"راه حنا نفضل الموت ولا نخرج من ديارنا بلا وراق.. يعطينا البديل دابا والله يربح"
"راه حنا مواطنين ماشي لاجئين باش يتعاملوا معانا بهاذ الشكل"
هذا نموذج من العديد من التصريحات الغاضبة لبعض ضحايا هدم المنازل في المدينة القديمة، حيث تحركت جرافات السلطات المحلية في العاصمة الاقتصادية لهدم المنازل بحجة أنها آيلة للسقوط.
مع الدخول الاجتماعي الجديد، تفجرت قضية هدم المنازل في المدينة القديمة وتنفيذ بعض القرارات المتعلقة بالهدم، وهي الخطوة التي تثير الكثير من الجدل في صفوف المتابعين للشأن المحلي في الدار البيضاء.
وترى بعض الأصوات أنه لا يمكن التعجيل بإنجاز مشروع المحج الملكي، الذي تأخر لعقود طويلة، على حساب مواطنين لا حول لهم ولا قوة، إضافة إلى أن مسلسل الهدم انطلق مع الدخول المدرسي، مما تسبب في ارتباك كبير في صفوف التلاميذ الذين يقطنون في المنازل التي تم هدمها أو تلك التي سيشرع في تنفيذ الهدم فيها.
ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن الإسراع في تنفيذ مشروع المحج الملكي أمر جميل، لأنه سيعطي رونقًا إضافيًا للمدينة القديمة في الدار البيضاء، خاصة أن هناك تأخيرًا كبيرًا في إنجازه. لكن، لابد من أن يكون هذا الإسراع في التنفيذ متزامنًا مع مراعاة المقاربة الاجتماعية والتفكير في مستقبل الكثير من الأسر التي فتحت أعينها على هذه المنطقة. ويؤكد هؤلاء أن حل الإشكالية يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين، وليس فقط الحرص على تنفيذ قرارات الهدم حتى ولو كان ذلك على حساب مواطنين لا ذنب لهم سوى أنهم يقطنون في هذه المنطقة.
وأكد سعيد السبيطي، عضو بمجلس مقاطعة سيدي بليوط بالبيضاء، أن مشروع المحج الملكي انطلق منذ سنوات، وقد تعاقب على هذا الملف مجموعة من العمال والولاة ومديري المؤسسات المشرفة عليه، ولكن دون أن يقوموا بواجبهم في هذا الملف. حاليًا، يضيف السبيطي، يرغب الوالي المهيدية في تنفيذ المشروع، ولكن يبقى السؤال: أين كان من سبقه في هذه المهمة؟
وقال محدثنا: "شخصيًا، أحمل المسؤولية إلى كنزة الشرايبي، رئيسة مقاطعة سيدي بليوط، لأن هذه المقاطعة جزء من الملف. كان من المفترض مناقشة هذا الملف في دورات المجلس، حيث طالبنا بذلك في مناسبات عديدة. وما هي جدوى الاجتماعات التي كانت تعقدها كنزة الشرايبي مع المتدخلين في هذا الملف؟ وما هي الحلول المقترحة للمواطنين الذين يهددهم التشرد حاليًا؟. نحن لسنا ضد مشروع المحج الملكي، ولكن في الوقت نفسه لسنا مع تشرد المواطنين، بل لابد من البحث عن بديل لهم قبل إخلائهم من منازلهم".
وأوضح جواد رسام: نائب رئيسة مقاطعة سيدي بليوط بالبيضاء، إن مشروع المحج الملكي جاء بهدف ربط مسجد الحسن الثاني بوسط الدار البيضاء، إضافة إلى تأهيل المدينة القديمة ومحيطها وتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية. وكان المشروع يتضمن العديد من المرافق، مثل المساحات الخضراء ومباني مستوحاة من الطراز المغربي ومواقف السيارات وتوسيع معرض الدار البيضاء الدولي.
وأضاف جواد رسام، أن مشروع المحج الملكي عرف تعثرات كبيرة خلال انطلاقته، والأسباب متعددة، والدليل، حسب رأيه، هو محاسبة بعض المسؤولين من مديري شركة "صوناداك". وهناك مشكل آخر يكمن في غياب المقاربة التشاركية في هذا الملف، الذي تعاقب عليه مجموعة من الولاة، وفي كل فترة كان يتم التعامل معه بطريقة معينة.
وقال محاورنا: "حاليًا، تم تحريك الملف من جديد وهناك انطلاقة أخرى. صحيح أننا ندعم مشروع المحج الملكي، لأنه مضى عليه ثلاث عقود، إلا أن المشروع سيفرز ضحايا، ولذا لابد من معالجة هذه القضية بمنطق اجتماعي وإنساني، والتفكير في مستقبل التلاميذ الذين يتابعون دراستهم ونحن في بداية العام الدراسي. كما أن العديد من السكان لم يستفيدوا من المبلغ المخصص للكراء، بالإضافة إلى الإشكالات المتعلقة بالعائلات غير المحصية وتلك التي لا ينطبق عليها أمر الاستفادة. يجب إشراك جميع المتدخلين والمنتخبين في المقاطعة، لأنهم ممثلو السكان، وليس الاقتصار فقط على توقيع قرارات الهدم من قبل المقاطعة بعد التوصل بهذه القرارات".
موسى سراج الدين، رئيس جمعية أولاد المدينة، عاد للحديث عن مشروع المحج الملكي بالبيضاء منذ انطلاقته، وأكد أن الدولة المغربية ارتأت في عام 1989 أن يكون هناك ربط بين مسجد الحسن الثاني وساحة الأمم المتحدة وسط الدار البيضاء. وعرفت هذه العملية، حسب ما جاء في تصريحه، الكثير من الاختلالات، وكان ضحيتها سكان المدينة القديمة، حيث تم ترحيل جزء منهم إلى حي النسيم، وآخرين إلى حي التشارك، بالإضافة إلى منطقة الرحمة.ولم يخرج مشروع المحج الملكي إلى حيز الوجود، لأنه عرف العديد من الاختلالات التي وصلت إلى القضاء. وعندما تم الحديث عن مشروع المحج الملكي، كان النقاش يتركز حول نزع الملكية، وحاليًا يتم ترحيل المواطنين بحجة أن المنازل مهددة بالسقوط.
وقال سراج الدين: "اليوم، لابد من رؤية اجتماعية لمعالجة هذا الملف، خاصة أن ثمن المتر المربع في هذه المنطقة سيرتفع بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وقد يصل إلى 200 ألف درهم. في غياب البعد الاجتماعي في التعامل مع الملف، فإننا نساهم في تكوين ساكنة حاقدة على المدينة. يستحضرني في هذا السياق ما حدث في مرسيليا، فلا يمكن انتزاع سكان منطقة عمروها لسنوات طويلة إلا من خلال الحرص على إرضائهم ومنحهم منازل تليق بكرامتهم.