بدل أن يستورد المغرب اللحم والحبوب والسكر والزبدة والحليب والزيت والتمر، وغيرها من المواد الغذائية التي كان المغرب يصدر فائضها للخارج إلى عهد قريب، على المغرب أن يقلب الآية، ويستورد رئيس حكومة من الخارج. ويستحسن أن يتم الاستيراد من كوريا أو سنغافورة أو تايوان أو ماليزيا، نظرا لكون هاته الدول كانت في مستوى المغرب اقتصاديا في بداية السبعينيات، إلا أنها حلقت بعيدا في سماء الإقلاع والرخاء، مع استيراد 24 وزيرا طبعا. وعلى المغرب أن يستورد أيضا رئيسي غرفتي البرلمان، رفقة استيراد 400 مدير لتدبير المؤسسات العمومية.
إن تم اعتماد هذا الحل سيربح المغرب على أربع واجهات:
أولا: سنربح 73 مليار درهم كل عام. وهي كلفة فاتورة مشتريات المغرب للمواد الغذائية من الخارج (علما أن المغرب هو بلد المخطط الأخضر والمخطط الليموني والزيتي والخرشفي والكرعي!). معنى هذا أن المغرب سيربح 6% من الناتج الداخلي الخام. وهو مبلغ يمكن أن يخصصه لتحسين خدمات القطاع الصحي والتعليمي وتطوير البنية التحتية من طرق وقناطر وأنفاق، ... إلخ. (للإشارة، ميزانية التعليم بالمغرب تبلغ 55 مليار درهم، وميزانية الصحة 30 مليار درهم!).
ثانيا: استيراد هؤلاء الوزراء والمدبرين العموميين لن يكلفنا كمغاربة سوى مبلغ يتراوح بين 700 مليون ومليار درهم في العام كأجور وتعويضات (بمعدل أجري يقارب 160 ألف درهم شهريا لكل مسؤول مستورد. وهو أجر استوحيناه من تعويضات مديري الشركات المتعددة الجنسيات بالمغرب). وهو مبلغ هزيل مقارنة مع الملايير المهدورة في استيراد القمح والزيت والزبدة واللحم والحبوب، لأن أجور هؤلاء لا تمثل سوى 0،9% من مجموع ما نخسره في استيراد ما نأكل.
وبالتالي، سنربح 72 مليار درهم "فابور". والأهم من ذلك، سنربح 23 نقطة لتخفيف العبء على العجز التجاري، بالنظر إلى أن 72 مليار درهم تمثل تقريبا ربع العجز في ميزان الأداءات بالمغرب.
ثالثا: وهذا بيت القصيد، إن استيراد وزراء ومدبرين من الخارج سيجعل المغرب متحررا من التبعية للدول الأوربية ولأمريكا بخصوص تموين السوق الداخلية بالمواد الغذائية الأساسية، لأن المغرب سيسترجع سيادته الاقتصادية، وبالتالي سيحقق الأمن الغذائي بشكل سيجعل "كتاف المغاربة سخان" في كل تفاوض جيواستراتيجي، بدل أن يبقوا مذلولين يستنجدون هذه الدولة أو تلك، لتفرج عن شحنة قمح أو شعير أو زيت أو لحم مجمد، لإسكات البطون الجائعة ببلادنا.
رابعا: إن استيراد المغرب للوزراء ولمدبري المؤسسات العمومية والبنكية سيعيد للسياسة نبلها وصفاءها، إذ سيتربى المغاربة على قيم الكفاءة والجدارة والاستحقاق لتولي كل مسؤولية عمومية، بدل الإتيان بوزراء وبرلمانيين ومدراء وإسقاطهم على المناصب العليا، لا لشيء إلا لأن "أمهم في العرس"، ولكونهم قريبين من "مدفأة السلطة"!