وإذا وضعنا خريطة المغرب الممتدة من طنجة إلى لكويرة، سنجد بأن الجوهرة البهية التي تزين "قلادة التراب الوطني" هي أكادير.
لكن هذه الجوهرة تحتاج إلى من يصقلها، لتبقى دائمة البهاء والجمال. ولعمري أن أهم مقومات الصقل تتجلى في تمتيع أكادير بالحق في "السكك الحديدية"، إذ لا يعقل وقد انصرمت من القرن 21، ثلث ميزانيته الزمنية، ومع ذلك لم يفلح المغرب بعد في ربط أكادير ( وبالتالي جهة سوس ماسة)، بالشبكة السككية. علما أن أكادير ليست بهية لذاتها فحسب، بل بهية بتموقعها بين شمال المغرب وأقاليمه الجنوبية، مما يعطيها بعدا جيواستراتيجيا في تهيئة التراب الوطني.
هناك ثلاث محطات مهمة تفرض على الدولة التسريع بربط أكادير بالشبكة السككية السريعة، وهي:
أولا: نجاح تنفيذ النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية( الذي انتهت معظم أوراشه، وتقترب أوراش كبرى أخرى من الانتهاء)، وهو النموذج الذي سيقلب وجه الصحراء بعد تشغيل ميناء الداخلة الأطلسي وتشغيل منطقته الاقتصادية الهائلة المخصصة للوجستيك.
ثانيا: انطلاق ورش إعادة إعمار الأقاليم الستة التي دمرها زلزال الحوز، وهي أقاليم تتمفصل مع جهة سوس ومع أقاليم أقصى جهات الشمال( البيضاء والرباط خاصة)، إذ رغم بطء وتيرة هذا الورش، فإن الانتهاء منه سيرد الاعتبار للشريط الجبلي "بتيزي ن تاست"، الذي كان "نسيا منسيا"، مما سيعزز من القيمة المضافة بين شمال وجنوب المملكة.
ثالثا: التحضير لاحتضان المغرب لمونديال 2030، وما يتطلبه هذا الاحتضان من هيكلة مجالية كبرى للمدن المقبلة على استضافة المباريات العالمية ( وضمنها أكادير)، من خلال المشاريع المهمة المسطرة.
إن هذه الأوراش الثلاثة الكبرى والمحمودة، التي استفادت من اعتمادات مالية هائلة، لاينبغي أن تنسينا أو ثثني عزيمة المغرب على تبني أحد أهم المشروعات المهيكلة للتراب الوطني، ألا وهو مشروع ربط أكادير بالبيضاء بقطار التيجيفي( عبر مراكش)، خاصة وأن المغرب ربح إنجاز رهان الطريق السريع تيزنيت - الداخلة( 1055 كيلومتر) في الآجال المرسومة، هذ الطريق السريع الرائع الذي كلفنا كمغاربة مبلغ 10 ملايير درهم. مما سيقوي من جاذبية تنقل الأفراد والسلع بين شمال وجنوب المملكة، مع ماسيستتبع تلك الجاذبية من إعمار وتعمير على طول مدن وقرى الواجهة الأطلسية للمغرب. علما أن المناطق الجنوبية تشهد حاليا مشاريع هائلة في مجال الطاقة المتجددة وغيرها، والتي تفرض بالضرورة أن يواكبها تدخل المشرع لتسهيل تنقل الأفراد والسلع.
هذا الحلم/الحق، ينبغي أن ينهض كمحفز لنضغط أكثر على السلطة العمومية للتعجيل بإخراج الربط السككي بين عاصمة سوس والعاصمة الاقتصادية للمملكة، بوضع مونطاج مالي ومؤسساتي ملائم ليكون مشروع "تيجيفي أكادير"، جاهزا في المنظور القريب (بعد 6 أو 8 أعوام)، خاصة وأن الحكومة والبرلمان والوحدات الترابية المعنية والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمؤسسات المانحة، يتوفرون ليس على خارطة طريق، بل يتوفرون على أقوى سند وأكبر حليف في الهندسة المؤسساتية والدستورية بالبلاد، ألا وهو الملك محمد السادس، الذي أعاد خلخلة عقل النخب ببلادنا بتذكيرها أن المغرب وبعد استرجاع أقاليمه الجنوبية، تغيرت خريطته. إذ "لم نستوعب - والكلام لمحمد السادس- بأن الرباط صارت في أقصى الشمال، وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد...وليس من المعقول أن تكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية تتوقغ في مراكش، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من طاقات وإمكانات".
وهذا ماجعل الملك محمد السادس، يرافع من أجل تأمين الحق في الشبكة السككية لأكادير في خطابه ليوم 6 نونبر 2019 بقوله:" لذا فإننا ندعو للتفكير بكل جدية في ربط مراكش وأكادير بخط السكك الحديدية، في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية".
فهل ستكون حكومة أخنوش في مستوى ربح التحدي، خاصة وأن أخنوش ينحدر من المنطقة ويرأس مجلس أكادير ويقود كارتيلات كبار أرباب المال وأعيان سوس، أم ستخلف حكومته الموعد وتحرم المغرب والمغاربة من الاستمتاع ببهاء أكادير.. واسطة عقد التراب الوطني؟