لا يتخلف المغرب عن تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات الذي يحل يوم 25 نونبر من كل سنة . ولأن العنف القائم على النوع الاجتماعي انتهاك صارخ للحقوق الانسانية للمرأة والفتاة، و"تغول" لم يعرف التاريخ له مثيلا من حيث تعدد أشكاله ، فإن المجتمع الدولي خصص حملة مدتها 16 لمناهضته، يُسدل الستار على فعالياتها المتنوعة يوم 10 دجنبر 2024. تاريخ له رمزية خاصة لمن "فاته القطار" ، وهو أن العنف الذي تتعرض له نساء العالم و فتياته، القضاء عليه مبتدأه و منتهاه الانتصار لفعلية منظومة حقوق الانسان.
كان لابد من هذا التذكير لعل الذكرى تنفع من سقط "سهوا" من ذاكرته بأن مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي ليس شعارات تُردد هنا وهناك، بل وعيا حقوقيا وحدها الممارسة تختبر قوة منسوبه.
لندع العموميات جانبا، وننتقل إلى تسليط الضوء على مدى التزام الأغلبية والمعارضة بمجلس جماعة وزان بانخراطهما في حملة الأيام 16 العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومنصة المركز الثقافي تجمعهما وجها لوجه في نشاط عمومي تمحور حول تقييم حصيلة عمل المؤسسة المنتخبة في منتصف ولايتها.... مبادرة لا يمكن لأي دافع للضرائب بدار الضمانة إلا أن يصفق لها، ولو أن توقيتها، وتنزيلها ليلة قبل عقد مجلس الجماعة لدورة استثنائية تخلل أشغالها المصادقة بالاجماع على جميع النقطة المدرجة بجدول أعمالها، بعد أن كانت أجواء التوتر هي العلامة البارزة المؤطرة لدورات قبلها! .
التواصل العمومي في لقاء ليلة الخميس حضره فريق الأغلبية ممثلا بالرئيس (الحمامة ) ونائبه الثاني ( الميزان) وكاتب المجلس ( الحمامة)، بينما فريق المعارضة جاء ممثلا بثلاثة أعضاء ( المصباح، الخضر، الجرار ) . التشكيلة كما هي أمامنا، ذكورية بامتياز ! علما بأن مجلس الجماعة حازت فيه بالعضوية 11 منتخبة، اثنتان نائبتان للرئيس، وواحدة رئيسة لجنة دائمة، وأخريات تتموقع إما بصف الموالاة أو بصف المعارضة.
منصة اللقاء التواصلي شخوصها ماثلون أمام الجمهور، والحيز المخصص لقضايا المرأة في مساحة برنامج كل حزب لا زالت أجراسه تقرع في آذان ساكنة أهل دار الضمانة، والأيام العالمية 16 لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات تؤثث كل زوايا المدينة، ومنها فعالية واحدة من تنظيم حركة الطفولة الشعبية استضاف فقراتها فضاء الجماعة، والحضور الفعلي واليومي للمنتخبات في ادارة شأن دار الضمانة لا يمكن القفز عليه، فلماذا غابت هذه الرزنامة من عناصر القوة المُعززة لمكانة المرأة المنتخبة خلال التحضير للمشاركة في اللقاء التواصلي؟ ألا يمكن تصنيف هذا الفعل بأخطر أشكال العنف الممارس على المرأة من طرف المنتخبين الذكور، ومن داخل مؤسسة منتخبة من المفروض أنها تعكس الارادة الشعبية كما فاضت عن صناديق الاقتراع؟ لنذهب بعيدا في تساؤلاتنا المشروعة، هل كان ممثلو الأحزاب الذين تواجدوا فوق المنصة ، سيقبلون بترشيح النساء ضمن لوائح أحزابهم صيف 2021، لولا استماتة الحركة النسائية والمدافعين عن المساواة في الحقوق، في الترافع من أجل التدرج في المناصفة الذي يجسده (التدرج) قانونيا التمييز الايجابي في أفق المناصفة كما هي " شرح ملاح " في الفقرة الثانية للفصل 19 للدستور " تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء " .
أما بعد: تصدير الدستور يحظر ويكافح كل أشكال التمييز، والفصل 7 بنفس الدستور، يحدد دور الاحزاب السياسية في تأطير المواطنات والمواطنين... ولا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الانسان... والانتصار للمناصفة كمسعى دستوري ...كل هذه الترسانة من القانون الأسمى والأدنى لم توضع للتأثيث، بل لنرى لها آثارا في التنزيل على أكثر من مستوى، ولعل تفعيل ذلك، مدخله هو القطع مع العنف بكل أشكاله ضد المرأة، لا تكريسه والاصرار على استفزاز المكتسب الحقوقي، كما لمس ذلك أهل وزان ليلة الخميس الذكوري التواصل العمومي بامتياز! اختبار صغير أسقط القناع عن القناع... وبه وجب الاعلام والسلام .