أكد يوسف حسني رئيس جمعية التراث والفلكلور بمراكش على أهمية الفن والإبداع في إشاعة أفكار التسامح والسلام في العالم، على اعتبار الثقافة والإبداع من المداخل الناعمة للتقارب بين المجتمعات، والتأسيس لجبهة عالمية تسعى إلى مواجهة أفكار التطرف والعنف التي أصبحت ظاهرة تخترق هذه المجتمعات بمختلف مرجعياتها وتوجهاتها الدينية والفكرية والسياسية.
جاء ذلك ضمن أشغال ندوة علمية في موضوع: "دور الفن والإبداع في إحلال السلام والتقارب بين المجتمعات"، انعقدت يومه السبت 26 أكتوبر 2024، وهي الندوة التي اندرجت انطلاقا من شعار الدورة السادسة للمهرجان العالمي للفولكلور بمراكش "إرث السلام" الذي تنظمه جمعية التراث والفلكلور ويشارك فيه أكثر من 18 دولة عبر العالم.
من جهته أبرز عبد الفتاح البلعمشي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الحوار والتفاهم بين الشعوب من شأنه أن يؤدي إلى تبديد العديد من تمثلات سوء الفهم الكبير، الذي بدأ يطبع مع الأسف قطاعا مهما من الناس، ولم تسلم من هذه المعضلة المتفاقمة حتى بعض النخب.
وفي نفس السياق أوضح البلعمشي أن من حق دعاة العيش المشترك، والتفاهم بين المجتمعات والشعوب، وترسيخ قيم القبول المتبادل لمختلف الثقافات والحضارات، أن يحلموا بغد أفضل، بل من واجبهم أن يتحملوا مسؤولية تطهير مجتمعاتهم من ظواهر العنف والتطرف بكل أشكالها فكرا وممارسة.
من جهته أوضح محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن الطريق شاق ومعقد، لتحقيق الغايات المثلى في إحلال الأمن والسلام، وإشاعة الأفكار المفضية إليه، سيما وأن الوضع الدولي الراهن لا يساعد على ذلك، بفعل تنامي الصراعات والحروب وانتشار بؤر التوتر في مختلف مناطق العالم.
رغم ذلك، فالثقافة والإبداع والفنون تظل أحد أهم المداخل وأكثرها نجاعة لبناء جسور التواصل بين الشعوب والامم وتلاقح الثقافات، خاصة وأن الفن يعزز التقارب بين الأفراد ويهدم الهوة بينهم بغض النظر عن الانتماءات والخلفيات الثقافية، كما يساهم في تحرير الفرد من المعتقدات واليقنيات السائدة من خلال تحرير واستكشاف الذات، وتحرير العقل والابتعاد عن الشوفينية.
وفي مداخلة له خلال هذه الندوة تحدث الإعلامي في قناة :ميدي1 تيفي" نوفل العواملة عن السياق الذي يعيش على وقعه العالم والذي تطبعه الحروب والصراعات في رقع جغرافية مختلفة واصفا الحديث في النسخة السادسة من هذا المهرجان الدولي عن الفن والإبداع في التقريب بين الشعوب ونشر السلام بالخطوة الشجاعة من قبل اللجنة المنظمة لما في ذلك من إيمان راسخ بقدرة المبدعين على نشر القيم الإنسانية التي تجمع ولا تفرق.
وأضاف العواملة بأن التاريخ أكد على نهل الحضارات الإنسانية من بعضها البعض منذ آلاف السنين حيث تعتبر الثقافة مفتاح للتعارف بين الشعوب.
وحول دور الإعلام في هذا المجال تحدث العواملة عن أهمية هذا القطاع في منح المبدع منصة قادرة على نشر القيم المشتركة وخلق بيئة حاضنة تعرف الناس حول العالم على إبداعات لا تؤمن بحدود الجغرافيا أو بإنتماء عرقي أو ديني يسود على حساب الآخر.
وفي الختام ضرب الإعلامي المغربي المثل بتجربة المنتخب الوطني في مونديال قطر حين تحول الأسود لحديث العامة والخاصة في الصحافة العالمية بسبب قيم "تمغربيت" التي أبهرت العالم أجمع.
وتميزت هذه الندوة أيضا بحضور الموسيقار السوري العالمي، مازن الأيوبي الذي أكد على ثراء الفن المغربي بمختلف روافده، ودعا خلال كلمة له ببذل مجهود أكبر لوصول الموروث الثقافي والفني المغربي للمشرق العربي المتشوق للإنفتاح أكثر على إبداعات المغاربة وفي كل المجالات
وخرجت الندوة بعدد من التوصيات اهمها:
1- نقل تجربة هذا المهرجان العالمي للفلكلور إلى الأقاليم الجنوبية خصوصا مدينتي العيون والداخلة.؛
2- التأكيد على دعم الجوانب الثقافية، والتربية على القيم الحضارية الوطنية بالنسبة للناشئة، من خلال البرامج التعليمية والأنشطة الإشعاعية؛
3- تشجيع المنتوج الفني والسنمائي والوثائقي الذي يتناول الأمجاد الوطنية، ونقل هذا التاريخ للأجيال الحالية، سواء تعلق الأمر بالأحداث الكبرى مثل أمجاد الملوك والسلاطين الذين تعاقبوا على حكم المملكة، أو الشخصيات الوطنية والقيادات التاريخية، أو تعلق بالمعالم التاريخية وإحياء التراث الحضاري العريق لبلادنا.