عبد الواحد زيات: رفيسة بنسعيد.. طبخة إدارية ثقيلة على ميزانية متواضعة لوزارة الثقافة والشباب والتواصل

عبد الواحد زيات: رفيسة بنسعيد.. طبخة إدارية ثقيلة على ميزانية متواضعة لوزارة الثقافة والشباب والتواصل عبد الواحد زيات

في خضم التحديات التي تواجهها بلادنا على مستوى تعزيز الحكامة الجيدة و النجاعة وترشيد النفقات ووسط تطلعات المواطنين والشباب على الخصوص إلى مستقبل التجديد والتغيير في العقليات، نجد أنفسنا أمام لغز محير: كيف لوزارة الثقافة والشباب والتواصل، أن تشيد كل هذه القلاع الإدارية المتعددة والمتفرقة وهي تنتمي لذات قطاع واحد ينبغي أن يتم تدبيره برؤية إدارية موحدة واستراتيجية مندمجة ومتكاملة تستوعب الهدف والجدوى والغاية من تجميع هذا القطاع الحكومي بين مكون الثقافة والشباب والتواصل ليكون قطاع تتحقق فيه رؤية الانسجام والتكامل والالتقائية.

 

إلا أن واقع الأمر يكشف خلاف ذلك حيث كان يفترض في الوزير بحكم مسؤوليته الحكومية أن يكون أشد الاشخاص حرصا على حماية المال العام من هذا التضخم الإداري الذي يستنزف الكثير من الأموال التي يمكن أن تنصرف لتقوية البرامج الموجهة للشباب وللثقافة وللتواصل وفق وصفة متكاملة ولمسة سياسية تظهر براعة الوزير في التدبير الاستراتيجي وليس في التشتيت الاستراتيجي الذي يخدم المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة للارتقاء بالقطاع الحكومي ليكون رافعة للشباب والثقافة والاعلام بالمغرب.

 

وزارة بدل أن تكون حاضنة للإبداع والتغيير، تحولت إلى عبء إداري ثقيل على كاهل دافعي الضرائب؟ إن الصورة التي ترسمها لنا هذه الوزارة تشبه إلى حد كبير طبق الرفيسة المغربية، طبخة شهية لكنها تتحول إلى عبء ثقيل إذا ما زيد في مكوناتها وتضاعفت كميتها وتفتيت الكثير من الرغيف.

 

وزارة الثقافة والشباب والتواصل، تحت قيادة الوزير المهدي بنسعيد، تعاني من تضخم إداري غير مبرر. تعدد الكتاب العامون والمفتشون العامون والمدراء داخل هيكل، قطاع الشباب وقطاع الثقافة وقطاع التواصل تصبح الوزارة مثقلة أيضا بجيش من المدراء، وكأننا أمام مؤسسة ضخمة لأحد أكبر الشركات في الصين الشعبية ذات الفروع العابرة للقارات، وليس وزارة الشباب والثقافة. هذا التضخم الإداري يؤدي إلى تشتت الجهود وتضارب الصلاحيات، مما يعيق العمل ويقلل من الكفاءة.

 

فكل قطاع من قطاعات الوزارة يمتلك إدارته الخاصة، وكأنه كيان مستقل، مما يزيد من البيروقراطية ويؤخر اتخاذ القرارات. هذا التعدد في الإدارات يؤدي إلى تضخم في النفقات، فكل كاتب عام ومفتش عام وعرمرم المدراء يحتاجون إلى مساعدين كتابات خاصة وسيارت وسكن او تعويض عن السكن إلى جانب تعدد رؤساء الاقسام وغيرها، وكأننا الهندسة الحكومية جمعت القطاعات الحكومية لتكون وزارات داخل وزارة وتصبح الوزارة برؤس متعددة لعدة مسؤولين يدبرون القطاع الحكومي من عدة زوايا ويسهرون على تشتيته أكثر.

 

 

هذا التضخم الإداري تترتب عنه منح عدة امتيازات لا مبرر لها، بدءاً من السكن وصولا إلى السيارات التي تستنزف جزءا كبيرا من ميزانية الوزارة، لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ولا تساهم في تحقيق أهداف الوزارة.

 

إن تفتيت المهام وتضارب الصلاحيات بين مختلف الإدارات داخل الوزارة يؤدي إلى إبطاء وتيرة العمل، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف المسطرة. فبدلا من أن تعمل الوزارة كمكون متماسك لتحقيق رؤية مشتركة، نجد أن كل قطاع يسير في اتجاه مختلف، مما يضعف من تأثيرها.

 

كان من المفترض أن تكون وزارة الثقافة والشباب والتواصل حاضنة للإبداع والتغيير، وأن تساهم في تنمية المواهب الشابة، والطفولة المغربية وتعزيز الهوية الثقافية المغربية. ولكن مع هذا التضخم الإداري والتبديد للمال العام، أصبحت الوزارة عائقا أمام تحقيق هذه الأهداف النبيلة.

 

إن معالجة مشكلة التضخم الإداري في وزارة الثقافة والشباب والتواصل تتطلب إرادة سياسية قوية، وتطبيق مجموعة من الإصلاحات الجذرية التي ينبغي ان يتحمل فيها رئيس الحكومة المسؤولية السياسية بإنهاء هذا التضخم الإداري داخل هكذا وزارات وتجميع المهام والمسؤوليات المتشابهة تحت إدارة واحدة، لتقليص البيروقراطية وترشيد النفقات توجيه هذه الأموال إلى مشاريع تعود بالنفع على المواطنين والشباب والطفولة والعمل على مراجعة القوانين والمراسيم وتحديثها لإيقاف هذا التضخم الإداري المبالغ فيه وزارة الثقافة والشباب والتواصل نموذجا .