنتوج فهناك مجموعة من المزارعين المنخرطين في عملية التقنين بإقليم تاونات على سبيل المثال لم يستفيدوا من مستحقاتهم فور بيعهم لمنتوجهم، داعيا الى الانفتاح على فاعلين اقتصاديين جدد من داخل المغرب وخارجه للتموقع الجيد في سوق القنب الهندي العالمي الذي يعرف منافسة حادة.
كيف تقرأ حصيلة وكالة تقنين القنب الهندي؟
يمكن اعتبار حصيلة الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لسنة 2024 حصيلة إيجابية، فالأرقام التي قدمتها الوكالة أثناء تقديم حصيلتها السنوية خلال مجلس إدارتها المنعقد يوم الخميس 26 يناير 2024 بالرباط تشير الى إقبال الفلاحين على الانخراط في منظومة تقنين القنب الهندي. فعلى مستوى التراخيص الممنوحة للفاعلين والفلاحين انتقلت من 430 ترخيص سنة 2023 إلى 3056 ترخيص سنة 2024. أما فيما يخص المساحات المزروعة انتقلت من 286 هكتار سنة 2023 إلى 2196 هكتار سنة 2024، وانتقلت الكميات المنتجة من حوالي 300 طن سنة 2023 إلى 4082 طن سنة .2024
يتضح ان الموسم الفلاحي الثاني في مجال زراعة القنب الهندي المقننة عرفا تحسنا كبيرا وأن مجهودات كبيرة بذلت من أجل إقناع مختلف الفاعلين (فلاحون ،تعاونيات، فاعلون اقتصاديون..) على الانخراط في منظومة تقنين القنب الهندي، وبالتالي فالحصيلة إيجابية.
ماهي أبرز الملفات التي لازالت تراوح مكانها في ضوء الحصيلة المقدمة؟
أعتقد أن من أهم التحديات التي يجب مضاعفة جهود مختلف المتدخلين للتغلب عليها هو ثمن تسويق المزارعين لمحصولهم من القنب الهندي المقنن الذي لا يزال دون مستوى تطلعاتهم. فحسب ماهو متداول يتراوح الثمن ما بين 75 و85 درهم للكيلوغرام، وهو غير كافي ولا يشجع باقي المزارعين على الانخراط في عملية التقنين، ويفضلون الاستمرار في زراعة القنب الهندي غير القانوني، وخاصة الذين يملكون مساحة زراعية ضيقة: هكتار أو أقل...
التحدي الثاني هو تسويق المنتوج، فهناك مجموعة من المزارعين المنخرطين في عملية التقنين بإقليم تاونات على سبيل المثال لم يستفيدوا من مستحقاتهم فور بيعهم لمنتوجهم. كما يجب الانفتاح على فاعلين اقتصاديين جدد من داخل المغرب وخارجه للتموقع الجيد في سوق القنب الهندي العالمي الذي يعرف منافسة حادة.
رغم ارتفاع عدد المزارعين المنخرطين في التقنين وارتفاع المساحات المزروعة إلا أن الأرقام لازالت ضعيفة مقارنة مع عدد الفلاحين الممارسين للزراعة غير المقننة والمساحات المزروعة بالقنب الهندي غير المشروع، فلا بد من تبني استراتيجية متكاملة ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية لإدماج أكبر عدد ممكن من المزارعين في مسلسل التقنين.
كيف تقرأ رهانات الوكالة برفع الإنتاج وماذا عن أصناف البذور المعتمدة هل تفي بالغرض؟
الرفع من الإنتاج رهين بتشجيع ادماج المزيد من الفلاحين في منظومة التقنين، واستقطاب المزيد من الفاعلين الاقتصاديين من داخل المغرب وخارجه لضمان التسويق الفعال للمنتوج.
بخصوص أصناف البذور تميز هذا الموسم الفلاحي بترخيص الوكالة لصنف البذور المحلية (البلدية) حيث تم زرع 1701هكتار بهذا الصنف من البذور مقابل 468 هكتار فقط زرع بأصناف البذور المستوردة. أعتقد ان ترجيح صنف البذور (البلدية) على باقي الأصناف المستوردة يعد أمرا إيجابيا لعدة اعتبارات، فالفلاحون في مناطق زراعة الكيف التقليدية اعتادوا على استعمال هذا النوع من البذور وبالتالي فالاعتناء بالنبتة «البلدية» ورعايتها هو تقليد زراعي عريق اعتادوا عليه هؤلاء الفلاحين منذ قرون خلت، تأقلم هذه البذور مع الظروف البيئية والموارد المتاحة من ماء وتربة ومناخ بمناطق الزراعة وعدم استنزافها لهذه الموارد. عكس البذور المستوردة.
كيف يمكن في نظرك استثمار زراعة القنب الهندي في تنمية المناطق المزروعة فيه بدل استفادة كبار المزارعين فقط؟
أعتقد أن أفضل استثمار لزراعة القنب الهندي هو رد الاعتبار لمناطق زراعة الكيف -خاصة في مناطقها الأصلية- على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات الاجتماعية ومضاعفة الجهود من أجل تعزيز العمليات المنجزة والنهوض بالمبادرات المطلوبة بما يمكن من هيكلة تطوير قطاع القنب الهندي في إطار قانوني يتيح للمزارعين ممارسة آمنة وذات مردودية لأنشطتهم ويضمن للفاعلين ظروفا مواتية لولوج الأسواق الدولية بهدف المساهمة في التنمية السوسيو - اقتصادية للمناطق المعنية بالتقنين.
إن من شأن مواكبة تقنين زراعة القنب الهندي بتمكين مجالات زراعته من مجموعة البرنامج التنموية لتطوير البنيات التحتية الطّرقية وتعزيز الخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والتكوين المهني والصحة. وتنفيذ مشاريع اقتصادية واجتماعية تساهم في تنويع مصادر دخل الساكنة وتوفر فرصا للشغل. أن يرد الاعتبار لهذه المجالات التي تعرف تراكم للعديد من مظاهر التأخر في شتى الميادين. وتحقق الإقلاع التنموي المنشود.
أخيرا، ماهي آفاق هذه الزراعة في ضوء التقنين وهيكلة القطاع؟
يعتبر تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي خطوة جريئة وناجعة من المغرب لإخراج مجالات زراعة الكيف من الأوضاع المزرية التي تتخبط فيها ولتجاوز مجموعة من الآثار السلبية التي تخلفها هذه الزراعة حاليا على المستوى البيئي وعلى مستوى استعمالاتها غير المشروعة.
فالزراعة المشروعة التي تحترم البيئة يمكن أن تحد من الآثار السلبية للزراعة غير القانونية على المنظومة البينة؛ ومن المفروض أن يساهم انخراط الفلاحين في منظومة تقنين القنب الهندي بالمجالات المرخص لها من تبديد شعور هم بالعزلة والتهميش وعدم الاطمئنان ويحفزهم على المشاركة الفعالة والايجابية في محيطهم الاجتماعي والاقتصادي، وفي هذا السياق جاءت مبادرة العفو الملكي السامي عن عدد مهم من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2024 لتمكين المستفيدين من الاندماج مرة أخرى داخل المجتمع ومن أجل استيعاب وإدماج مزارعي المناطق المعنية في منظومة التقنين.
وبالنظر إلى المؤهلات التي يتوفر عليها بلدنا وللإمكانات التي يوفرها السوق العالمي، (233 مليار دولار في أفق 2028)، يعد تطوير الاستعمال الطبي والصيدلي والصناعي للقنب الهندي ببلادنا امرا بالغ الأهمية ويمكن ان ينعكس بشكل إجابي على الاقتصاد الوطني ككل، كما يجب التفكير كذلك مستقبلا في سبل استفادة المغرب من الاستعمال الترفيهي للنبتة لتحقيق التنمية السوسيو اقتصادية دون تهديد للصحة العامة، على غرار بعض التجارب الدولية.