طلبت جريدة "أنفاس بريس" و " الـوطن الآن" من عبد الرحيم بورقية، أستاذ باحث في علم اجتماع الرياضة بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات، أن يقدم قراءته لتحدي بناء الإنسان وتغيير العقلية في سياق الاستعداد لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030. إذا كان بناء الملاعب يبدو سهلا مع توفير الإمكانيات المالية، فكيف نبني الانسان؟
سألنا أيضا عن انخراط جميع فئات المغاربة في إنجاح هذا العرس الرياضي، وعن مدى تأثير حضور شعوب من جميع بقاع العالم ببلادنا على عقلية وتفكير جماهير الكرة بالمغرب خاصة والمجتمع عامة. سألناه فكانت ردود الأستاذ بنرقية على الشكل التالي:
انخرط المغرب في دينامية من الورشات قبيل وفاة الملك الراحل الحسن الثاني لتأهيل العهد الجديد للملك محمد السادس، وعلى سبيل الذكر لا الحصر هيئة الإنصاف والمصالحة التي دشنت لمغرب يحتضن جميع أبنائه لبناء وطن يتسع للجميع. وهذه الورشات التي ثمنها الملك محمد السادس وجعلها عنوان مرحلة المغرب الذي نحبه ونفتخر به ونريد أن يعيش فيه بناتنا وأبناءنا والأجيال القادمة مفتخرة بجذورها وانتماءها لهذا الوطن العريق بمختلف ألوانه وعاداته و تقاليده. هذا الإنتماء الذي تتشبع به مكونات المجتمع المغربي والتي تحجبه أحيانا بعض غيوم تدبير الشأن العام. هذا الأخير هو الذي يجب أن يضع من بين أولوياته بناء الإنسان والمواطن المغربي الفخور بوطنه ومؤسساته. وهنا أقول إ ن بناء الفرد يتم على مراحل والعلاقة بين المؤسسات والأفراد ليست مباشرة وتخضع لسيرورة وعلى مراحل، يحكمها التصور والهدف الذي نطمح إليه.
اللبنات الأولية لبناء الفرد
وبناء الفرد يتم أولا عبر اللبنات الأولية للتنشئة الاجتماعية: الأسرة والمدرسة ودور الشباب والنوادي الثقافية والرياضية وغيرها... وأدوار هؤلاء أساسية في بناء مجتمع مثين قادر على مواجهة التحديات المستقبلية والمساهمة في بناء الوطن.
وجهود هؤلاء ملموسة لأن المغرب يزخر بالعديد من المؤهلات والكفاءات في مجالات متعددة وتمثل المغرب في محافل إقليمية وقارية وعالمية، لكنها تبقى مجهودات كبيرة شخصية وحظيت بدعم عائلي أو من أشخاص أو مجموعة وثقت في قدراتهم ووفرت سبل تطوير وبلورة هاته المؤهلات. وبالعودة للرياضة وكرة القدم ممكن أن نتكلم عن أكاديمية محمد السادس و نعود للرسالة الملكية التاريخية والمرجعية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للرياضة بالصخيرات، بتاريخ 24 أكتوبر 2008، والتي قامت بتحليل شامل لمشاكل الرياضة الوطنية، ووضعت بعناية متناهية سبل علاجها ورسمت بالتفصيل معالم تطورها، وحددت أهدافها وتطلعاتها لبناء مجتمع ديمقراطي وسليم. وها نحن نسير قدما نحو تحقيق هذه الأهداف. دعني أقولها بصيغة أخرى إن بناء الإنسان هو الأساس الذي ترتكز عليه نهضة المجتمعات وازدهار الحضارات، وهو ليس تعليم أو تدريب أو ترفيه فقط بل هو مشروع شامل يهدف إلى تطوير الفرد فكريا وأخلاقيا واجتماعيا وروحيا مع تمكينه من اكتساب المعرفة والمهارات، التي تؤهله لكي يكون عنصرا فعالا في محيطه ومتحليا بالقيم الإنسانية النبيلة التي تعزز التعايش والتسامح، لكي يتحقق تأهيل المواطن المغربي، المدرك لدوره في بناء المغرب الذي نريده كلنا، بمواطن واع بواجباته وحقوقه في الثقافة والخدمات الاجتماعية والصحية للانخراط في المغرب الذي نطمح له، وسطره الدستور، وهذا ما تتضمنه التوجيهات الملكية التي تؤكد دائما على ضرورة إشراك كل فئات الشعب في المشروع التنموي الشامل.
المغاربة شغوفون بالكرة وسينخرطون في إنجاح كأس العالم .
أولا، المغاربة شعب شغوف بكرة القدم ولا يحتاج إلى إقناع للانخراط في مشروع كأس العالم الذي هو مشروع ملك وشعبه. والجميع منخرط كشعب وقوى حية من مؤسسات في مثل هذه التظاهرة التي تتعدى الرياضة والكرة بل هي فرصة للتعريف بالمنتوج المغربي، ولا أعتقد شخصيا أن اليأس هو حالة تتلاشى مع إنسان يقظ وشغوف وطموح وله ميولات وهوايات وخصوصا بالنسبة لنا كمسلمين إيمان واعتقاد بالله ونور في العقل والقلب. وهذا هو صلب الموضوع لأن تغيير المناخ العام والمجتمع ينطلق من الفرد أولا، الفرد القانع والواعي بذاته الذي يسعى إلى تحقيق التوازن والانسجام مع نفسه ومحيطه وضرورة تحديد أهداف مشروعة والعمل على تحقيقها والانخراط في خلق أواصر التعاون والاحترام المتبادل داخل مجتمعنا. وإذا حاول كل فرد على حدة تكوين وإعداد نفسه ومحيطه بقيم ومبادئ العمل والمثابرة يمكن أن يكون الغد أفضل لنا جميعا. وما اليأس والنقمة إلا ردود الفعل عن أيديولوجية سياسية أو دينية أو غيرها من أحزاب سياسية وجمعيات تبيع الوهم لتحقيق أهداف ومآرب خاصة وتغفل عن الشأن العام وما يطمح إليه مكونات المجتمع والقوات الحية في البلاد التي تطمح لتحقيق النماء والازدهار.
حذاري من مثيري الشغب المتطرفين الأجانب الذين سيحضرون للمغرب
إن عقليه الجماهير لاتتغير والمشجع يداوم على الذهاب إلى الملاعب بمعية أصدقائه وأقرانه يتجههون بما يصطلح بالمغرب بالدخلة حاملين رايات ومزامير وطبول. يافطات بألوان فريقهم، يرددون الأناشيد والهتافات من أجل أن يكون كل واحد منهم هو اللاعب رقم 12.
وعالمياً هي نفسها مع وجود فوارق كرة القدم توفر مجال للتنفيس والتعبير و للاختيار بالمعاني، تلك التي تجسد وتمثل الهويات، أو الدفاع عن شرف مدينة أو منطقة أو حتى أمة أو ثقافة أو شعب أو دين.
لدينا تمثيلان لمؤيدي المتطرفين. هناك شخصية "المتمرد" المتجسدة في الثورة على النظام السياسي و«المتمردة» على أي شكل من أشكال السلطة التي تلتصق بشمال إفريقيا، أو بالمصريين، والتي نجدها في فرنسا أو حتى في إيطاليا. وفي الوقت نفسه، هناك شخصية المشاغبين القوميين والعنصريين الذين نواجههم في ألمانيا وهولندا وكرواتيا. ويوجد مثيرو الشغب القوميون أيضا في صفوف أنصار بعض الأندية في إسرائيل، والتي كان لدينا عينة منها مع «ماكابي ألتراس». والبعض الآخر، مثل نادي بيتار القدس، تم التنديد بهم بالفعل من قبل صحافة الدولة العبرية. وربما يمكننا أن نكرر الأمثلة إن شئنا من خلال جماعاتها المتطرفة التي تسعى للسيطرة على المدرجات، «يطغى عليه» أحزاب اليمين المتطرف التي تكتسب شعبية يوما بعد يوم في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا. إسرائيل ليست استثناء.
غالبًا ما يتصدر أنصار والمشجعون والمتطرفون عناوين الأخبار بأفعالهم غير المتناسبة، ومزاجهم المظلم، وثقافتهم الرجولية والعدوانية. وهنا يجب أن نفصل بين ألتراس المشجعين وألتراس الهوليغانز ولقد رأينا غالبًا ما يتم دمجهم والخلط بينهم لكن مارأينا في شوارع أمستردام وهذا الأمر المثير للاهتمام الذي يمكن ملاحظته بين مجموعة مكابي المتطرفة هو مسارات مشاركة بعض المؤيدين الذين يعتنقون الأفكار النازية الجديدة وعقلية «سكين هييد» وهذا لا نجده بالمغرب لكن موجود بألمانيا وكرواتيا هولندا وغيرهم وهؤلاء يجب منعهم من الدخول إلى التراب الوطني.
وللإجابة عن سؤال جانب السرقة والتخريب يبقى هامشي وليس هو الطاغي.
العنف الرمزي هو الغالب وممكن أن يكون الشرارة الأولى لاندلاع ملاسنات ومشادات لكن هذا لا نجده في مباريات المنتخب الوطني المغربي بل العكس تطرح المشاكل التنظيمية بشكل كبير وهذا هو ما يجب العمل عليه وتغيير عقليه المسير والمنظمين أولا.