واصل المغرب، خلال السنة الجارية (2024)، لفت انتباه أقوى الأجهزة الأمنية، على امتداد الخارطة العالمية، واستطاع بحرفيته ومهنيته أن يفتح شهية أقوى الأجهزة على المستوى الدولي بإقامة شراكات وتوقيع اتفاقيات تعاون مع المغرب بهدف محاربة الإرهاب ومواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار الدولي في البشر وغسل الأموال.. إلخ.
لقد أكد المغرب أيضا، خلال هذه السنة، أن الديبلوماسية الأمنية خيار استراتيجي لا رجعة فيه، كما أكد مرة أخرى، بسبب تواتر الزيارات التي يقوم بها مسؤولو الأمن الدوليين إلى المغرب، فضلا عن الزيارات التي يقوم بها عبد اللطيف الحموشي المدير العام لقطب الأمن (الديستي والأمن الوطني)، لهذا البلد أو ذاك، وكلها زيارات تصب في سياق التعاون الاستراتيجي المشترك بين بلد ذو رؤية موثوقة للوقاية من الضربات الإرهابية، وبين باقي الشركاء الدوليين، وعلى أعلى مستوى. مما يؤكد أن المنظومة الأمنية المغربية باتت تلعب أدوارا متقدمة في السياسة الدبلوماسية للمغرب، بل إنها الخرسانة التي تتقوى من العلاقات بين الدول، وهو أمر تفهمه جيدا مختلف الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، رائدة الحرب على الإرهاب، إضافة إلى إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والإمارات العربية والسعودية وقطر وتركيا والهند وباكستان، وغيرها…
ولم يكتف المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني باستقبال ضيوفه بالإدارة المركزية بالرباط، بل قام كذلك بزيارات عمل إلى مجموعة من الدول الصديقة مثل الإمارات وتركيا و فرنسا وبريطانيا والسعودية، وشارك في احتفالات، مثلما هو الأمر عليه بانتقاله إلى مدريد للمشاركة في فعاليات الاحتفالات الرسمية للذكرى السنوية 200 لتأسيس جهاز الشرطة الوطنية بالمملكة الإسبانية. كما استقبل ديبلوماسيين ومسؤولين أمنيين من دول صديقة، مما يؤكد الطابع الديبلوماسية للعمل الدؤوب الذي يقوم به الحموشي. كما عمل على تنفيذ برامج للتعاون الثنائي مع مجموعة من الدول الشريكة، وذلك في مجال دعم التكوين الشرطي وتبادل الخبرات والمعارف. وتتضمن البرامج دورات تكوينية متخصصة في مجالات استخباراتية دقيقة لفائدة مجموعة من الأطر الأمنية، من قبيل التكوين النظري التخصصي في مجال الشرطة القضائية ومكافحة الجريمة، فضلا عن دورات أخرى للتكوين التطبيقي بكل من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية والمكتب المركزي للأبحاث القضائية، إلى جانب التكوين في مختلف المجالات والتخصصات الشرطية (التدخل بالشارع العام، الإطار المهني والقانوني للمحافظة على النظام، آليات البحث الجنائي، استخدام التكنولوجيا في الأبحاث القضائية، أمن النظم المعلوماتية، تقنيات شرطة الحدود).
لقد نجح المغرب في تحويل نجاحاته وخبرته الأمنية إلى جسر للتعاون الدولي، بل إلى ورقة ديبلوماسية ناجحة لإتمام "الشراكة الدولية"، وهو ما يجعلنا نستنتج أن العمل مع الأطراف في المجتمعات الإقليمية والدولية لا يعني المكسب الاقتصادي بقدر ما يعني تمتين "خطوط الاتصال مع الأطراف المعنية من أجل تحديد المصالح المشتركة ومجابهة الأنشطة العدوانية التي تستهدف هذا الطرف أو ذاك"، أي الشراكة الشاملة، بما فيها الشراكة الأمنية التي أصبحت، مع الإدارة الحالية للأمن، لاعبا أساسيا في العمق الاستراتيجي للمغرب.