كان طلبة كلية أصول الدين بتطوان، من خلال نادي اللغات والتواصل الحضاري، على موعد آخر من إشعاع كليتهم. فقد احتضنت قاعة اللغة الإسبانية مساء يوم الثلاثاء 19نونبر 2024، فعالية تندرج في عمق أصالة قيم المغاربة الدينية والإجتماعية. يتعلق الأمر بتكريم طلبة النادي للدكتور محمد ابن حدو، أستاذ زائر للغة الإنجليزية، درس في السنة الماضية طلبة شعبة اللغات والثقافة والتواصل، الترجمة والثقافة، أقعدته ظروفه الصحية عن مواصلة تدريسهم.
لقد أراد النادي ومعه رئيسة الشعبة، الدكتورة حنان المجدوبي، أن يكون تكريم الأستاذ ابن حدو، مفاجأة له ولزوجته إخلاص الحسوني، أستاذة اللغة الفرنسية بذات الكلية. ولذلك "تواطأ" طلبته ورئيسة الشعبة على تحقيق هدف المفاجأة. وحتى تواجد موقع قاعة اللغة الإسبانية خارج "هلال"/دائرة قاعات الدراسة والمدرجات والإدارة، واختيار النادي لها لإقامة هذا النشاط، قد ساهم في حجب الانتباه إلى حركة طلبة النادي في الإعداد لهذا العمل"السري"،حتى يتم الحفاظ على عنصر المفاجأة. ومن باب البسط مع رئيسة الشعبة، فقد نُعتت من طرف زملائها، ب"النصب والاحتيال" في استقدام/استدراج الأستاذ ابن حدو وزوجته للكلية، في هذه العملية الإنسانية النبيلة والمحمودة.
العميد ومنسق نادي الطلبة ورئيسة الشعبة يسلمون درع التكريم للأستاذ ابن حدو
ولعل هذه الروح المرحة في التعاطي مع طريقة الإعداد في التكريم، ستجعلنا في باب التفاعل، نخرج في هذه المتابعة عن طور الحياد، انزيد في القصيدة بيتا، فنقول من جانبنا: نعم "النصب" هذا، في استقدام الزهاد المتعففين، لمقام العرفان بخدماتهم.
لكن لا بد - في مناخ هذه الدعابة - من رأي/فتوى من لهم من أساتذة الكلية، صفة رؤساء وأعضاء المجالس العلمية، في وسيلة هذا "النصب" الجميل، في معراج مقصد الوفاء لمن نذروا أنفسهم للرحمن في باب الإخلاص في العمل، وكذا لتخصيب روح التشبث بالحياة في مقاومة المرض!.
في قاعة هذا الحفل، وقد أريد لبابها أن يظل مغلقا، لإحكام عنصر المفاجأة، كان طلبة النادي، ورئيسة الشعبة، وعميد الكلية، ونائبه المكلف بالتكوين، والكاتب العام للكلية، وبعض رؤساء الشعب ومنسقوها، وبعض الأساتذة، في انتظار إطلالة ابن حدو وزوجته. وما أن فتحا الباب ،حتى كانت الورود في استقبالهما والتصفيقات،وحتى الدموع..
طلبة نادي اللغات والتواصل يسلمون شهادة تقديرية للأستاذ ابن حدو
وبعد سلام الحاضرين على المحتفى به وزوجته، تمت مشاهدة شريط، ضم شهادات متعددة لطلبته، باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية، أجمعت على التنويه والإشادة بمجهوداته وأسلوبه المتميز في التواصل، مع الدعاء له بموفور الصحة والعافية..
ثم تناول الكلمة عميد الكلية الدكتور عبد العزيز رحموني؛حيث وقف عند دلالة هذه البادرة التي تدل من جهة، على العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الطالب والأستاذ. وهي العلاقة التي رأيناها في تراث علمائنا الأجلاء. وتدل من جهة أخرى، على العلاقة التي تربط الأستاذ والأخ الكريم ابن حدو بطلبته. وهي علاقة تعود المعرفة بها منذ التحاقه بالكلية، فهو الأستاذ المحبوب والخلوق والقريب من طلبته، والذي يؤدي عمله بإخلاص وأمانة، ويجيد طريقة التعامل معهم، ومع باقي محيطه في التدريس. كما لم يفت عميد الكلية التذكير بأن الأستاذ ابن حدو، بالرغم من كونه أستاذ التعليم العالي، فقد تابع دراسته بكلية أصول الدين، وهو أستاذ زائر بها، كطالب منضبط متواضع، كان فيمن تولى تدريسه، أساتذة دون رتبته الجامعية. فتكريمه اليوم هو تكريم لجده وعلمه وعمله وتواضعه.فهو الأستاذ القدوة.ثم حيى زوجته "الأستاذة المجاهدة".ودعا له بالصحة والعافية.
عقب ذلك، تناول الكلمة الدكتور أحمد الفراك، رئيس شعبة سابق باسم الأساتذة، محتفيا بالرجل الذي قال فيه: أحببناه واستقبلناه بالدموع والفرحة. دخل الكلية بقلب مفتوح، أستاذا وطالبا وزوجا. ودعا له ولزوجته بالبركة في أبنائهما ودوام المودة بينهما، وبالصحة والعافية.
ثم تناولت الكلمة، الدكتورة أمال زميتة،أستاذة الفرنسية في مادة التواصل والعولمة، فعبرت عن شعور الفخر والاعتزاز بهذا الجو العائلي وبروح التآزر وثقافة الاعتراف، وشكرت الطلبة على هذه المبادرة، وتمنت الصحة والعافية للأستاذ المحتفى به.
أما رئيسة الشعبة الأستاذة المجدوبي، فعبرت عن عجز اللسان، عن الوفاء بحق الأستاذ بنحدو، وشكرت طلبة نادي اللغات على هذه الالتفاتة الإنسانية، التى أرادوها أن تكون مفاجئة، وكذلك كان. ودعت للمحتفى به بالصحة والعافية.
كما تناول الكلمة الطالب إلياس التاغي، منسق نادي اللغات والتواصل، فاعتبر هذا التكريم يحمل عنوان ثقافة الاعتراف، وأن الأستاذ ابن حدو، قد جسد في تعامله معهم، قيم الخير والاجتهاد. وكان له الفضل الكبير عليهم، حيث سأل الله أن يبارك في علمه وصحته.
وتحدث كذلك الطالب مصطفى المرابط، حيث اعتبر أن الأستاذ بنحدو كان مرشدا وملهما للطلبة، فتح لهم آفاقا في تمثل عالم ووظيفة الترجمة. ودعا له هو الآخر بموفور الصحة والعافية.
ثم قدم له منسق النادي وعميد الكلية ورئيسة الشعبة درع التكريم.وقدم له طلبة النادي شهادة تقديرية.وقدم له الأساتذة هدية رمزية.
الأستاذ بنحدو في كلمته، عبر عن سعادته بالتفاتة طلبته، والتي مثلت مفاجأة له..حيث قضى معهم سنة، كانت كلها عطاء وبطريقة تشاركية، وكانت تجربة ناجحة، وشكر أساتذة الكلية، وكل من ساهم في هذه اللحظة المؤثرة جدا، والتي لن ينساها.
عقب ذلك كان هناك حفل شاي، وجلسة أخرى وبطعم آخر معه في تجاذب الحديث والذكريات.
للإشارة فالأستاذ ابن حدو من مواليد طنجة 1950،حاصل على شهادة الإجازة في الإنجليزية وآداباها من كلية الأداب والعلوم الإنسانية بالرباط1979، وعلى دبلوم الدراسات العليا في الترجمة واللسانيات من جامعة باث ببريطانيا 1983، وعلى الدكتوراه Ph.D من جامعة سالفورد ببريطانيا 1991.
كذلك حاصل على الإجازة من كلية أصول الدين 2017، والماستر في الدراسات الإسلامية من كلية الآداب بمرتيل 2021. وهو الآن بصدد إنجاز دكتوراه بعنوان:نحو تأسيس معايير لتقييم جودة ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية.
عمل أستاذا للإنجليزية بكلية الآداب بمرتيل، ورئيس الشعبة بها، ومديرا مساعدا لمدرسة الملك فهد العليا للترجمة. وشغل رئيس تحرير مجلة OFFSHOOT. كما كانت له دراسات حول الترجمة والتأويل وخطاب الغيرية، وصورة المغرب في الكتابات الإنجليزية...
وبالنسبة لعلاقته بكلية أصول الدين، فقد تولى الإشراف على مشروع تدريس اللغة الإنجليزية بها منذ 1998. وبهذا التكريم يكون طلبة نادي اللغات والتواصل الحضاري، قد صرفوا من خلال النادي اعتراف الكلية بجميل الأستاذ بنحدو. كما أبانوا من خلال شعبتهم الفتية التي ينتمون إليها، عن انفتاح هذا الكلية العتيدة، وهو الانفتاح الذي يمثل جانبا مهما من استحقاقات العهد الجديد .