بعد ترقب شديد، وفي لقاء مع النقابات العمالية والشركات في قصر شيغي الحكومي، أوضح كاتب الدولة مانتوفانو أن الحكومة ستتخذ مجموعة من الإجراءات بشأن مرسوم تدفقات المهاجرين الشرعيين القادمين من خارج دول الاتحاد الأوروبي. ومن بين هذه الإجراءات، زيادة عدد أيام تقديم الطلبات في فترات متفرقة، بحيث يتم تقسيمها حسب كل قطاع على حدة. إضافة إلى ذلك، سيتم زيادة حصص دخول العاملين من خارج الاتحاد الأوروبي، وكذلك مكافحة الاحتيال الذي ظهر في سوق التأشيرات.
أما بالنسبة لأكبر النقابات العمالية في البلاد (CGIL)، فإن حل المشكلات الحالية مستحيل دون مراجعة شاملة لقانون الهجرة، الذي وصفه مسؤول الهجرة في النقابة بـ"المشؤوم". ومع ذلك، ترفض حكومة ميلوني اليمينية هذه المراجعة، إذ أقرت بمراجعة آليات مرسوم التدفقات دون المساس بأسس تشريع الهجرة، بدءاً بقانون "بوسي-فيني". هذه هي الركائز التي قدمتها الحكومة للنقابات العمالية، ومنظمات العمال، و"الباطرونا" في مقر الحكومة، على ضوء الموافقة المحدودة على بند يتعلق فقط بمسألة دخول العمال الأجانب إلى إيطاليا.
من جهة أخرى، أشار ممثلو الشركات وأرباب العمل (الباطرونا) إلى أن عدد العمال الأجانب النظاميين أقل بكثير مما يحتاجه النسيج الإنتاجي الإيطالي. وطالبوا الحكومة بتبسيط الإجراءات والحد من البيروقراطية التي تعقد عملية التحاق العمال الأجانب بإيطاليا. ورد الكاتب العام بأن هناك "سوقاً للتأشيرات غير النظامية"، مشيراً إلى أن الحكومة أعلنت حالة طوارئ حقيقية بسبب الاحتيال الذي يلجأ إليه البعض للحصول على التأشيرة دون الحصول على منصب شغل فعلي. وفي هذا السياق، قدمت رئيسة الوزراء ميلوني شكوى إلى مكتب المدعي العام لمكافحة المافيا للتحقيق في احتمال تسلل الجريمة المنظمة إلى آليات التدفق. وتتمحور التهمة حول وجود سوق غير نظامية لإصدار تأشيرات العمل التي تطلبها شركات وهمية، مما يسمح لكثير من الأجانب، بمجرد وصولهم إلى إيطاليا بتأشيرة عمل، بالتحول إلى مهاجرين غير نظاميين.
في ختام اللقاء، أعربت النقابات العمالية عن خيبة أملها من الاجتماع. واعتبرت أنه من غير المرجح أن تتمكن المكاتب التي تدير مراحل عملية جلب العمال من الخارج من الاضطلاع بالمهام الرقابية المطلوبة، لأنها تعاني بالفعل من نقص خطير في الموظفين. وتحتاج المحافظات، ومكاتب شرطة الهجرة، والقنصليات إلى المزيد من الموظفين. كما أشارت ماريا غراتسيا غابرييلي من (CGIL) إلى أن إجابات مانتوفانو لم تكن مرضية، قائلة: "تم الاعتراف بالمرحلة الحرجة التي يمر بها سوق العمل من قبل الحكومة، ولكنها لم تتخذ حلولاً فعلية وواقعية، مثل تحويل العمال المؤقتين إلى عمال دائمين، وهو خيار سهل يمكن أن يساهم في حل مشكلة نقص اليد العاملة."
يُذكر أن حكومة اليمين بقيادة جيورجيا ميلوني كانت قد وعدت خلال الحملة الانتخابية بوقف الهجرة غير الشرعية، لكنها فاجأت الرأي العام، بعد توليها الحكم، بفتح الأبواب على مصراعيها أمام هجرة اليد العاملة كما لم يحدث من قبل. إذ خصصت 450 ألف تصريح عمل لجلب عمال أجانب من خارج الاتحاد الأوروبي، وهو عدد بعيد كل البعد عن تلبية احتياجات سوق العمل، الذي يحتاج إلى أكثر من 800 ألف عامل بشكل فوري، وإلى مليون عامل بحلول عام 2026، نظراً للعدد الكبير من المواطنين الإيطاليين الذين سيحالون على التقاعد خلال هذه الفترة.