يستخلص من الخرجات الأخيرة داخل البرلمان، لنبيلة منيب أنها فعلا خارج التاريخ، وحتى الجغرافيا، فكيف لبرلمانية، يُفترض أنها تمثل الشعب المغربي داخل قبة البرلمان، أن تعبر عن افتخارها بأحداث التاريخ التي جرّت على الأمازيغ السكان الأصليين لتامزغا الويلات، بينما تتجاهل السياق الحقيقي لما تسميه “الفتوحات الإسلامية”؟
لقد أظهرت نبيلة منيب، في نشوة حماسها، تمجيداً لهؤلاء “الفاتحين”، الذين كانوا في حقيقتهم غزاة، كما تُظهر ذلك العديد من كتب التاريخ. هذه الكتب، التي تعلّمنا منها في المدارس، والتي زرعت في عقولنا الصغيرة فكرة أن الجرائم التي ارتكبها الغزاة الوافدين إلى بلاد تامزغا كانت بطولات إسلامية، في حين أن الإسلام في جوهره بريء من هذه الجرائم. وهنا، يجدر التنويه بالعمل الجريء الذي يقوم به الدكتور كلاب، الذي يعيد قراءة هذه الكتب التاريخية بموضوعية، ليكشف الوجه الآخر لهذه الأحداث التي سرقت هوية المغاربة، ونسبتهم إلى غير أجدادهم الحقيقيين.
فضائح نبيلة منيب لا تقف عند هذا الحد؛ ففي حماسها الزائد للدفاع عن أصولها العربية، ارتكبت خطأ آخر عندما حاولت تسويق وكأن مغاربة هولندا يعادون السامية، في محاولة مكشوفة لإرضاء نزعاتها الذاتية، نصرة لقضايا غير قضايانا الوطنية الاولى.
فإلصاق هذه التهمة، بطريقة غير مباشرة، بمغاربة هولندا بسبب دفاعهم المشروع عن أنفسهم وعن ممتلكاتهم، ليس سوى تلفيقاً باطلاً لا يمت للواقع بصلة، فالمغاربة، سواء داخل الوطن أو خارجه، تربطهم علاقات وطيدة ومتينة مع إخوانهم اليهود.
اليهود المغاربة في إسرائيل، الذين يشكلون نسبة مهمة من سكانها، لا يزالون يحملون ثقافة وهوية وطنهم الأم الأمازيغية، وهي ذات الهوية التي يتقاسمها معهم إخوانهم مغاربة هولندا.
الأحداث الأخيرة لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها معاداة للسامية. فقد أثبت التاريخ أن العلاقة بين الأمازيغ واليهود، في مختلف مناطق المغرب، كانت دائماً علاقة قائمة على التعايش والسلام. هذه القيم الأصيلة، التي تتجذر في الثقافة الأمازيغية، تقوم على مبادئ التسامح، الأخوة، التضامن، والتعايش السلمي. وهي قيم ترسخت في وجدان المغاربة بمختلف مكوناتهم الثقافية والدينية عبر الأجيال، وظلت تشكل ركيزة للوحدة الوطنية.