إدريس الفينة: سوريا الجديدة.. خطة الجولاني غير المعلنة

إدريس الفينة: سوريا الجديدة.. خطة الجولاني غير المعلنة محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام والدكتور إدريس الفينة (يمينا)
مع تعاظم التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تشهد الساحة السورية تطورات جذرية قد تُغير معالم المنطقة بأسرها. فبعد عقود من القبضة الحديدية لنظام آل الأسد، تظهر ملامح نظام جديد يُشكِّله أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، الذي يبدو أنه يسعى لتقديم رؤية مغايرة لما عهده السوريون والعالم من قبل. هذه الرؤية، التي يمكن وصفها بأنها مزيج من الواقعية السياسية والطموح الجيوسياسي، قد تُرسي أسس “سوريا الجديدة” على الطريقة التركية، مستندة إلى العلمانية الرئاسية واحتواء كل الطوائف عبر عملية ديمقراطية حقيقية.
 
ملامح خطة الجولاني
1. النظام السياسي الجديد

الخطة تستند إلى نموذج علماني رئاسي يضمن تمثيل كافة الطوائف والأقليات، بما فيها العلويون والمسيحيون والأكراد، من خلال صناديق الاقتراع. الهدف هو تقديم صورة أكثر حداثة وتعددية لسوريا، مشابهة للتجربة التركية في فصل الدين عن الدولة مع الحفاظ على الهوية الإسلامية المعتدلة. هذا النظام سيهدف إلى توحيد الصفوف الداخلية بعد سنوات من الانقسام الحاد.
 
2. الاعتراف بإسرائيل مقابل استعادة الجولان
إحدى النقاط المحورية في الخطة هي الوصول إلى اتفاق سلام دائم مع إسرائيل، يشمل الاعتراف بها مقابل انسحابها الكامل من الأراضي السورية المحتلة، وخاصة مرتفعات الجولان. هذا الاتفاق، الذي يحاكي نموذج معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، قد يكون بمثابة تحول استراتيجي لسوريا يعيدها إلى الواجهة السياسية والدبلوماسية الإقليمية.
 
3. التعاون مع الولايات المتحدة
الخطة تتضمن تقليص النفوذ الروسي والإيراني في سوريا، وهو مطلب أساسي للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. في المقابل، ستُمنح سوريا الجديدة حقول النفط الواقعة شرق البلاد، التي تُسيطر عليها الولايات المتحدة حاليًا. ومن المتوقع أن تحصل سوريا على دعم مالي سنوي يقدر بحوالي 3 مليارات دولار لإعادة الإعمار، في إطار استراتيجية أميركية جديدة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
 
4. عودة النازحين
يتوقع الجولاني عودة حوالي 8 ملايين نازح سوري خلال السنة القادمة، موزعين بين الأردن، وتركيا، وأوروبا. هذه العودة ستكون مدعومة بخطط إعادة إعمار موسعة، تسعى لتوفير بيئة معيشية آمنة ومستقرة للنازحين، ما يعزز الشرعية السياسية للنظام الجديد ويعيد النسيج الاجتماعي السوري.
 
5. قطع العلاقات مع روسيا وإيران وحزب الله
في خطوة جذرية أخرى، سيتعهد مجلس القيادة السوري الجديد بوقف كافة أشكال التعاون مع روسيا وإيران وحزب الله، مما يعني إنهاء النفوذ الذي رسخته هذه الأطراف خلال سنوات الصراع. هذا الانفصال قد يؤدي إلى إعادة التموضع السوري في محور عربي-غربي جديد يتلقى دعمًا قويًا من دول الخليج العربي.
 
الدعم العربي والدولي
يُتوقع أن تتلقى “سوريا الجديدة” دعمًا ماليًا ولوجستيًا كبيرًا من دول الخليج، التي طالما كانت تنتظر شريكًا سوريًا جديدًا يتبنى نهجًا معتدلًا بعيدًا عن المحور الإيراني. هذا الدعم سيكون أساسيًا لإعادة بناء المدن المدمرة وإطلاق مشاريع تنموية كبرى تُعيد الحياة إلى الاقتصاد السوري.
 
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه خطة الجولاني تحديات معقدة، أبرزها:
1. رفض القوى الداخلية: قد تواجه الخطة معارضة من قوى داخلية تعتبر أن الاعتراف بإسرائيل خيانة للقضية الفلسطينية.
2. التدخل الروسي والإيراني: من المتوقع أن تسعى موسكو وطهران لإفشال أي نظام يُقصيهما من المعادلة السورية.
3. إعادة بناء الثقة: تحتاج القيادة الجديدة إلى وقت طويل لإعادة بناء ثقة السوريين بعد سنوات من الحروب والانقسامات.
 
خطة الجولاني، رغم جرأتها، تمثل فرصة نادرة لسوريا للعودة إلى خارطة الدول العربية واستعادة دورها الإقليمي. إذا ما تحققت هذه الخطة، فإنها قد تُدشن حقبة جديدة في الشرق الأوسط، تُعيد رسم موازين القوى وتفتح الباب أمام مستقبل أكثر استقرارًا لسوريا وللمنطقة بأسرها.