دمج‭ ‬الكنوبس‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭..‬ زلزال ينسف قلاع الحماية الاجتماعية

دمج‭ ‬الكنوبس‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭..‬ زلزال ينسف قلاع الحماية الاجتماعية هل‭ ‬ستنخرط النقابات ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬احتجاجية‭ ‬موحدة‭ ‬رافضة‭ ‬لأي‭ ‬مخطط‭  ‬يجهز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة المغربية؟
على‭ ‬قدم‭ ‬وساق،‭ ‬وبقدر‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬المكتسبات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وعلى‭ ‬الحوار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمقاربة‭ ‬التشاركية‭ ‬في‭ ‬إقرار‭ ‬القوانين،‭ ‬تحث‭ ‬الحكومة‭ ‬الخطى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمرير‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬54.23‭ ‬القاضي‭ ‬بإعدام‭ ‬"الكنوبس"‭  ‬ودمجه‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬رغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدمج،‭ ‬وتأثيراته‭ ‬على‭ ‬المنخرطين‭ ‬والموظفين‭ ‬والعمال‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬المتغولة‭ ‬بعدد‭ ‬برلمانييها،‭ ‬وبضعف‭ ‬المعارضة‭ ‬الحزبية‭ ‬وضمور‭ ‬الممانعة‭ ‬السياسية‭ ‬لدى‭ ‬الأحزاب‭ ‬والجمعيات،‭ ‬والصمت‭ ‬المريب‭ ‬لجل‭ ‬النقابات،‭ ‬وبشعورها‭ ‬القوي‭ ‬بأنها‭ ‬مالكة‭ ‬النهي‭ ‬والأمر‭ ‬مركزيا‭ ‬وإقليميا‭ ‬وجهويا‭ ‬ومركزيا،‭ ‬لا‭ ‬تعير‭ ‬اهتماما‭ ‬لأي‭ ‬صوت‭ ‬آخر‭ ‬عدا‭ ‬صوت‭ ‬«الإجهاز»‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬«روح‭ ‬الدستور»‭ ‬و«السلم‭ ‬الاجتماعي»‭.‬
 
لقد‭ ‬عبرت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عدة‭ ‬(استغلال‭ ‬ظرف‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية‭ ‬لمحاولة‭ ‬فرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع)،‭ ‬عن‭ ‬سعيها‭ ‬لتمرير‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بشكل‭ ‬أحادي،‭ ‬ودون‭ ‬مراعاة‭ ‬مبادئ‭ ‬الشراكة‭ ‬والحوار‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مؤسسة‭ ‬لتبادل‭ ‬الآراء‭ ‬والتوافقات‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬"الثقة"‭ ‬اللازمة‭ ‬في‭ ‬مكوناتها‭ ‬لإقناع‭ ‬الشركاء‭ ‬بقوانين‭ ‬تعرف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬أنها‭ ‬قوانين‭ ‬«لاشعبية»،‭ ‬ولا‭ ‬تهدف‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬«إشكالات»‭ ‬مالية‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬«الضمان‭ ‬الاجتماعي»‭ ‬بصنع‭ ‬إشكالات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الموظفون‭ ‬والعمال‭ ‬والطلبة‭ ‬هم‭ ‬ضحاياها‭ ‬الأوائل‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬علمتنا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬إلا‭ ‬لتأخذ‭ ‬أكثر،‭ ‬ولا‭ ‬تسخو‭ ‬إلا‭ ‬لتعمق‭ ‬الفوارق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتضرب‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬ولا‭ ‬تصنع‭ ‬قانونا‭ ‬إلا‭ ‬لتنهب‭ ‬الجيوب‭ ‬وتسطو‭ ‬على‭ ‬المكتسبات‭.‬
 
إن‭ ‬الإجهاز‭ ‬على‭ ‬«الكنوبس»‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬اختارته‭ ‬الحكومة‭ ‬يشير‭ ‬في‭ ‬نهجه‭ ‬وطبيعته‭ ‬إلى‭  ‬ما‭ ‬يلي:
 
أولا‭:‬‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تحتقر‭ ‬باقي‭ ‬الشركاء‭ ‬فقط‭ ‬«الأحزاب‭ ‬والنقابات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المعنية»،‭ ‬بل‭ ‬تحتقر‭ ‬الدستور‭ ‬وتتعامل‭ ‬معه‭ ‬بوصفه‭ ‬نصا‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬إلا‭ ‬لحالات‭ ‬الطوارئ‭. ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تقفز‭ ‬على‭ ‬مسطرة‭ ‬إعداد‭ ‬النصوص‭ ‬التشريعية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المسطرة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬تقني‭ ‬ضيق،‭ ‬يحصر‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬«فرض»‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬بدل‭ ‬إعداده‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬الخبراء‭ ‬والفرقاء،‭  ‬وحتى‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة،‭ ‬إلى‭ ‬مناقشته‭ ‬وإبداء‭ ‬الملاحظات‭ ‬حوله،‭ ‬قبل‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬مجلسي‭ ‬البرلمان،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الحكومة‭ ‬مطمئنة‭ ‬إلى‭ ‬«أغلبيتها‭ ‬العددية»،‭ ‬وإلى‭ ‬تبعية‭ ‬الثلاثي‭ ‬الحزبي‭ ‬«الأحرار،‭ ‬البام،‭ ‬الاستقلال»‭ ‬لسياساتها‭.‬
 
ثانيا‭:‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدمج‭ ‬الذي‭ ‬تصر‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬يعتبر‭ ‬«تحايلاً‭ ‬مكشوفًا»‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬ومكتسبات‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬«الكنوبس»،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬وتعريضهم‭ ‬لخطر‭ ‬الاستغلال‭ ‬المالي‭ ‬بسبب‭ ‬أي‭ ‬عجز‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي‭.‬
 
ثالثا‭:‬‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تلعب‭ ‬بالنار،‭ ‬لأنها‭ ‬بدأت‭ ‬تستسيغ‭ ‬«إبداع»‭ ‬الحلول‭ ‬لأزمتها‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين‭ ‬ومكتسباتهم‭ ‬ومدخراتهم‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تمرر‭ ‬مشاريع‭  ‬قوانينها‭ ‬بدون‭ ‬إشراك‭ ‬حقيقي‭ ‬للمنخرطين‭ ‬أو‭ ‬ممثليهم،‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬واضح‭ ‬لمبادئ‭ ‬الشفافية‭ ‬والحوار‭ ‬الاجتماعي‭.  ‬وما‭ ‬لجوؤها‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التهريبية‭ ‬سوى‭ ‬للتغطية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬عجز‭ ‬مالي‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬«أمو‭ ‬تضامن»،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬انتظام‭ ‬أداء‭ ‬اشتراكات‭ ‬منخرطي‭ ‬صندوق‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الكنوبس‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬انتظامًا‭ ‬واستدامة‭ ‬بفضل‭ ‬اقتطاعاته‭ ‬من‭ ‬المصدر‭.‬
 
إن‭ ‬دمج‭ ‬«الكنوبس»،‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتتبعين،‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬الفوائد‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬المستفيدين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ضرب‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬الدمج‭ ‬سيمس‭ ‬باستدامة‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يستفيدون‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬«الكنوبس»‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬يقتضي‭ ‬«الحوار‭ ‬الاجتماعي»‭ ‬الحقيقي‭ ‬توضيح‭ ‬مصير‭ ‬حوالي‭ ‬3.1‭ ‬مليون‭ ‬مستفيد‭ ‬من‭ ‬التعاضديات‭ ‬التابعة‭ ‬«للكنوبس»‭.‬
 
لقد‭ ‬نص‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬إلى‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مجموع‭ ‬الأصول،‭ ‬والخصوم،‭ ‬ومجموع‭ ‬الأرصدة‭ ‬المودعة‭ ‬في‭ ‬الحسابات‭ ‬البنكية،‭ ‬وكذا‭ ‬مرجوعات‭ ‬التعويضات‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬المرض‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬الإجباري‭ ‬الأساسي‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬وأنظمة‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬الأساسية‭ ‬الأخرى‭ ‬المدبرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬لمنظمات‭ ‬الاحتياط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬الممتلكات‭ ‬العقارية‭ ‬لـ‭ ‬«كنوبس»‭. ‬وهذا،‭ ‬يعني‭ ‬وضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬ملايير‭ ‬الدراهم‭ ‬التي‭ ‬ستؤول،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬لصالح‭ ‬لوبيات‭ ‬التأمين‭ ‬والمصحات‭ ‬الخاصة،‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬لا‭ ‬تستحوذ‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬6%‭  ‬فقط‭ ‬من‭ ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬الصحي،‭ ‬وتتعرض‭ ‬لمنافسة‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭  ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬تعبئة‭ ‬مبكرة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتحول‭ ‬خطوة‭ ‬الدمج‭ ‬إلى‭ ‬حصاة‭ ‬في‭ ‬حذاء‭ ‬أي‭ ‬مقاربة‭ ‬اجتماعية‭ ‬لملف‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الإمعان‭ ‬في‭ ‬«تشحيم‭ ‬المعلوف»‭ ‬كما‭ ‬يقال‭.‬
 
إن‭ ‬وضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬«الكنوبس»‭ ‬وإنهاء‭ ‬«النظام‭ ‬التعاضدي»،‭ ‬رغم‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬أبرمته‭ ‬الحكومة‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التعاضديات‭ ‬دون‭ ‬الأخرى،‭ ‬كفيل‭ ‬بزلزلة‭ ‬قلعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬قلاع‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تطرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬القانون،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬كتحصيل‭ ‬حاصل‭ ‬وأمر‭ ‬واقع،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يرضخ‭ ‬له‭ ‬الجميع‭ ‬أمام‭ ‬صمت‭ ‬مسبق‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الوساطة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الأحزاب‭ ‬والنقابات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬صمت‭ ‬مجالس‭ ‬الحكامة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المجلس‭  ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي،‭ ‬ومجلس‭ ‬المنافسة؛‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬التساؤلات:
 
إذا‭ ‬تمت‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الدمج‭ ‬بين‭ ‬الصندوقين،‭ ‬كيف‭ ‬ستتم‭ ‬عملية‭ ‬الاقتطاع،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الاقتطاعات‭ ‬متباينة،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬يقتطع‭ ‬له‭ ‬2.5 % بالنسبة‭ ‬للكونبس،‭ ‬و2.6 % بالنسبة‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي؟
 
لماذا‭ ‬اختارت‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بسرية‭ ‬تامة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬دون‭ ‬إدماج‭ ‬باقي‭ ‬الفاعلين‭ ‬السياسيين‭ ‬والاجتماعيين‭ ‬والخبراء؟‭ ‬وماذا‭ ‬كانت‭ ‬ستخسر‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬اختارت‭ ‬المقاربة‭ ‬التشاركية؟‭ ‬هل‭ ‬السبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬التخوف‭ ‬أم‭ ‬إلى‭ ‬التغول؟
 
هل‭ ‬قرار‭ ‬الدمج‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬وآليات‭ ‬ملموسة‭ ‬لإعادة‭ ‬التوزيع‭ ‬وخلق‭ ‬نظام‭ ‬شامل‭ ‬وموحد‭ ‬لبناء‭ ‬التضامن،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاقتطاع‭ ‬العادل،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬«الأثرياء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يتلقون‭ ‬الرعاية‭ ‬اليوم،‭ ‬والأغنياء‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يدفعون‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن»،‭ ‬بتعبير‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬عدنان،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬«للكنوبس»؟
 
هل‭ ‬تكتفي‭ ‬التعاضيات‭ ‬بالإذعان‭ ‬لـ‭ ‬«الضمانات‭ ‬الحكومية»‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬امتيازاتها،‭ ‬والقبول‭ ‬بالصيغة‭ ‬الحالية‭ ‬للمشروع،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬ستضحي‭ ‬بمنخرطيها‭ ‬مقابل‭ ‬«الفتات‭ ‬الحكومي»‭ ‬و«أمصال‭ ‬إطالة‭ ‬العمر‭ ‬والبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬المنافع‭ ‬المادية»؟‭ ‬
 
هل‭ ‬ستنخرط‭ ‬المركزيات‭ ‬النقابية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬احتجاجية‭ ‬موحدة‭ ‬رافضة‭ ‬لأي‭ ‬مخطط‭  ‬يجهز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة؟‭ ‬وهل‭ ‬بوسع‭ ‬هذه‭ ‬النقابات‭ ‬أن‭ ‬تضغط‭ ‬بكل‭ ‬ثقلها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسقاط‭ ‬هذا‭ ‬المشروع؟
 
لماذا‭ ‬تبدو‭ ‬الأحزاب،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬وخارجه،‭ ‬مكممة‭ ‬الأفواه،‭ ‬وعاجزة‭ ‬عن‭ ‬إحداث‭ ‬الفارق‭ ‬أمام‭ ‬احتكار‭ ‬الحكومة‭ ‬للتشريع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬دون‭ ‬إشراك‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬الأخرى؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالتفرج‭ ‬عوض‭ ‬إنزال‭ ‬النقاش‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬وتعبئة‭ ‬الإعلام،‭ ‬وتنظيم‭ ‬الندوات‭ ‬والموائد‭ ‬المستديرة‭ ‬والأيام‭ ‬الدراسية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضاءة‭ ‬الحقائق‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع؟
 
تؤكد‭ ‬الحكومة‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬المساس‭ ‬بمكتسبات‭ ‬الشغيلة،‭  ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تضحي،‭ ‬أيضا،‭ ‬بمصالح‭ ‬6000‭ ‬موظف‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬«الكنوبس»،‭ ‬وأنها‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬دمجهم‭  ‬وإخضاعهم‭ ‬لعملية‭ ‬إعادة‭ ‬الانتشار،‭ ‬مع‭ ‬احتفاظهم‭ ‬بالامتيازات‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬يحصلون‭ ‬عليها‭ ‬حاليا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬النية‭ ‬اتضح‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬«اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الدمج»‭ ‬وصياغة‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬المتدخلين،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬مدير‭ ‬«الكنوبس»‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يستشر‭  ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الدمج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬النقابات‭ ‬والتعاضديات‭ ‬والأحزاب‭. ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬اختارت‭ ‬الطريق‭ ‬الخطأ‭ ‬لتمرير‭ ‬قرار‭ ‬الدمج؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬سبل‭ ‬إرغام‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬الحوار؟‭ ‬
 
إن‭ ‬توحيد‭ ‬الصفوف‭ ‬وخلق‭ ‬جبهة‭ ‬نضالية‭ ‬مشتركة‭ ‬للمواجهة‭ ‬هو‭ ‬الحل‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬الحقيقي‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬الأحزاب‭ ‬والنقابات‭ ‬من‭ ‬السماسرة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يترددون‭ ‬في‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالمكتسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬باسم‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن
رابط العدد هنا