بداية "محاكمة القرن" ضد نادي مانشستر سيتي المتهم بمخالفة قواعد التعامل المالي النظيف الأوروبية

بداية "محاكمة القرن" ضد نادي مانشستر سيتي المتهم بمخالفة قواعد التعامل المالي النظيف الأوروبية تم ضخ مئات الملايين من الأورو في خزينة مانشستر سيتي دون احترام القواعد المالية لكرة القدم الإنجليزية
نادي مانشستر سيتي لكرة القدم الذي توج بطلا للمرة الرابعة على التوالي يواجه 115 تهمة, إذا ما تأكدت, أن تعصف بالفريق إلى الدرجة الثانية .
 
الفكرة الحمقاء نظريا ممكنة في الوقت الذي تنطلق يومه 16 شتنبر مسار قضائي داخلي تنتظره أوساط الكرة المستديرة باهتمام كبير. الفريق الذي توج بطلا لانجلترا يوم 19 ماي الماضي للمرة الرابعة تواليا يواجه 115 تهمة بخرق قواعد الممارسات المالية النظيفة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) ما بين سنتي 2009 و2018.

الصحافة البريطانية وصفته ب"محاكمة القرن" ومسار المحاكمة عبارة عن مسلسل شبه قضائي / قانوني داخل هيئات القرار المعنية بتسيير كرة القدم الإنجليزية. حيث ستدرس "لجنة مستقلة" داخلية تابعة للرابطة الانجليزية الأولى مكونة من 3 قضاة، التهم الموجهة للنادي من طرف الهيئة المشرفة على شؤون البطولة الاحترافية الأولى في إنجلترا.
كل شيء في هذه المحاكمة سري: الجلسات ليست عمومية ومدتها غير معروفة وحتى مكان انعقادها لم يكشف عنه، لكن وسائل الاعلام البريطانية تتوقع صدور حكم في النصف الأول من السنة القادمة.

 
التهم الموجهة ضد النادي رسميا في فبراير 2023 ثقيلة وطويلة. فهو متهم بنشر معلومات مالية مغلوطة ( 45 مرة ) ورفض التعاون مع هيئات تسيير كرة القدم الإنجليزية ( 35 مرة ) وبالكذب بخصوص الأجور التي يدفعها للاعبين والمسيرين ( 14 مرة ).
 
وراء هذه القضية هناك فكرة بسيطة : فمنذ شراء النادي من طرف الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، من العائلة الحاكمة في أبو ظبي، ضخ مئات الملايين من الأورو في خزينة مانشستر سيتي دون احترام القواعد المالية لكرة القدم الإنجليزية التي تفرض على أي نادي توازن حساباته المالية التي تسمح بخسارة لا تتعدى 105 مليون جنيه إسترليني (124 مليون أورو) على مدى ثلاث سنوات.

قواعد "الربحية والاستدامة" الموضوعة من طرف الهيئات المسيرة لكرة القدم الإنجليزية هي قواعد قريبة من قواعد اللعب النظيف المالي التي وضعها الاتحاد الأوروبي للعبة وذلك لتفادي شراء مليارديرات أو دول بترولية بسهولة الفوز في المقابلات. والآلة الكاسحة التي أصبح عليها النادي ( تحقيق ثلاثية تاريخية في موسم 2022-2023 : البطولة الإنجليزية وكأس إنجلترا ورابطة الابطال الأوروبية) أثارت أسئلة حول نجاعة هذه الإجراءات.

الملف لم يفتح فعليا إلا سنة 2018 بعدما حصل شخص يدعى روي بينتو على آلاف المراسلات الداخلية للنادي وسربها لأسبوعية "دير شبيغل" الألمانية. وتكشف هذه الوثائق تفاصيل الطريقة التي ضخم بها النادي مداخيله بشكل مصطنع وخفض نفقاته. في جانب المداخيل عقد الاستشهار مع شركة طيران الاتحاد مثلا تم تمويله من طرف الشيخ منصور شخصيا - وهو ما ينفيه المعني تماما- وحسب التهمة الامر يتعلق بطريقة ملتوية لتمويل النادي.

في جانب المصاريف تم البحث عن مخارج احتيالية لتضخيم الأجور دون التصريح بها. فمثلا أجر روبيرطو مانشيني مدرب النادي ما بين 2009 و2013 يبلغ رسميا 1.45 مليون جنيه ولكن الإيطالي كان يتقاضى كذلك 1.75 مليون جنيه كمستشار بنادي الجزيرة الاماراتي المملوك للشيخ منصور بن زايد آل نهيان. مبلغ كبير جدا لعقد استشارة لا يتعدى 4 أيام في السنة؟؟؟

هذه المعلومات أجبرت الاتحاد الأوربي لكرة القدم على فتح تحقيق. في سنة 2020 قرر تعليق مشاركة مانشستر سيتي في منافسات دوري الابطال لمدة سنتين. لكن العقوبة ألغيت من طرف محكمة التحكيم الرياضي.

 فهل ستكون سلطات كرة القدم الإنجليزية أكثر صرامة هذه المرة؟ العقوبات التي أصدرتها السنة الماضية توحي بذلك. ففريق إفرطن من مدينة ليفربول حكم عليه بخصم 10 نقاط – تقلصت إلى 6 نقاط بعد الاستئناف- بتهمة واحدة تتعلق بعدم احترام قواعد التمويل النظيف. نفس الامر بالنسبة لفريق نوتنغهام فوريست الذي خصم من رصيده 4 نقاط. ومقارنة بسيطة لهذه العقوبات بحجم التهم الموجهة لفريق مانشستر سيتي يعتقد المتتبعون أن الفريق يستحق خصم النقاط على أقل تقدير بل ربما النزول إلى الدرجة الثانية...ولكن هل يجرؤ أحد على مواجهة هذا العملاق بكل الجدية والصرامة؟
 
هذا المسلسل لا يزال في بدايته وأية إدانة محتملة ستدفع النادي إلى الاستئناف. وفي انتظار معرفة النهاية يكرر بيب غوارديولا أن " المحاكمة" ليست موضوعا داخل مستودع الملابس وأنه ينتظر حكما.. ومع بداية هذا الموسم يتربع السيتي على رأس الترتيب بأربع انتصارات في أربع جولات.