محمد عزيز الوكيلي: أحداث لبنان الأخيرة..  والأسئلة الحارقة!!

محمد عزيز الوكيلي: أحداث لبنان الأخيرة..  والأسئلة الحارقة!! محمد عزيز الوكيلي
ما جاء في العنوان أعلاه عن الأسئلة يفرض نفسه بكل قوة... فكيف ذلك؟!
لنبدأ أولا من مفارقة في غاية الغرابة لم يقف عندها كثيرون، وربما لم تقف عندها إلاّ قلة جد قليلة، وهي أن ما وقع وحيّر المتتبعين وأدهش الناس أجمعين، من تفجيرات مبيّتة، متزامنة ومدروسة، لأجهزة "البيجر" الاتصالية وأجهزة "التولكي والكي"، وما نتج عن ذلك من إصابات في صفوف قادة حزب الله و"كبار مناضليه"، لأن تلك الأجهزة لا  توزع في العادة على الأفراد العاديين، وما نجم عن تلك التفجيرات الصغيرة واللاذعة من حيث حجمها التدميري من عيون مفقوءة، وآذان متطايرة، وأشلاء وَجْنات وجِباه وأيدي وأصابع جعلت كلها أصحابها خارج ساحة العراك، وخارج التغطية بالكامل... أقول: كل ذلك، لم يَلتفت أحد إلى أنه لم يُصِبْ حسن نصر الله ودائرتَه الضيقةَ وحاشيتَه بأي سوء، وهنا تكمن المفارقة... وتَطرَح أسئلةٌ حارقةٌ نفسَها بكل إلحاح:
 
* هل كان نصر الله ودائرتُه الضيقة على علم بما سيقع قبل أن يقع، فأبعدوا عنهم أجهزة "البيجر" و"التولكي والكي" حتى
لا يصابوا بسوء؟! 
 
* هل تمت عملية التفجير المتزامنة بشكل انتقائي، مدروس ومحسوب، بحيث لا تطال عملية الاتصال المسؤولة عن التفجير أجهزةَ نصر الله وأفراد دائرته ومحيطه المباشر؟!
 
* كيف طال التفجير مثلاً الجهاز الذي كان بحوزة السفير الإيراني بلبنان، وأجهزة بعض حراسه الأقربين، دون أن يطال حسن نصر الله ومساعديه الأكثر قرباً؟! 
 
* هل معنى ذلك أن السفير الإيراني كان بمثابة المحرك والموجّه الحقيقي لميليشيا حزب الله داخل لبنان ومنطقة الشام عامة، وأن حسن نصر الله ليس سوى وَصيفٍ له وظلٍّ من ظِلاله البشرية؟!
 
* هل كان هناك تدبيرٌ معيّنٌ تمت هندستُه وطبخُه بين مخابرات إيران من جهة، وحسن نصر الله وبعض المقربين منه من جهة ثانية، لإنهاء وجود ميليشيات الحزب بعد أن استنفدت ما كانت قد أُنشِئَت من أجله من المهام، ولم يَعُد لوجودها أدنى فائدة، خاصةً بعد أن صارت مجردَ لطخةٍ ووصمة في جبين النظام الإيراني، الذي يغلب الظن أنه انضم إلى لعبة جديدة تُحركها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وحواريوها، بهدف إعادة ترتيب المواقع فوق رقعة الخريطة الأوسطية، بما يؤمّن لإسرائيل وجوداً جدَّ مُريحٍ قد يمكّنها من إعادة النظر في مشروع الدولتين، الذي لم تُبْدِ في أيّ يوم من الأيام قَبولَها به رغم صمتها في بعض المحطات، التي أعيد فيها طرح ذلك المشروع، ولكنه صمت لا "يدل على الرضا" كما تقول أدبيات العرب؟!
 
* وهل هؤلاء العرب، السنيون، الذين احتفظوا لغاية يومه بدور اللامبالاة شبه الرسمية، مع بعض التنديدات الرسمية الخجولة والمحتشمة، وكأنهم يعلمون مُسْبَقاً إلى أين يسير ذلك الشرق العربي البائس... هل يستندون في موقفهم هذا على مجرد عدائهم للنظام الإيراني، الشيعي، وأجنحته المُنْبَثَّة في لبنان وسوريا والعراق وفي اليمن، أم أنهم طرف في معادلة "إعادة تشكيل" لم يتمَّ الكشفُ عن تفاصيلها بعد؟!
 
* ماذا يعني هذا الانخراط الإسرائيلي المحموم في حرب شعواء على الجنوب اللبناني، الذي يحتله حزب الله بميليشياته وقواعده ومستودعات أسلحته الثقيلة وصواريخه؟.. هل يعني ذلك أن إسرائيل تُعوّل على هذه الفرصة لإنهاء وجود حزب الله بشكل قطعي، بعد أن اتضح أن إيران وقائد الحزب ذاته لا يريان أي مانع من ذلك؟!
 
* ثم ماذا بعد القضاء على ميليشيات حزب الله قضاءً مبرماً... هل سيقف الأمر عن هذا الحد، بجعل وجود الدولة العبرية أكثر  سلاماً وأمناً بعد إعادة مستوطنيها إلى بيوتهم وضيعاتهم بالشمال؟.. أم أن الأمر سيتخطى ذلك إلى إجراء تعديلات جذرية على خريطة المنطقة، بعد قطع كل اتصال لها بإيران وشيعتها، والقطع مع الأطماع الإيرانية التاريخية التي تبدو الآن مستحيلة التحقيق بكل المعايير؟!
 
* هل تقبل إيران بهذا التعديل الجذري، الذي يقص مخالبها ويكسر أجنحتها العسكرية في عموم المنطقة العربية، تمهيدا لمرحلة جديدة من التعايش والمسالمة بين أسرائيل وجيرانها العرب من السُّنّة، الذين تضرروا لعقود طوال من عربدة الثورة الإيرانية، التي منذ أن أكلت والتهمت أبناءها لم تعد تفرّق بين الممكن وغير الممكن في تدخّلاتها السافرة والخبيثة في قضايا العرب عامةً وأهلِ السُّنّة منهم خاصة؟!
 
وأخيرا وليس آخراً، إلى أيّ حد سيكون الدور الأمريكي والروسي والصيني حاسما في هذا الذي يجري بالشرق الأوسط عامةً ومنطقة الشام خاصةً، وسط تفاهم أكيد بين هذه القوى العظمى على إعادة توزيع كعكات الأرض العربية بما يخدم مصالحها الحيوية ويُرضي كلا منها في آن واحد؟!
تُرى، كيف ستصير خريطة الشرق الأوسط بعد انتهاء كل هذه المَخاضات العسيرة والمؤلمة... ذاك هو السؤال!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي.