بعد فشل الوزارة والحكومة في إقناع طلبة الطب بإصلاحها المزعوم في الدراسات الطبية، ودخول الطلبة في مقاطعة الدروس وهجر المدرجات، تدخل البرلمان للوساطة في الموضوع، من قبل نواب الأغلبية والمعارضة. وبعد الفشل في ذلك، أصر بعض النواب في الأغلبية الحكومية على مواصلة الوساطة، ولكن هذه المرة من خلال ممارسة الضغوط على الطلبة لإرغامهم على القبول بالمخطط الحكومي.
وإن كانت الوساطة تعني الاستماع لكل الأطراف ومحاولة التوفيق بين الآراء، بل وحتى الضغط على الطرف القوي (الحكومة) من أجل التنازل لصالح الطرف الضعيف (الطلبة)، فإن أحد البرلمانيين المحسوبين على حزب الميزان ينصب نفسه عراباً للحكومة، ولا يفوت فرصة لمهاجمة طلبة الطب ونعتهم بأقبح النعوت. وقد وصل به الأمر إلى حد التشكيك في التصويت الديمقراطي للطلبة، وهي الديمقراطية التي لم يفهمها ولم يرها البرلماني العراب في حياته المهنية والحزبية.
إن الفشل المستمر في الوساطة التي يقوم بها وسيط المملكة يعود في جزء كبير منه إلى التعنت الحكومي وإلى التدخل السلبي لبعض البرلمانيين من الأغلبية، ومن بينهم البرلماني الاستقلالي، المنتمي لحزب علال الفاسي، ويا حسرتاه.
وبعيداً عن أي تصعيد للأمور، وتقديراً للمصلحة العامة، يجب حل أزمة طلبة الطب اليوم قبل الغد، وذلك من خلال:
ــ عقد اجتماع بين ممثلي طلبة الطب والوزارة، بحضور وسيط المملكة، للتداول المباشر حول نقاط الخلاف.
ــ توقيع محضر اتفاق يضمن حقوق الطلبة، من خلال الرجوع لنظام 7 سنوات لأفواج ما قبل موسم 25/24، وإلغاء العقوبات التعسفية، وتنظيم الامتحانات، والالتزام بمواصلة الحوار حول النقاط الأخرى، وتعزيز شروط السلم الاجتماعي وأجواء التحصيل العلمي الإيجابية.
وحيث إن الأمر يتعلق بمصالح البلاد وبوضع مقومات النجاح للورش الوطني للتغطية الصحية، فإن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وحتى السلطة القضائية مدعوة للتعاون الإيجابي مع الفصول الواجب تنفيذها، لتفادي الاستبداد والتغول، والانكباب على إنهاء هذا الحراك الذي طال أمده، والسماح لأطباء الغد بالعودة إلى المدرجات والتدريبات، ومساهمة الجميع في بناء مغرب الحرية والكرامة والعدالة، ومغرب يتوق لتنظيم المونديال واستقبال دول العالم.
الحسين اليماني، ناشط نقابي وحقوقي