بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتبر‭ ‬الملك‭ ‬محتجزي‭ ‬تندوف‭ ‬رهائن‭..‬ ألم يحن الوقت لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية؟

بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتبر‭ ‬الملك‭ ‬محتجزي‭ ‬تندوف‭ ‬رهائن‭..‬ ألم يحن الوقت لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية؟ الجنيرال شنقريحة، الحاكم الفعلي للجزائر، وتبون وبنبطوش
تحاول‭ ‬الطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬خمسين‭ ‬سنة،‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬جميع‭ ‬أوراق‭ ‬ابتزازها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المغرب‭ ‬لإرغامه‭ ‬على‭ ‬الاستسلام‭ ‬لمؤامراتها‭ ‬ودسائسها،‭ ‬عبر‭ ‬خلق‭ ‬منازعات‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬البوليساريو،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬محاولاتها‭ ‬المتكررة‭ ‬للجز‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬عسكرية،‭ ‬لا‭ ‬غاية‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬إلا‭ ‬عرقلة‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬يراكمها‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والقاري‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬الجزائر‭ ‬احتجاز‭ ‬آلاف‭ ‬المواطنين‭ ‬المغاربة‭ ‬الذين‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم،‭ ‬تحت‭ ‬طائلة:‭ ‬«الموت‭ ‬أو‭ ‬التعذيب‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أبدى‭ ‬رفضا‭ ‬للاحتجاز‭ ‬أو‭ ‬مقاومة‭ ‬لعملاء‭ ‬المخابرات‭ ‬الجزائرية‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬البوليساريو»،‭ ‬بل‭ ‬استعمالهم‭ ‬كرهائن،‭ ‬وأيضا‭ ‬كأدوات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الدولية‭ ‬وجلب‭ ‬المنافع‭ ‬المادية‭ ‬بادعاء‭ ‬أنهم‭ ‬لاجئون‭ ‬فوق‭ ‬أراضيها‭. ‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬واضح‭ ‬وصريح،‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بمناسبة‭ ‬ذكرى‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬6) ‭ ‬نونبر‭‬2024)،‭  ‬إذ‭ ‬استعمل‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬لفظة‭ ‬«رهائن»‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬«هناك‭ ‬من‭ ‬يطالب‭ ‬بالاستفتاء،‭ ‬رغم‭ ‬تخلي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عنه،‭ ‬واستحالة‭ ‬تطبيقه،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬يرفض‭ ‬السماح‭ ‬بإحصاء‭ ‬المحتجزين‭ ‬بمخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬ويأخذهم‭ ‬كرهائن،‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬يرثى‭ ‬لها،‭ ‬من‭ ‬الذل‭ ‬والإهانة،‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬الحقوق»‭.‬
 
لقد‭ ‬اخترعت‭ ‬الجزائر‬"الشعب‭ ‬الصحراوي‭ ‬اللاجئ"‭ ‬لطمس‭ ‬واقع‭ ‬«المحتجزين‭ ‬الرهائن»،‭ ‬كما‭ ‬اخترعت‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬ومدتها‭ ‬بالسلاح،‭ ‬ولم‭ ‬تبخل‭ ‬عليها‭ ‬بتسخير‭ ‬كل‭ ‬إمكاناتها‭ ‬المالية‭ ‬والسياسية‭ ‬والديبلوماسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تصنع‭ ‬لها‭ ‬موطء‭ ‬قدم‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تقسيم‭ ‬المغرب‭ ‬ومنعه‭ ‬من‭ ‬عمقه‭ ‬الإفريقي‭. ‬ولأنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬اختراعاتها‭ ‬العدائية‭ ‬معرّضة‭ ‬للافتضاح،‭ ‬فإنها‭ ‬ترفض‭ ‬رفضا‭ ‬قاطعا‭ ‬إحصاء‭ ‬الرهائن‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬وتكتفي‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬«الدراسة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬وكالات‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭ ‬واليونيسيف‭ ‬والمفوضية‭ ‬السامية‭ ‬الأممية‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين»‭ ‬التي‭ ‬قدرت‭ ‬عددهم‭ ‬بـ‭ ‬173.600‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تقدر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬90‭ ‬ألفا‭ ‬فقط،‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬إحصائهم‭  ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دقيق‭ ‬ورسمي‭.‬

ولا‭ ‬تكف‭ ‬الجزائر،‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬تضخيم‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬وثيقة‭ ‬للخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتاريخ‭ ‬16‭ ‬دجنبر‭ ‬1977،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬«عدد‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو»،‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬تعدادا‭ ‬سكانيا‭ ‬إسبانيا‭ ‬أجري‭ ‬عام‭ ‬1974‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الصحراويين‭ ‬الأصليين‭ ‬بلغ‭ ‬74‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬الصحراء‭ ‬الإسبانية»،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬تزعمان‭ ‬«علناً‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬يتجاوز‭ ‬المائة‭ ‬ألف‭ ‬لاجئ»،‭ ‬حسب‭ ‬ذات‭ ‬الوثيقة‭. ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬خاطئ‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬«الرابطة‭ ‬الصحراوية‭ ‬للديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان»‭ ‬التي‭ ‬أكدت،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لها،‭ ‬أن‭ ‬«أقل‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬العيون،‭ ‬السمارة‭ ‬وبوجدور،‭ ‬بينما‭ ‬البقية‭ ‬من‭ ‬الطوارق‭ ‬ومواطني‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬مثل‭ ‬موريتانيا‭ ‬ومالي‭ ‬والنيجر‭ ‬وتشاد»‭. ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬ضخم،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬النزاع،‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المخيمات‭ ‬قصد‭ ‬إدامة‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المانحة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭.‬
 
وبعملية‭ ‬حسابية‭ ‬بسيطة،‭ ‬وإذا‭ ‬اعتمدنا‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬«90‭ ‬ألف‭ ‬نسمة»،‭ ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬الرهائن‭ ‬المغاربة‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬18‭ ‬ألف،‭ ‬وقد‭ ‬جرى‭ ‬تعويمهم‭ ‬في‭ ‬الكتلة‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬جمّعتها‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬مواطني‭ ‬الدول‭  ‬«من‭ ‬مالي‭ ‬وموريتانيا‭ ‬والنيجر‭ ‬وغيرها»،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الساحل،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬يواجهون،‭ ‬باستثناء‭ ‬الطبقة‭ ‬المحظوظة‭ ‬وعوائلهم،‭ ‬واقعا‭ ‬مزريا،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬أرقام‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬المخيمات‭ ‬بجنوب‭ ‬الجزائر‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬أو‭ ‬تتعرض‭ ‬لسوء‭ ‬التغذية‭. ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬طفلا‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬10‭ ‬أطفال‭ ‬هناك‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬الحاد‭.‬

لقد‭ ‬دعا‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬لتوضيح‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير‭ ‬ين‭ ‬عالمين:‭ ‬عالم‭ ‬حقيقي‭ ‬وشرعي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب،‭ ‬وعالم‭ ‬متجمد‭ ‬وبعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وتطوراته؛‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمثله،‭ ‬في‭ ‬نظرنا،‭ ‬إلا‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يحتجزون‭ ‬«الرهائن»‭ ‬لديهم‭ ‬لابتزاز‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬وحول‭ ‬مواطنيه،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لمناهضة‭ ‬أخذ‭ ‬الرهائن‭ ‬تضع‭ ‬الجزائر‭ ‬والبوليساريو‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المساءلة‭. ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬علنا‭ ‬باحتجاز‭ ‬18‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬مغربي‭ ‬في‭ ‬حيز‭ ‬جغرافي‭ ‬محاط‭ ‬بالأراضي‭ ‬المزروعة‭ ‬بالألغام،‭ ‬وبعناصر‭ ‬الجيش‭ ‬والمخابرات‭. ‬كما‭ ‬أنها‭  ‬تهددهم‭ ‬بالقتل،‭ ‬وقامت‭ ‬بالفعل‭ ‬بقتل‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬الذي‭ ‬حاولوا‭ ‬الفرار،‭  ‬أو‭ ‬السجن‭ ‬أو‭ ‬التعذيب‭ ‬أو‭  ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بذويهم،‭ ‬واغتصاب‭ ‬أمهاتهم‭ ‬أو‭ ‬أخواتهم‭ ‬أو‭ ‬بناتهم‭.‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إكراه‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬أو‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬كشرط‭ ‬واضح‭ ‬أو‭ ‬ضمني‭ ‬لإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الرهينة‭. ‬وهذا‭ ‬الطرف‭ ‬الثالث،‭ ‬في‭ ‬حالتنا‭ ‬هذه،‭ ‬هو‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬بسط‭ ‬سيادته‭ ‬على‭ ‬الصحراء،‭ ‬وعرف‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬كيف‭ ‬يقنع‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬بعدالة‭ ‬قضيته،‭ ‬ومصداقية‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بوصفه‭ ‬حلا‭ ‬موضوعيا‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭.‬

إن‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬تعرقل‭ ‬المسار‭ ‬الأممي‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬تقوم‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعطيل‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬يقضي‭ ‬بعودة‭ ‬الرهائن‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬الأم،‭ ‬بل‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬إحراج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬برفضها‭ ‬لإحصاء‭ ‬المحتجزين‭ ‬الرهائن‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬ورفضها‭ ‬السماح‭ ‬بعودتهم‭ ‬إلى‭ ‬الوطن،‭ ‬والتنكيل‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬عبر‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬الالتحاق‭ ‬بأهله‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬أو‭ ‬السمارة‭ ‬أو‭ ‬الداخلة‭ ‬أو‭ ‬بوجدور‭ ‬وغيرها‭. ‬فهي،‭ ‬أمام‭ ‬عدم‭ ‬تحمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمسؤوليتها‭ ‬تجاه‭ ‬«الرهائن»‭ ‬لفك‭ ‬الارتباط‭ ‬القسري‭ ‬بجلاديهم،‭ ‬باتت‭ ‬تستعملهم‭ ‬كرهائن‭ ‬وكأصل‭ ‬تجاري‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬الصراع‭ ‬حول‭ ‬الصحراء،‭ ‬بل‭ ‬تستغل‭ ‬أطفالهم‭ ‬لتجنيدهم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نزاع‭ ‬مسلح‭ ‬ضد‭ ‬وطنهم‭ ‬الأم‭. ‬والأدلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬دامغة،‭ ‬وكانت‭ ‬محط‭ ‬تداول‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بجنيف‭. ‬والأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬باحتقار‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬الأممية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالرهائن،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬يحصر‭ ‬تنقل‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬الرقعة‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬قسم‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬أو‭ ‬المخابرات‭ ‬الخارجية،‭ ‬إذ‭ ‬تؤكد‭ ‬شهادات‭ ‬بعض‭ ‬للعائدين‭ ‬من‭ ‬الاحتجاز،‭ ‬أن‭  ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدينة‭ ‬جزائرية‭ ‬يخضع‭ ‬لرقابة‭ ‬شديدة،‭ ‬تتطلب‭ ‬من‭ ‬المحتجزين‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬للتطبيب‭ ‬أو‭ ‬العلاج‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬مشترك‭ ‬موقع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو‭ ‬ومخابرات‭ ‬الجزائر،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬تصريح‭ ‬التنقل‭ ‬لا‭ ‬يُمنح‭ ‬لأي‭ ‬كان‭ ‬عدا‭ ‬المحظوظين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬زعماء‭ ‬البوليساريو‭ ‬والدائرين‭ ‬في‭ ‬فلكم،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬وفق‭ ‬شروط‭  ‬تحددها‭ ‬إدارة‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭  ‬السلطة‭ ‬الفعلية‭ ‬بالمخيمات. ‬ولا‭ ‬يقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬المزروعة‭ ‬بالألغام،‭ ‬والمناطق‭ ‬المحروسة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدوريات‭ ‬العسكرية،‭ ‬يقيم‭ ‬الجيش‭ ‬الجزاىري‭ ‬نقاط‭ ‬تفتيش‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الخاص‭ ‬الذي‭ ‬يسلكه‭ ‬المسافرون‭ ‬الصحراويون‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬المدن‭ ‬الجزائرية‭. ‬

ٱن‭ ‬كل‭ ‬شروط‭ ‬«الرهائن»‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬تندوف‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬تدخلا‭ ‬صارما‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬«تنظر،‭ ‬وتكتفي‭ ‬بالنظر!»،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬لضبط‭ ‬السرعة‭ ‬مع‭ ‬«الحل‭ ‬المغربي»‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬مفتعل؛‭ ‬وهو‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬110‭ ‬دول،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬و‭ ‬إسبانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والبرتغال،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬(55‭ ‬دولة)‭.. ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬مع‭ ‬تفعيل‭ ‬الجزاءات‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬الدولية‭.  ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الرهائن،‭ ‬حسب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية،‭ ‬يفرض‭ ‬عليهم‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬قسرية،‭ ‬كما‭ ‬يتعرضون‭ ‬لسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬والتعذيب‭ ‬في‭ ‬مخافر‭ ‬الشرطة‭ ‬بتندوف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬عصابة‭ ‬البوليساريو‭  ‬التي‭ ‬يحظى‭ ‬زعماؤها‭ ‬وجلادوها‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬«الحصانة‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للسقوط»‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضهم‭ ‬يتعرض‭ ‬للقتل‭ ‬أو‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬لملاحقة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تظلمات‭ ‬الرهائن‭ ‬ضدهم‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬فالغالبية‭ ‬الساحقة‭  ‬من‭ ‬الرهائن‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬وضعف‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتطبيب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حرمانها‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬الإقامة‭ ‬والهوية‭ ‬وتمنع‭ ‬عليهم‭ ‬حُرية‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بلدهم‭ ‬المغرب‭. ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تقرير‭ ‬اللجنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬والمهاجرين،‭ ‬إلى‭ ‬جرائم‭  ‬الاستغلال‭ ‬والعنف‭ ‬الجنسي‭ ‬والتعذيب‭ ‬والتجارة‭ ‬في‭ ‬الأطفال‭ ‬ونهب‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬ترسلها‭ ‬المجموعة‭ ‬الدولية‭ ‬للمحتجزين‭ ‬الرهائن‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ .‬

‬وتمتد‭ ‬الممارسات‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬للطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الرهائن‭ ‬المغاربة،‭ ‬إلى‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات،‭  ‬إذ‭ ‬ترغم‭ ‬الفتيات‭ ‬على‭ ‬الرضوخ‭ ‬للرغبات‭ ‬الجنسية‭ ‬لمسؤولي‭ ‬البوليساريو‭ ‬مقابل‭ ‬تلبيتهم‭ ‬احتياجاتهن‭ ‬الأساسية‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬ابراهيم‭ ‬غالي‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬بتهمة‭ ‬التعذيب‭ ‬والاغتصاب‭. ‬وما‭ ‬زعيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬إلا‭ ‬نموذج‭ ‬مصغر‭ ‬لحالات‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬الجزائر‭ ‬لخدامها‭ ‬الأوفياء!
 
لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬بالفعل‭ ‬لتخرج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬الحياد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الساخن،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬لن‭ ‬يظل‭ ‬«صبورا»‭ ‬أبد‭ ‬الدهر،‭ ‬وليس‭ ‬قدرا‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬18‭ ‬ألف‭ ‬مغربي‭ ‬«يموتون»‭ ‬ببطء‭ ‬في‭ ‬«محاجز‭ ‬الجزائر»‭. ‬فهؤلاء‭ ‬مواطنون‭ ‬مغاربة،‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يسترجع‭ ‬مواطنيه،‭ ‬وأن‭ ‬يعمل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بوسعه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬افتكاكهم‭ ‬من‭ ‬الرهن،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الثمن‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬أبنائه‭ ‬بالوسائل‭ ‬العسكرية‭.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬الجزائر،‭ ‬فهل‭ ‬أخذت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إحاطة‭ ‬بذلك؟!!!

تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا