زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المغرب، واستقباله من قبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن (بتكليف من والده العاهل المغربي محمد السادس المتواجد في زيارة خاصة إلى فرنسا)، هامة ودالة على أكثر من مستوى.
- أولا، لأن الزعيم الصيني (ثاني أقوى دولة في العالم اليوم)، لم يتوقف ببلادنا توقفا تقنيا، في طريق عودته من المشاركة في قمة العشرين بالبرازيل وقمة آسيا / المحيط الهادئ (أبيك) بالبيرو. بل حرص بروتوكوليا أن يجعلها "زيارة إلى المغرب" حتى في غياب رئيس الدولة المغربي (جلالة الملك دستوريا هو رئيس الدولة). مما يعني أنها زيارة مندرجة صينيا ضمن مخطط لتعزيز التعاون الصيني الإفريقي أطلسيا عبر البوابة المغربية.
- ثانيا، أن ولي العهد المغربي استقبل رئيس دولة بالمغرب نيابة عن والده لأول مرة، بل وأجري معه محادثات بحضور رئيس الحكومة المغربية، الأمر الذي يعني بروتوكوليا أن للزيارة وزنها بين دولتين. وأنها ليست زيارة مجاملة، بل هي مقدمة لتطور منتظر ضمن صيرورة علاقات استراتيجية بين بكين والرباط منذ زيارة الدولة التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس إلى بكين سنة 2016.
- ثالثا، اتضح أن التمرين الديبلوماسي لاستقبال ولي العهد المغربي لزعيم عالمي من قيمة ومستوى الرئيس الصيني، وجه رسالة للجميع أن مؤسسات الدولة بالمغرب قوية وصلبة وأن سموه يراكم نضجا كبيرا في ممارسة دوره كولي للعهد بكل الرمزيات المصاحبة لذلك (حضورا وهدوء شخصية وكفاءة).
- رابعا، ما تم تسريبه عبر وسائل اعلام أجنبية (إسبانية بدرجة أولى)، أن زيارة الرئيس الصيني مقدمة لموقف إيجابي متقدم آت لبكين من تطورات ملف الصحراء الغربية للمغرب، مندرج ضمن رؤية جيو ستراتيجية للصين بكامل غرب إفريقيا الأطلسية، من مرتكزاته جزر الخالدات وميناء الداخلة الأطلسي الضخم بالمغرب المنتظر إطلاق العمل به قريبا..
- خامسا، اتضح جليا أن براغماتية الصين في تجسير علاقاتها الدولية، تترجمها تحركات رئيس الدولة، الذي يبني جسور التعاون مع الجغرافيات المندرجة ضمن الإهتمام الأقصى للمصلحة الصينية، المغرب جزء مركزي محوري فيها ضمن مجاله الغرب متوسطي والغرب إفريقي والأطلسي.
- سادسا، يسجل أيضا أن الرباط قارئة جيدة لتجاذب تيارات المصالح الدولية، وأنها بهدوء ورصانة، تخطو بروية (لكن بصلابة) حيث توجد مصالحها القومية العليا سياسيا واقتصاديا وأمنيا. مما يجعل الورقة المغربية وازنة ضمن حسابات القوى الدولية للقرن 21.
خلاصة الخلاصات، اللعب كبير، والرباط واضح أنها تلعب ضمن نادي كبار العالم بحنكة ديبلوماسية فاعلة. فدفتر تحملات علاقاته الدولية تغير وتطور إيجابيا، مما يفرض دفتر تحملات داخلية متجدد (بالإستتباع) يقوي أكثر من صلابة نسيج بيته الداخلي مؤسساتيا وخدماتيا وتنمويا وإنصافا مجاليا وحماية هوياتية.