سمير بنيس: موقف المغرب أصبح أقوى من أي وقت مضى.. ولا خوف من مقترح دي مستورا

سمير بنيس: موقف المغرب أصبح أقوى من أي وقت مضى.. ولا خوف من مقترح دي مستورا سمير بنيس وفي( الإطار) دي مستورا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة
لا أظن أن هناك أي شيء يدعو للقلق فيما يتعلق بالمقترح الذي تقدم به المبعوث الشخصي للأمين ستيفان دي مستورا، قد يرى البعض أن هناك ربما شيء يحبك ضد المغرب بخصوص قضية وحدته الترابية، خاصة وأن المقترح الذي تقدم به ذا مستورة جاء ثلاثة أسابيع بعد قرار المحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاق التجاري بين المغرب، والاتحاد الأوروبي. 
 
بناءً على متابعتي لهذه الملف على مدى سنين طويلة، أؤكد أن ليس هناك أي علاقة بين القرار الأوروبي، والمقترح الجديد للمبعوث الأممي، وأنه ليس هناك تداخل بين الطرفين، وأن الجهة الوحيدة المخولة بالخوض في الموضوع هي مجلس الأمن، ومجلس الأمن وحده. ولن يقوم مجلس الأمن بفرض أي شيء يتعارض مع الموقف الثابت للمغرب، ووحدته الترابية. 
 
فإذا لم يكن بوسع مجلس الأمن أن يفرض أي حل على المغرب في حقبة من الزمن كان الموقف المغربي لازال يرامح مكانه، ولم يحصل فيه المغرب على الزخم، والدعم الذي حصل عليه من الدول المؤثرة، فهل هناك إمكانية أن يحدث ذلك الآن؟ الجواب قطعاً لا، وألف لا وأقولها بكل ثقة في النفس. 
 
ما علينا ألا ننساه هو أن موقف المغرب أصبح أقوى من أي وقت مضى، وأن بلادنا استطاعت خلال العقدين الماضيين توجيه العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة بما يتماشى مع حقوقها التاريخية على الصحراء ويضمن وحدتها الترابية. فكما أكدت على ذلك في كتابي الجديد حول الملف وفي العديد من المقالات، فإن أكبر إنجاز حققه المغرب على مدى العقدين الماضيين هو إقبار خيار الاستفتاء وفرض المقترح المغربي باعتباره الخيار الوحيد والاوحد الكفيل بمساعدة الأطراف على طي هذا النزاع المفتعل. 
 
ولعل المقترح الذي تقدمه به ي ميستورا يحمل في طياته إقرار واضح من الأمم المتحدة وتأكيداً على أن خيار الاستفتاء لم يعد من الخيارات المتاحة لحل النزاع، وهو ما أكدته كل القرارات التي اعتمدها مجلس الامن منذ نهاية عام 2003 حتى يومنا هذا. أعتقد أن المبعوث الاممي وصل إلى حد من اليأس بأنه لن يقدر على تحقيق أي تقدم في العملية السياسية، مما دفعه إلى اتخاذ خطوة من شأنها أن تسهل عليه عملية الاستقالة من منصبه. وقد أكد في مداخلته أمس أمام مجلس الامن أن في حال لم يحقق أي تقدم في غضون ستة أشهر، فعلى الأمين أن يعيد النظر في مسألة تمديد ولايته. وبما أنه يعلم علم اليقين أن المغرب لن يقبل ذلك المقترح، فهو يكون بذلك قد أعلن بشكل غير رسمي أن مهمته ستنتهي بعدة ستة أشهر. 
 
للتذكير فقد قدمت الجزائر مثل هذا الاقتراح مرتين من قبل، وفي كلتا الحالتين تم تقديمه عبر عبد العزيز بوتفليقة. المرة الأولى كانت في عام 1978، عندما كان موقف المغرب ضعيفًا وكان البلد معزولًا، خاصة في إفريقيا. ومع ذلك، رفض المغرب هذا الاقتراح بشكل قاطع. أما المرة الثانية فكانت في نوفمبر 2001، بعد بضعة أشهر فقط من طرح المبعوث الشخصي للأمم المتحدة للصحراء آنذاك، جيمس بيكر، خطة بيكر الأولى، التي قبلها المغرب ورفضتها كل من الجزائر وجبهة البوليساريو. مرة أخرى، رفض المغرب الاقتراح الثاني.
 
بالنسبة للمغرب، أي حديث عن تقسيم الأراضي مرفوض تمامًا ولن يتم قبوله أبدًا. مثل هذه النتيجة تمس جوهر الصراع الذي دام خمسة عقود بين المغرب والجزائر، وستمنح الجزائر انتصارًا استراتيجيًا على المغرب في وقت حصل فيه المغرب على دعم معظم الدول المؤثرة لخطة الحكم الذاتي والسيادة على الأراضي. لا أعتقد أن هناك أي سبب للقلق بالنسبة للمغرب. كان هناك ما يدعو للقلق لو كان المغرب في موقف أضعف مما هو عليه الآن. وكما يظهر التاريخ، حتى في الفترة التي كانت الجزائر فيها في موقف أقوى من الناحية العسكرية والدبلوماسية ومن ناحية السردية، فإنها فشلت في فرض مثل هذه النتيجة.
سمير بنيس، خبير في الشؤون الإستراتيجية و العلاقات الدولية