كريم مولاي: محمد العربي زيتوت.. مفكر جزائري نادر

كريم مولاي: محمد العربي زيتوت.. مفكر جزائري نادر كريم مولاي والعربي زيتوت (يسارا)
سأكتب اليوم عن موضوع مختلف عما عهدتموني عليه سابقا، حيث سأقدم شهادة للتاريخ في حق واحد من رجالات الجزائر المعاصرين، الذين سجلوا أسماءهم لا أقول في تاريخ الجزائر وحدها، بل وفي التاريخ العربي المعاصر، إذ كان واحدا من ألمع الوجوه التي روجت للتغيير السلمي في العالم العربي، ونظرت فكريا لما أصبح يعرف في عالمنا العربي بـ "ثورات الربيع العربي".
 
يتعلق الأمر بالمفكر الجزائري محمد العربي زيتوت وهو من مواليد منطقة الأغواط الجزائرية، اشتهر بأنه ناشط حقوقي وسياسي جزائري معارض، ودبلوماسي محنك سابقا.
 
عندما التقيته لأول مرة بشكل مباشر عام 2007 في العاصمة البريطانية لندن، بعد أن كنت أسمع عنه لسنوات طويلة، لا سيما بعد أن أقدم على قراره الشجاع بأن ترك منصبه الديبلوماسي كسكرتير أول في السفارة وعمليا الشخص الثاني في السفارة منذ افريل 94 حتى تركه لمنصبه في اوت 95 احتجاجًا على انتهاكات حقوق الإنسان وانحراف النظام الجزائري بعد انقلاب 1992، سألته بشكل مباشر ودون مواربة: أنا كريم مولاي رجل المخابرات الجزائرية، اكتشفت بعد سنوات أنني اتخذت القرار الخطأ وأرغب في وضع حد لهذه المهمة القذرة المنافية لقيم المواطنة الحقيقية التي تربينا عليها؟
 
أجابني بكل ثقة ويقين: "أنت في الاتجاه الصحيح يا كريم، ولازلت شابا يافعا يمكنك أن تقدم خدمة ليس لوطنك فحسب، بل ولكل العرب والمسلمين الذين يعيشون في ظل أنظمة استبدادية.. أنت هنا في عاصمة حرة تستطيع أن تقول فيها كلمتك المسؤولة وتعود إلى بيتك آمنا.. فقط كن صادقا مع نفسك ومع ربك تجد كل الدعم والمساندة".
 
أنا خريج جامعي درست القانون بثلاث لغات هي العربية والفرنسية وعززتها باللغة الأنجليزية عندما أقمت في بريطانيا لاجئا سياسيا، ولكنني فوجئت فعلا بمدرسة في السياسة والفكر والأخلاق والتاريخ والحضارة بما يفوق ما كنت أعرفه وأسمعه عن الأخ والأستاذ فعلا محمد العربي زيتوت..
 
أعرف من خلال متابعتي لمسيرة الأخ العربي زيتوت النضالية، أنه تخرج من قسم الدبلوماسية بالمدرسة الوطنية للإدارة بالجزائر عام 1986. كما درس مرحلة الماجستير في العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، قبل أن يلتحق بوزارة الخارجية الجزائرية عام 1986، ليتم تعيينه في السفارة الجزائرية بطرابلس عام 1991.
 
وتابعت بعد ذلك مشواره السياسي من خلال مشاركته في تأسيس حركة رشاد عام 2007، التي تهدف إلى تغيير النظام الجزائري بطرق سلمية واستبداله بنظام ديمقراطي، ثم نشاطه ضمن منظمة الكرامة الحقوقية وتعاونه مع منظمات حقوقية، عالمية.
 
وقد برز ذلك بشكل جلي عندما انفتح على الإعلام الدولي حيث شارك في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية العربية والأوروبية، منتقدًا الأنظمة الديكتاتورية ومساندًا لحقوق الشعوب. وأظهر قدرة بتحليلاته السياسية وتوقعاته حول الثورات العربية، مؤكدًا على ضرورة التغيير السلمي في المنطقة.
 
يعتبر الأستاذ محمد العربي زيتوت من أبرز معارضي النظام الجزائري، وتميز بدعوته إلى تغيير شامل بطرق سلمية في الجزائر خاصة وفي الممنطقة العربية عامة.. ومنذ بداية الحرب العدوانية التي يخوضها الكيان الصهيوني المجرم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة برز الأستاذ محمد العربي زيتوت كمفكر عربي من الطراز الأول، حيث افتتح قناة على وسائل التواصل الاجتماعي يتابعها الملايين، ويقدم من خلالها يوميا قراءات فكرية وسياسية واستراتيجية هي أشبه بمحاضرات علمية جامعية، يتداخل فيها السياسي مع التاريخي مع العلمي والقانوني والحقوقي.. 
 
عندما أتابع مسيرة المفكر الجزائري محمد العربي زيتوت، أسأل نفسي: ترى لو أن هذه القامة الفكرية والسياسية والقانونية انحازت إلى الطغمة الحاكمة وكانت متزلفة وشريكة في ذبح الشعب الجزائري ماذا سيكون مكانه؟ أعتقد أنه لن يكون إلا في الصف الأول، لكنه تنازل عن ذلك طواعية وانحاز للشعوب وحقها في تقرير مصيرها.. وهو لأجل ذلك يتعرض إلى  حملة تشويه ممنهجة من طرف أقزام اختارت نهج التزلف والركون إلى الذل.. 
 
أشهد أنني ممتن للأخ محمد العربي زيتوت، وأفخر بأنني تعرفت عليه، وأعتبر ذلك وساما على جبيني، وأدعو الله أن يجمعني به في الدنيا على الحق والعدل وفي الآخرة في جنات النعيم.
كريم مولاي ، عضو سابق في المخابرات الجزائرية و خبير أمني