إنما الناس عوالم فلا تحكم عما تراه عينك... فكن أكيدا أن عوالمهم لا تقاس مهما كنت ذكيا.... عبارة قوية وعميقة بحيث أنها ورغم كونها خلاصة روحانية أكثر مما هي متصلة بالآداب وأصوله.... فلسفة تتحدث عن ظاهرة علمية تم طرحها بالعلوم الدينية أكثر منها العلمية إلا انها كانت ولا تزال محور كل العلوم بما فيهم علم فيزياء الكم والفلسفة... بل ونجد أن كلاهما يدعمان هذه الفكرة بطريقتين متكاملتين ومعميقتين...
... ينص مبدأ عدم اليقين على غرار هايزنبرغ على أنه لا يمكننا ان نقيس كل خواص وتفاصيل الجسيمات بدقة كاملة في آن واحد. أي أنه لا يمكن معرفة الحالة الحقيقية الشيء أو لشخص من حيث عالمه الداخلي بشكل كامل لكن ربما قد يعتمد على قواعد عينية وبسيطة ليبرر ما يظهر على السطح... نبقى هنا رهائن الاحتمالات والخفايا والتي لا تظهر بسهولة غير نها لا تعبر بشكل متكامل وقطعي عن الشيء و ظواهره وخفاياه... تبقى حياة الناس وتجاربهم معقدة ولا تمكننا قياسها بالظاهر وحده.
فيما يخص التراكم الكمي، فقد يعكس لنا على أن الشخص قد يعيش حالات متعددة داخليا كما خارجيا، تماماً مثلما يمكن بأدق التفاصيل أن تكون في حالات مختلفة في الوقت نفسه... دخولا في تحد عقلاني مع نظريات الفكر الفلسفي والحقائق العلمية التي اخترقت القوانين المكانية عبر محاولاتها لأجل إتباث إمكانية التحول والسفر عبر الزمان... من جهة أخرى وبشكل مبسط.. يمكن القول إن الشخص الذي نراه قد يحمل في طياته مشاعر وتجارب وتواجد متعدد ومتنوع في وقت واحد، ولكننا لا يمكننا أن نرى كل الجوانب من زاوية واحدة... وذلك بسبب طبيعة الموقف المعقدة علميا وفلسفيا ثم روحانيا.. ثم نوعية الظروف وتأقلمه والمواقف....
لا يمكن لأي كان لحد الساعة أن يدرك عوالم غيره الداخلية المتعددة ببساطة... بل يستدعي ذلك الكثير من المهارات وتحديات كثيرة كوسيلة لأجل بلوغ ولو جزء بسيط من الحقائق...
يبرهن علم الكم ويؤكد باعتباره علم من علوم الفيزياء على مدى الترابط الغامض بين أدق التفاصيل في الوجود وذلك عبر مسافات يتداهل فيها العامل الزمني ومكان تواجده. أي أن الطريقة التي يتحدث بها الناس ويرتبطون ببعضهم البعض قد تبدو عادية ومنطقية غير أنها معقدة. عوالم الأشخاص الداخلية قد تجعلهم يتشابكون ويرتبطون بدون تبرير بالآخرين بطريقة عميقة وبشكل منظم وغير منطقي.. الشيء الذي يجعل من اليات قياسها وتقييمنا للاخرين شيء المستحيل قياسه أو فهمه... لأننا نكون هنا أمام ظاهرة اكثر تعقيدا... فما دام لم يعد بمفرده فهو اذا نتاج تفاعلاته مع الآخرين.
من الناحية الفلسفية، خصوصا عندما نتحدث عن مبدأ الظواهرية أو phénoménologie والواقع فلا تبخل من أستحضر العالم إيمانويل كانط الذي تحدث عن الفرق بين الظاهر، اي الشيء الذي نراه والجوهر الذي لا نستطيع الوصول إليه بالكامل. كل منا يحمل عوالم داخلية معقدة وعميقة لا يمكن قياسها ولا تحديدها فقط من خلال ظاهرها.....، أي أن ما نراه هو فقط السطح، والجوهر الحقيقي للشخص أو عالمه الداخلي قد يكون معقدًا وعميقًا ولا يمكن إدراكه بسهولة.
يرى الفيلسوف الوجودي سارتر وكدا هايدغر أن كل فرد هو مشروع مستمر يتشكل بفضل تجاربه وخياراته. أي أن كل العوالم التي نمتلكها داخليا غير قابلة للقياس ولا للتغيير من طرق الغير ...
la methamorphose idéal تغير مستمر، تجربة تتجاوز أي محاولة للتحديد أو التنبؤ.... الشيء الذي قد نسميه بالفردية العميقة...