يعد فشل عمل القلب مشكلة صحية متفاقمة على مستوى العالم، حيث يحصد أرواحاً أكثر من بعض أنواع السرطان ويهدد حياة الملايين، غالباً دون أن يدرك المرضى خطورة حالتهم حتى فوات الأوان.
انطلاقاً من هذا المعطى العلمي، تتحرك الجمعية المغربية لأمراض القلب (SMC) لمواجهة فشل القلب، وذلك عبر التكوين الطبي المستمر وتنظيم حملات تحسيسية وكذا إنشاء سجل وطني لمعرفة أدق لهذه الحالة المرضية في المغرب.
فشل القلب هو حالة مرضية يعجز فيها القلب عن ضخ الدم بفعالية لتلبية احتياجات الجسم. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم السوائل في الرئتين وأجزاء أخرى من الجسم، مما يسبب أعراضًا مثل ضيق التنفس، التعب، وتورم الساقين.
يمكن أن يكون فشل القلب نتيجة لمرض قلبي سابق، مثل مرض الشريان التاجي، ارتفاع ضغط الدم، أو مرض الصمامات.
التشخيص المبكر لفشل القلب :
يعد التشخيص المبكر لفشل القلب أمرًا حاسمًا لتحسين التوقعات الصحية للمرضى. يشمل ذلك التعرف على علامات التحذير المبكرة مثل ضيق التنفس عند القيام بمجهود معتدل او بسيط، التعب المستمر، الخفقان، أو تورم غير عادي في القدمين والساقين. من الضروري استشارة الطبيب فور ظهور هذه الأعراض.
تتضمن الاختبارات الخاصة مثل مخطط صدى القلب، الأشعة السينية للصدر، وتحاليل الدم (BNP أو NT-proBNP) لتقييم وظائف القلب وتشخيص الحالة بدقة.
السجل الوطني لفشل القلب:
السجل الوطني لفشل القلب هو قاعدة بيانات تجمع معلومات حول المرضى الذين يعانون من هذه الحالة، بما في ذلك الأسباب، العلاجات المتلقاة، والنتائج السريرية. يوفر هذا السجل نظرة شاملة على خصائص المرضى في جميع أنحاء البلاد، ويسمح بتقييم فعالية العلاجات وتحديد أفضل الممارسات.
أهمية السجل الوطني لفشل القلب للبلاد:
يوفر إنشاء سجل وطني لفشل القلب فوائد عديدة، منها:
1. تتبع تطور المرض على المستوى الوطني.
2. توجيه السياسات الصحية نحو برامج الوقاية المستهدفة.
3. تسهيل الأبحاث من خلال مقارنة النتائج مع دول أو مناطق أخرى.
4. تحسين الرعاية الصحية عبر تحديد الفجوات واحتياجات المرضى.
5. المساهمة في التكوين الطبي المستمر من خلال توفير بيانات محدثة.
أهم التطورات التشخيصية والعلاجية في مجال فشل القلب:
شهدت السنوات الأخيرة تطورات هامة غيرت من مسار تشخيص وعلاج فشل القلب.
1. التطورات التشخيصية:
المؤشرات الحيوية: استخدام مؤشرات حيوية مثل BNP (الببتيد الناتريوتريكي من النوع ب) وNT-proBNP يساعد في اكتشاف فشل القلب بسرعة حتى في مراحله المبكرة.
التصوير القلبي المتقدم: توفر مخططات صدى القلب ثلاثية الأبعاد والرنين المغناطيسي القلبي صورًا أكثر دقة لبنية ووظيفة القلب، مما يسهل تشخيصًا أكثر دقة.
2. التطورات العلاجية:
العلاجات الدوائية: أثبتت العلاجات الجديدة مثل مثبطات النيبرليسين ومستقبلات الأنجيوتنسين (ARNI)، مثبطات SGLT2، ومضادات مستقبلات المعدنيات فعاليتها في تحسين البقاء على قيد الحياة وجودة حياة المرضى.
أجهزة دعم البطين: تسمح الأجهزة الميكانيكية لدعم البطين الأيسر (LVAD) بدعم قلب المرضى الذين ينتظرون زراعة قلب أو كعلاج طويل الأمد.
العلاج بإعادة تزامن القلب: يساعد زرع أجهزة تنظيم ضربات القلب المتخصصة في استعادة إيقاع قلبي أكثر فعالية لدى بعض المرضى.
فشل القلب يمثل تحديًا صحيًا واقتصاديًا متزايدًا، وغالباً ما يكون له توقعات أكثر سوءًا من بعض أنواع السرطان.
أمام هذا التحدي، تتحرك مبادرات مثل تلك التي أطلقتها الجمعية المغربية لأمراض القلب ( SMC) وفروعها المتخصصة في فشل القلب، للتوعية، الوقاية، والعلاج.
كما سيساهم السجل الوطني الذي أنشأته الجمعية المغربية لأمراض القلب في فهم أعمق لمدى انتشار المرض في المغرب والمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة هذه الحالة المرضية، لا سيما ضمن إطار مشروع السجل الخاص بالجمعية الأوروبية لأمراض القلب.
د. أنور الشرقاوي بالتعاون مع د. عبير السعدية (الجمعية المغربية لأمراض القلب)