رضوان عبابو: صرخة المحاماة.. "بعيدا عن التفاصيل"

رضوان عبابو: صرخة المحاماة.. "بعيدا عن التفاصيل" رضوان عبابو
في البدء تحية عالية للسيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب وللسادة أعضاء مكتب الجمعية ولكل مؤسساتنا المهنية نقباء مجالس وجمعيات عمومية..وهنيئا لنا هذه الروح الوحدوية وهذا الالتزام المبدئي وهذا النفٓسُ المهني والحقوقي المتجدد.

لاشك أن المحامين المغاربة مستوعبون جيدا للظروف الإقليمية والدولية وللقضايا المصيرية التي يعرفها بلدنا، ومدركون للظروف السياسية والحقوقية ولجميع الرهانات والانتظارات والتحديات التي تنتظرنا.

ولاشك أن دقة المرحلة تفرض على الجميع اليقظة الكاملة والتحلي بروح المسؤولية .
وروح المسؤولية إن كانت تفرض الحكمة والروية والتبصر فإنها في نفس الوقت تفرض التزاما بضرورة التصدي بالنقد البناء لكل الانحرافات الممكنة أيا كان مصدرها.

وفي هذا الإطار فإن خروج المحامين بموقف قوي في هذا الظرف الدقيق الذي يأتي مباشرة بعد تعيين الحكومة المغربية في نسختها الثانية...

وظهور بوادر الاستمرار في فرض النظرة الأحادية وعدم إشراك المعنيين بالأمر في كل المجالات والقطاعات أوالإشراك الصوري لهم..

وظهور نزعة تفكيكية للمؤسسات الوسيطة (أحزاب سياسية جادة نقابات مهنية منظمات المجتمع المدني الملتزمة..) والإمعان في سحق كل ذي رأي مخالف..

كل هذا ينبئ بتشكل منهج ( لا أريكم إلا ما أرى)..

جعل دق ناقوس الخطر أمرا ضروريا ومحتوما خاصة حين أصبح التهديد يمس مجال العدالة .
 
إن معركة المحامين اليوم هي في الأول والأخير معركة ضد منهج في التسيير والتدبير الذي قد يفضي إلى عودة مرحلة نعتبر أننا قطعنا معها أو حاولنا بكل جدية ذلك.

معركة المحامين ليست فئوية ضيقة كما يحاول البعض تصوير ذلك وهذا يعلمه جيدا الراسخون في فهم جوهر القضية إنها معركة تتجاوز التفاصيل..

ولعل ما ورد في مشاريع قوانين المسطرة المدنية والجنائية وغيرها من مقتضيات أخرى هو بمثابة محاولة للسيطرة على العدالة عبر "تركيز ومركزة القرار " والاستفراد بالرأي في إجراء متابعات جنائية وما يصاحبها من إجراءات ،وإصدار أحكام قضائية وفق تصور خادم لسياسات ورؤى معينة.

تصور ومنظور يرى أصحابه أن نجاحه مرتبط بإزالة كل تشويش ممكن، ولعل ما تفتقت عنه العبقرية الجديدة هو اعتبار المحامي من كبار المشوشين على هذا النهج ومن تم ضرورة محاصرته والقضاء على دوره وتحييده..

إن العدالة ياسادة كانت وستظل هي ملجأ الإنسان حين تنعدم الملاجئ والوطن لمن لاوطن له..هذه هي عقيدة المحامين ورسالتهم الخالدة.

لهذا فإن المحامين ومنذ الأزمنة الغابرة وهم يحملون على أكتافهم ثقل قول الحق والجهر به في وجه أي كان..
إن الذين راهنوا ويراهنون على استغلال الوضع المرتبك لدس بعض النصوص القانونية المقوضة لعنفوان المحاماة ولأدوارها ورسالتها هم واهمون حقا..

نقول لهم إن معركتكم ضد المحاماة هي معركة ضد جوهر العدالة..
فما العدالة بغير ضمان حق الدفاع؟ وهل نسمح في بلدنا الذي يتطلع إلى نسج علاقات ومقارعة كبار الديموقراطيات بوأد مهنة المحاماة ومصادرة حق الدفاع..

بل إننا نهمس في آذانهم (أي آذان المتحمسين لتسفيه المحاماة ودور الدفاع )لاتحفروا قبوركم وقبر العدالة بأيديكم فلربما أنتم بالذات ستحتاجون عما قريب لمحاماة قوية تدافع عنكم وتحتاجون أكثر من غيركم لضمانات المحاكمة العادلة حيث حق الدفاع يكون مكفولا ومصانا.

إن معركتنا اليوم هي في الأول والأخير ضد المنهج الأحادي (لاأريكم إلا ما أرى) الذي لايعني شيئا سوى السلطوية اللاغية لكل روح للعدالة ومصادرة لها.

ذ. رضوان عبابو رئيس سابق لفدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب
عضو سابق بمجلس هيئة المحامين بفاس.
محام بهيئة فاس