محمد حبيب: هذه خفايا اللغتين البصرية والحسية في العملات الورقية المغربية

محمد حبيب: هذه خفايا اللغتين البصرية والحسية في العملات الورقية المغربية الاخصائي الاجتماعي، محمد حبيب
قال الاخصائي الاجتماعي، محمد حبيب، أن العلامات الحسية على الأوراق المالية المغربية ليست مجرد زخارف عابرة، بل هي شفرات موضوعة بحكمة لتتيح للكفيف أن يتحسس العالم من حوله بثقة، وكأنه يقرأ لغة بصرية خاصة به. وتابع الأخصائي الاجتماعي قائلا:
 
العملات الورقية المغربية ليست مجرد أوراق تُستخدم في المعاملات المالية، بل هي أدوات خفية تحمل بين ثناياها لغة بصرية ولمسية مصممة خصيصًا لتمنح المكفوفين شعورًا بالقدرة والسيطرة على عالمهم المالي. فكل قطعة نقدية هي بمثابة رسالة مبطنة، تنبض بأرقام لم تُكتب بالحبر، بل بلمسات مدروسة تروي قصة شموخ الإنسان وإرادته في التكيف مع الحياة مهما كانت التحديات. بين يديك، تجد الأوراق من فئة 20 درهم تتحدث بخطين، وكأنها تقول "أنا الأصغر"، فيما تحمل فئة 50 درهم ثلاثة خطوط كإشارة إلى مكانة أرفع، ويأتي بعدها فئة 100 درهم بأربعة خطوط كرمز إلى التوسع والاتساع، بينما تحمل فئة 200 درهم خمسة خطوط، وكأنها تعلن عن عظمة وقيمة تتخطى الجميع. 

هذه العلامات الحسية ليست مجرد زخارف عابرة، بل هي شفرات موضوعة بحكمة لتتيح للكفيف أن يتحسس العالم من حوله بثقة، وكأنه يقرأ لغة بصرية خاصة به. إنها لمسة من الدولة لتمكين المكفوفين من تمييز الفئات النقدية بدون حاجة للآخرين، مما يمنحهم استقلالية لم تكن متاحة لهم من قبل. ومع ذلك، رغم هذا التصميم البارع، هناك من عاشوا عشرات السنين في الظلام دون أن يعلموا بوجود هذه الرموز التي كانت بين أيديهم طوال الوقت، كما حدث مع أحد المكفوفين الذي عبر عن شكره العميق بعد اكتشافه لهذه الحقيقة المذهلة. هذه القصة تُبرز بشكل صارخ حاجتنا إلى التوعية ومحاربة أمية المكفوفين، ليس فقط في القراءة والكتابة، بل أيضًا في فهم العالم المادي الذي يعيشون فيه. 

إن هذه الخطوط المرسومة على الأوراق النقدية ليست مجرد علامات، بل هي رموز للأمل، للاستقلالية، وللانتصار على العجز. فهي دعوة مفتوحة لكل كفيف ليشارك في الحياة بكرامة وثقة، وليكون جزءًا لا يتجزأ من النسيج المجتمعي. وفي ظل هذه الجهود المباركة، تبقى التوعية المستمرة هي جسرنا نحو مجتمع يحتضن الجميع بدون استثناء، حيث لا يُحرم أحد من حقوقه، مهما كانت التحديات التي يواجهها.