انتقد جمال العسري، الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد بروفايلات بروفايلات الهيكلة الجديدة للحكومة، مبرزا في حوار مع "أنفاس بريس" أن بعض التعيينات الجديدة لها علاقات قرب مالي مع رئيس الحكومة، فيما عبر عن أمله في حل أزمة طلبة الطب بعد إزاحة عبد اللطيف ميراوي الذي كان عقبة حقيقية أمام كارثة سنة سوداء..الحوار
ماهو تعليقك على بروفايلات الهيكلة الجديدة للحكومة؟
بداية، هذا التعديل الحكومي كان متوقعا، حيث صار في حكم العرف تغيير بعض الوزراء بعد قضاء بضع سنوات على عمل الحكومة.
منذ بداية هذه الحكومة، حكومة الباطرونا، قلنا إنها حكومة جاءت لزواج السلطة بالمال، وهو ما عنه الفساد الذي نعاني منه.
اليوم، ومن خلال الأسماء المستوزرة، تبين لنا مرة أخرى أنها فعلا حكومة الباطرونا، وما يمكن إثارته، هو التناقض الحاصل بين شعارات الحكومة، والمبني على الدولة الاجتماعية، وتنزيله على أرض الواقع، وسأتوقف أولا عند قطاعين مهمين، وهما قطاع الصحة والتعليم، فالمفروض أن القضية الوطنية الثانية للمغرب بعد قضية الصحراء، هو التعليم، وبعد أزمة كبيرة عاشها هذا القطاع، كان من المفترض تعيين وزير قريب من هذا القطاع، ضابط للملفات المتعلقة بهذا القطاع، وكل القضايا المرتبطة بالتعليم، والتربية، لاسيما العالقة منها.
لكن الوزير الذي حظي بهذا المنصب، لا علاقة له بالتربية، ولا بالتعليم، بل له علاقة بالتجارة، والباطرونا، بحكم امتلاكه، وتسييره لشركة للحلوى، وهو ما نرى معه بأن المدرسة العمومية تتوجه نحو هيمنة الامبريالية، وبالتالي تسليع الخدمات التعليمية.
ولننتقل إلى قطاع الصحة، هذا القطاع الاجتماعي، الحيوي يعاني من الكثير من المشاكل، لكن نرى أن إعفاء الوزير في هذا التوقيت غير مجدي، فالمفروض استكمال ملف التغطية الصحية، ولو أن الوزير الجديد له علاقات مع القطاع، لكن علاقاته أكبر مع الباطرونا، وأرباب الشركات، وعلاقة قرابة تجارية مع رئيس الحكومة، وبالتالي يكفي بالحديث عن هذين الوزيرين أن الدولة تتناقض مع شعار الدولة الاجتماعية، وتنزيلها على أرض الواقع.
بتغيير وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، هل هناك أمل في حل ملف طلبة الطب؟
بالنسبة لهذا الملف، نرى أن إعفاء عبد اللطيف ميراوي، سيمنح للدولة مخرجا لحل الأزمة، ولو أننا على قناعة بأنها تحاول دائما الحفاظ على هيمنتها، وهيبتها في مثل هاته الملفات التي تبقى عالقة لأشهر، إلا أننا نرى أنه آن الأوان لحل هذا الملف، وتجاوز الأزمة باعتبار أن المشكل كان بين الطلبة، ورؤية، وتدبير معين للوزير السابق، وليس مع الدولة والطلبة، وليس هناك غالب، ومغلوب.
ونتمنى من الوزير الجديد الذي هو ابن القطاع، أستاذ للتعليم العالي، وكان رئيسا لجامعة بن طفيل، ومن تم، لنا أمل في حل هذه الأزمة، التي قد تسفر عن كارثة حقيقية تتمثل في سنة بيضاء، ولا يمكن للمغرب أن القبول بها. نرى إذن أن هذا التعديل، خطوة لفتح الباب للحل، خصوصا أن مؤسسة وسيط المملكة لازالت تواصل مقارباتها لحل الملف.
هل اعتمد انتقاء الهيكلة الجديدة على الكفاءات؟
ما نراه أن هذا التعديل لم يرتبط بالكفاءة، بل ارتبط بالقرب من الباطرونا، أو من رئيس الحكومة، والقارئ لهذه البروفايلات، سيرى أن سير الوزراء المنصبين، هم أصحاب شركات تجارية، ومنهم من تربطه علاقات مالية مع رئيس الحكومة، فيما نرى أن كتاب الدولة ليسوا إلا ترضيات داخلية للأحزاب المشكلة للحكومة.
والسؤال الذي يمكن طرحه أيضا إذا كان المغرب يعيش أزمتين، أزمة طلبة الطب، وأزمة قطاع العدل الذي يعرف احتجاجات قطاعية، المفوضين القضائيين، المحامين...، مما يطرح سؤال الإبقاء مع عبد اللطيف وهبي؟
ألا ترى أن الأوراش التي يعرفها القطاع لازالت لم تنتهي بعد، وبالتالي لازالت الحكومة في حاجة إليه؟
صحيح، لازال هناك الكثير من الجدل حول المسطرة المدنية، ولم يتم الحسم في المسطرة الجنائية، كما يمكن التخمين بكون بروفايل عبد اللطيف وهبي يتماشى مع البروفايلات التي نشهدها مؤخرا عبر العالم، وأقصد الشعبوية، ربما الحكومة في حاجة إلى وزير شعبوي، بخرجاته المثيرة التي تلفت الأنظار، وربما التغيير الذي تم إحداثه على مستوى الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، لم يكن تغييرا صائبا، والدليل أنه بعد مرور أشهر لم تنجح القيادة الثلاثية في السير قدما بالحزب، ويظهر أن الحزب بعد مؤتمره لم يستقر على القائد المناسب، والإبقاء على وهبي يشكل مفاجأة، لكن لا أحد يملك الجواب الأكيد، هناك تخمينات.
يعيش المغرب أزمة مالية خانقة، ما هو تعليقك حول تعيين كتاب دولة؟
أولا نرى أن التعديل الحكومي جاء بعد أيام من تقديم الميزانية المالية 2025، المفروض أن الميزانية المالية يضعها الوزراء، والمفروض أن وضعها يتم وفق معطيات، وأرقام، وتوقعات الوزير المعني، والمفروض أن يدافع كل وزير على الميزانية العامة، والميزانية الفرعية.
السؤال المطروح، هو كيف يمكن لوزير لا علاقة له بالميزانية المقترحة، ولا تفاصيلها الدفاع عنها.
وهو ما يؤكد اللاديمقراطية، وليس هناك حكومة مسؤولة بل نتعامل مع برنامج حزبي, وسأعود إلى سؤالك، أكيد المغرب يعيش على وقع أزمة مالية خانقة، و الشعب يدفع ثمنا كبيرا في ذلك، وكنا، ولازلنا دائما نطالب بالتقشف في نقص في الأجور العليا، لكن نرى بالمقابل، أن الحكومة اليوم، وفي محاولة منها لإرضاء قيادات الأحزاب المشكلة لها، تحدث مناصب لكتاب الدولة، ربما المغرب ليس في حاجة لها، لكن التوازنات الحزبية في حاجة إليها لإرضاء بعض أعضائها، وفض النزاعات الداخلية الذاتية بالترضية، وبالتالي فبسبب هذه الترضيات، يعرف المغرب ارتفاعا في عدد الوزراء، في حين نرى دولا أوربية كبرى بعدد أقل، في المغرب، آخر ما يتم التفكير فيه هو التدبير المالي، حيث يتم توزيع المناصب، أو الحقائب لإرضاء الخواطر، وإحداث بعض التوازنات الداخلية للأحزاب، بما يوصف شعبيا بـ "الوزيعة"، وبالتالي رفع عدد الحقائب بدون سبب منطقي، لزيادة مساحة الأتباع عبر توزير بعض الاصوات للحفاظ على ودها، وتبعيتها.