هشام زوبير: إخضاع مالية 2025 للتعويض الناتج عن الاعتداء المادي للضريبة 

هشام زوبير: إخضاع مالية 2025 للتعويض الناتج عن الاعتداء المادي للضريبة  هشام زوبير
إخضاع مشروع قانون  المالية 2025 للتعويض الناتج عن الاعتداء المادي للضريبة بين مسوغ توسيع الوعاء الضريبي ومحاربة الاجتهاد القضائي 
 
في اجتهادي قضائي لمحكمة النقض بتاريخ 24/9/2020 في الملف الإداري رقم 440/4/2/2020 والذي أقرت فيه بمبدأ لا ضريبة إلا بنص ولا توسع في تفسير النصوص الجبائية لتشمل فئة من الملزمين لم يشملهم النص صراحة، وأن استناد المديرية العامة للضرائب في فرض الضريبة على التعويض الناتج عن الاعتداء المادي على المادة 61 من المدونة العامة للضرائب غير مرتكز على أساس قانوني سليم حيث ان المادة المذكورة نصت على أن التعويض عن نزع الملكية كأحد الوقائع المنشئة للضريبة على الدخل-الأرباح العقارية- ولم تشمل التعويض على الاعتداء المادي.
 
وتتلخص وقائع قرار محكمة النقض المذكور على أن الملزم لم يقم ببيع العقار موضوع الفرض الجبائي وإنما تعرض هو والملاك لاعتداء مادي من طرف الإدارة واستصدروا حكما عن القضاء الإداري قضى بتعويضهم عن الاعتداء المادي على عقارهم وانه تم ابرام عقد مع الإدارة المعتدية تضمن أنه ناتج عن الاعتداء المادي، غير ان إدارة الضرائب رفضت ذلك وعملت على توقيع حجز بين يدي البنك بمبلغ 288.407 درهم وحولته لفائدتها.
 
وفي ظل تنامي الأحكام الصادرة ضد الإدارة العمومية في قضايا التعويض حوالي 6,9 مليار درهم مطالب بها تم الاستجابة منها لحوالي 3,12 مليار درهم ومن بين هذه الدعاوى نجد قضايا الاعتداء المادي وذلك بحسب تقرير صادر عن الوكالة القضائية للمملكة برسم سنة 2022.
 
وبالتالي أمام حجم المبالغ المحكوم بها في قضايا الاعتداء المادي جعل من إدارة الضرائب غير قادرة على تضريب هذا النوع من الدخول الاستثنائية. فما كان منها إلا أن تقوم بتضمين مقتضيات جديدة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 على مستوى المادة 61 من المدونة العامة للضرائب كما جاء في المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية أنه "في إطار توضيح وتحسين مقروئية النصوص الجبائية من أجل تقليص الاختلاف في تأويلها، يقترح توضيح مبدأ فرض الضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية المحققة على إثر نزع الملكية عن طريق الاعتداء المادي أو عن طريق أي نقل للملكية بمقتضى قرار قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به".
 
ويهدف هذا التدبير إلى تكريس مبدأ العدالة الجبائية في حالة نقل ملكية عقار، كيفما كانت مسطرة هذا النقل تعاقدي أو عن طريق القضاء، وذلك لتجنب الاختلافات في التأويل والمنازعات.
 
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن نقل الملكية بمقتضى قرار قضائي يشمل، بالإضافة إلى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وعن طريق الاعتداء المادي حالات أخرى كالشفعة وبيع الصفقة والبيع بالمزاد العلني الحجز والخروج من الملكية المشتركة وغيرها.
 
وعلاوة على ذلك، اقترح مشروع قانون المالية إحداث إلزامية الحجز من المنبع للضريبة على التعويضات الممنوحة في هذا الإطار من طرف الهيئة التي تتدخل في أداء هذه التعويضات مع إمكانية استنزال المبلغ المحجوز في المنبع من الضريبة المستحقة ومع الحق في الاسترجاع.
 
وعليه فإن هذا المقتضى التشريعي يطرح مجموعة من الملاحظات:
ـ أن العقار موضوع التضريب في إطار الاعتداء المادي لم ينصب على دخل أو ربح عقاري الذي يجب أن يكون ناتجا عن تعاقد رضائي وانما انتزع دون سلوك المسطرة المنصوص عليها بموجب القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت وبالتالي يعتبر تنازل من طرفها عن الامتيازات التي يخولها والتي من بينها تضريب التعويض المحكوم به.
 
ـ أن هذا المقتضى يتعارض مع المادة 8 مكررة من قانون المالية لسنة 2020 تنص على أن: لا يمكن للآمر بالصرف أو من يقوم مقامه، في إطار الاعتمادات المفتوحة بالميزانية العامة وبميزانيات الجماعات الترابية ومجموعاتها، أن يلتزم بأي نفقة أو إصدار الأمر بتنفيذها لإنجاز مشاريع استثمارية على العقارات أو الحقوق العينية بالاعتداء المادي ودون استيفاء المسطرة القانونية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت
 
ـ أن الاجتهاد القضائي وخاصة القضاء الإداري باعتباره مصدر من مصادر خلق القواعد القانونية إلى جانب المصادر الأخرى، والضامن لحقوق الافراد وحرياتهم، وأن من شأن تضمين مشروع قانون المالية بمقتضى كهذا أن يفقد مفهوم الامن القانوني والقضائي كمبدأ ذي قيمة دستورية معناه ومبناه.
 
 ـ بل الأكثر من ذلك أن هذا المقتضى يشكل تقزيما لدور القضاء المستقل دستوريا وينقض من كل مبادرات الاجتهاد من طرف القضاة
 
 ـ  أن هذا المقتضى من شأنه تشجيع الإدارة على الاعتداء المادي في انجاز المشاريع العمومية 
 
ـ من غير العدل ان يتعرض الشخص المعتدى على عقاره للضرر مرتين، المرة الأولى بنزع عقاره غصبا دون احترام المسطرة القانونية، والمرة الثانية بفرض الضريبة على تعويض يقابل قيمة العقار المغتصب دون إرادة المعنى والذي تحمل فيه المعني مبالغ كان في غنى عنها من تكليف محامي ومصاريف التقاضي والتبليغ والخبرة والتنقل لحضور الجلسات.
 
إن الامن القانوني للأفراد يستقيم من خلال عدم فرض الضريبة على تعويض ناتج عن عمل غير مشروع.
هشام زوبير، أستاذ محاضر في القانون العام بكلية الحقوق- أكدال الرباط