أصبح قرار إجراء بعض مباريات البطولة الوطنية بدون حضور جماهيري، أمرا منتظرا مع بداية الموسم الرياضي الحالي. يأتي ذلك في الوقت الذي تعيش معظم أندية البطولة الاحترافية على وقع التهجير بسبب إغلاق ملاعبها للإصلاح أو لإعادة البناء كليا، مما يجعلها تبحث عن بدائل.
وهو المعطى الذي يؤثر على مستوى البطولة الوطنية في ظل منع معظم جماهير الفرق الزائرة من التنقل بشكل جماعي في معظم المدن والأقاليم، دون الحديث عن قرارات إجراء المباريات أمام مدرجات فارغة.
هشام رمرام الإعلامي الرياضي
رمرام: نتفهم قرارات المنع لكن إجراء مباريات من دون جمهور يجعل البطولة دون طعم
في تعليقه على قرار منع الجماهير من حضور مباريات البطولة الوطنية، أوضح هشام رمرام الإعلامي الرياضي، أن هذا القرار يطرح مشكلا رياضيا لأن بطولة كرة القدم من دون جمهور تصبح المباريات دون طعم في الوقت الذي يحتاج فيه اللاعبين للجمهور، وحتى على مستوى البطولة بشكل عام، يرى هشام أن قرار المنع يعطي انطباعا سيئا، ويوحي بوقوع أمر غير عاديا.
وسلط محدثنا الضوء على قرار منع جماهير دون أخرى، موضحا أن هذا الأمر يطرح أيضا إشكال بحيث يتم تصنيف جمهور معين على أنه مشاغب والأخر الشيء الذي تنتج عنه مجموعة من الحزازات، بين جمهور ينتمي لوطن واحد.
واعتبر هشام رمرام، بأن الملعب هو من بين الأماكن أو الفضاءات القليلة التي يجد فيها الآن الشبان فرصة للتعبير، لكونه هو المتنفس أمامهم في ظل بيئة مغلقة، “الشباب لا يجد نفسه في الجمعيات ولا في الأحزاب ولا في بعض المؤسسات، وبالتالي أضحى الملعب هو الملاذ الوحيد له لتفجير طاقته وللتعبير عن نفسه من خلال أشكال متنوعة، فإذا كان هذا الفضاء الوحيد سيتم منعهم منه فأكيد سيطرح إشكالا”.
وأضاف: “نتفهم قرارات الأمن باعتبار أنه ينظر للأمور بقياس أمني باعتبار أن حضور الجماهير في مدرجات الملعب سيؤدي إلى خسارة معينة أو ستؤدي للعنف وإلى المس بأمن المواطن بشكل عام، لكن المشكل يطرح على باقي المؤسسات في الدولة لكونها لم تقم بعملها الذي يخص التربية التنشئة، وكذلك من خلال خلق فضاءات حتى يكون صوت الشباب مسموعا وعندما لا تقوم هذه المؤسسات بدورها، وتصبح الأعباء مطروحة أمام الأمن فيصبح مطالبا بإيجاد الحل النهائي، في حين لو أن هذه المؤسسات قامت بدورها في تأطير الشباب وفي خلق فضاءات لتفجير طاقات هؤلاء الشباب والتعبير عن رأيهم كان ممكن أن تكون الأمور هادئة وهنا سيكون الملعب ليس وسيلى بتفجير طاقته سواء الايجابية او السلبية بل سيصبح مكان لتتويج حياة يومية يجد فيها الشاب توازنه بحيث يصبح مكان للمتعة، وهنا حتى الأعباء على رجال الأمن ستكون أقل وحتى الجمهور سيكون هو أول ضامن للأمن”.
وفي رصده للظاهرة يضيف: "عندما نقول إن الجمهور مشاغب فإننا نقع في خطأ كبير، لأننا نقوم بالتعميم في حين أنه ضمن 10 آلاف لا نجد سوى 100 أو 200 شخص يقومون بالشغب وقد لا ينتمون بالضرورة للجمهور، لأنهم أشخاص لديهم مجموعة من المشاكل ولهم جنوح للشغب واعتقادا منهم لأن هويتهم لن تعرف وسط الجماهير يمارسون الشغب والعنف".
وحول المقاربة الزجرية يضيف رمرام: “أنا مع مقاربة الاكتفاء بمعاقبة الأشخاص الذين يقومون بأعمال الشغب، والعنف مادام هناك قانون يجرم هذه الأفعال والقانون الجنائي شهد تعديلا من أجل إضافة مجموعة من المواد التي لها علاقة بالشغب المرتبط بالأنشطة الرياضية. أعتقد أننا علينا الاكتفاء بمعاقبة هؤلاء الأشخاص من خلال اتخاذ المساطر القضائية مجراها مع منح باقي الأشخاص فرصة الاستمتاع بالملعب".
أيوب قطاية الاستشاري المتخصص في التدبير الاستراتيجي لأندية كرة القدم
منع تنقل الجماهير له انعكاسات على النسيج السوسيو-اقتصادي للمدن التي تستقبل المباريات
سلط أيوب قطاية، الاستشاري المتخصص في التدبير الاستراتيجي لأندية كرة القدم، الضوء على تداعيات منع الجماهير من حضور مباريات كرة القدم من خلال استعراض آثارها على مجموعة من الجوانب، أولها الموارد المالية للنادي التي تتأثر بسبب قرارات المنع التي ينتج عنها غياب مداخيل مادية مهمة تساعد نادي كرة القدم على النفقات المالية الموسمية.
وتطرق مصدرنا في معرض حديثه إلى جانب الفرجة باعتبار أن النادي عندما يستقبل الفريق الزائر بمدرجات فارغة، فإن الأمر ينعكس بشكل مباشر على الجانب الفرجوي للمباراة وعلى الدعم الذي يقدمه الجمهور الذي يضفي رونقا وجمالية.
وربط أيوب قطاية، بين الحضور الجماهيري وبين مردودية اللاعبين خلال المباريات، لأن وجود الجماهير بالمدرجات يشكل حافزا ذهنيا للاعبين من أجل تقديم الأفضل بسبب تأثيره المباشر على المستوى الذهني والنفسي للاعبين.
ومن بين الآثار التي استعرضها أيوب قطاية، التسويق لصورة نادي كرة القدم التي تتأثر بشكل سلبي، “أي مقابلة رسمية للنادي تشهد حضور جماهيري واحتفالية الجماهير وشعاراته المشجعة، وكلها أمور تشكل نقاط قوة لتسويق صورة النادي على مستوى الإعلام وعلى مستوى منصات التواصل الاجتماعي، وكذا على مستوى الصحافة الدولية وهو الأمر الذي يغيب بغياب الجماهير”.
واعتبر محدثنا أن قرار منع الجماهير من حضور المباريات يخدم مصلحة السلطات التي تتخذه كوسيلة للحد من الأحداث، التي يمكن أن تقع سواء داخل الملاعب أو خارجها، حيث تسهر على مواجهة الأمر بإجراءات استباقية قبل المباريات، لكنه بالمقابل له انعكاسات سلبية لأن تنقل الجماهير يساهم أيضا بشكل كبير في النسيج السوسيو-اقتصادي للمدينة التي تستقبل المباريات باعتبار أن تنقل الجماهير يضمن حركية اقتصادية على مجموعة من الجوانب منها المتعلقة بجانب التنقل، أماكن المبيت والإقامة لفئة مهمة من الجماهير بالإضافة إلى المحلات التجارية والمطاعم وحتى داخل الملعب وبمحيطه وكلها أمور تساهم في الحركية الاقتصادية للمدينة.
نورالدين بشيشي رئيس اتحاد جمعيات محبي وأنصار نادي الرجاء الرياضي
الفرق ذات قاعدة جماهيرية كبرى تضررت من قرارات منع الجماهير
أوضح نورالدين بشيشي، رئيس اتحاد جمعيات محبي وأنصار نادي الرجاء الرياضي، أن منع الجماهير من متابعة فريقها سواء داخل الملعب أو خارجه له أضرار مادية على الفرق، خاصة الفرق التي لها قاعدة جماهيرية كبيرة مثل نادي الرجاء الرياضي بحيث أن الفريق يحرم من مداخيل المقابلات.
“نعلم أن المداخيل تساعد على حل عدة مشاكل سواء في المدى القريب أو البعيد اذكر منها الرواتب الشهرية، كذلك الحاجيات الضرورية التنقل إلى غير ذلك. يجب إيجاد حل بديل لهذا المشكل فمنذ أكثر من أربع سنوات كانت هناك خلية أمنية ترافق الجماهير في تنقلاتها من جميع المدن وكانت هناك مقاربة أمنية بين الجماهير وكانت تمر الأمور على أحسن ما يرام بحيث لم تبق هناك أي اصطدامات بين الجماهير. لهذا نطالب بعودة هذه الخلية كذلك يجب منع القاصرين من التنقل إلا إذا كانوا مصحوبين بأولياء أمورهم إضافة إلى ضرورة التوعية داخل المؤسسات التعليمية ودور الشباب كذلك وصلات داخل القنوات المرئية والمسموعة للحد من ظاهرة الشغب التي تتسبب في مشكلة المنع خاصة ونحن مقبلون على عدة تظاهرات رياضية كبرى ككأس إفريقيا وكأس العالم في ظل ازدهار الرياضية المغربية في جميع الجوانب”.
