الشرارة الأولى للمقاومة بالمغرب
أولا، رحم الله المجاهدين الذي استرخصوا أنفسهم في سبيل الله، كانوا عربا أم بربرا، لكن وأمام التعتيم الإعلامي الذي طال المقاومة المغربية بمناطق الشاوية، ودكالة، وزعير، وورديغة، وعدة مناطق من بلاد "العروبية"، أردت اليوم التعريف بالمقاومة العربية التي كانت هي الشرارة الأولى للمقاومة بالمغرب.
في مديونة تعاهدوا وليدات الشاوية
فبعد مجزرة الدار البيضاء المؤرخة بتاريخ 8 غشت 1907، تعاهدت قبائل الشاوية العربية على حماية مدينتهم الدار البيضاء من تعسفات المحتل الفرنسي، وقد قاد هذه المقاومة البطل المقاوم القائد الأحمر بن منصور من قبيلة المذاكرة، حيث خاض القائد الأحمر بين سنتي 1907 و1908 عدة معارك سقط فيها العشرات من الشهداء، والقتلى الفرنسيين بما فيهم ضباط وقادة منهم على سبيل المثال: ( العميد ( Provost.. و (الضابط Boulhaut.. وغيرهم( .
نماذج من معارك الشاوية ضد المحتل الفرنسي
ومن بعض هذه المعارك أذكر على سبيل المثال لا الحصر، معركة ضيعة بوعزة بن مسيك، ومعركة سيدي مومن، ومعركة المدينة القديمة بالدار البيضاء، والتي كانت ملحمة بطولية سطرتها قبائل الشاوية بالرغم من القصف المدفعي وقصف البارجة الحربية " Gloire"، ثم معركة برابح، فضلا عن معركة بريغيت، ومعركة شعبة الحلوف والزكارنة بمنطقة مكارطو، علاوة عن معركة عين مكون، ومعركة سطات، ومعركة بوعسيلات، ومعركة سيدي الهواري، ثم معركة سيدي عبد الكريم، ومعركة فخفاخة ـ الجحفا، إلى جانب معركة بير الورد، مع العلم أن المحتل الفرنسي لم يستطع تجاوز أسوار مدينة الدار البيضاء إلا بعد ستة أشهر.
شراسة معارك القائد امحمد التريعي ضد المحتل الفرنسي
أما بقبيلة دكالة، فقد برز نجم القائد امحمد التريعي الذي أذاق فرنسا وأذنابها الويلات، وذلك في عدة معارك، أهمها معركة أزمور، والحوزية، والتريعات، وشتوكة، حيث قتل قائدها بوشعيب بن التهامي المعيزي الذي كان مواليا لفرنسا. وكانت آخر معاركه بالجديدة حينما حاصرته فرنسا. وهذا غيض من فيض.
فيما خلدت بعض قصائد العيطة بعض أوجه المقاومة، كمجزرة وادي زم على لسان مباركة البيهيشية، إذ تقول في عيطة الشجعان:
وَاتْـــعَـــالَـــى تْــشُــوفْ الْــعُــرْبَــــــــانْ
شِــــي مْـــصَــبَّـــطْ وشِــــي حَـــفْــيَــــانْ
فـِـيــنْ أيـَّــامَــــــكْ الَارْبـْــــعـَــــــــــــاء
كَـانْ مُـــــوسـَـــمْ وَلَّــــى حَــرْكَـــــــةْ
لَا خـْــــزَانَـــةْ لَا عـَــــوْدْ بْــــقَــــــــى
فـِــيـــنْ أيَّــــامَــــكْ يـــَــــا وَادْ زَّمْ
رَاهْ الـــــزْنـَـاقِــي تَــجْـــرِي بـِـالــدَّمْ
بـُــوعْـــوِيـــدَةْ يْـــكَــمَّــشْ لَـــقْـــلُــــوبْ
وَحـَــتَّـى الْخـَــرُّوبْ وَلَّــى مَـــطْــلُوبْ
وَحـَـتَّــــى الْــكَـــرُّوشْ عَــــادْ اوْرَاقِـــي
آشْ دَرْنَــــا وَآشْ عـْــمَــلْـنَـــــا؟
وَاشْ مَــــنْ خـَـــاطَــــرْ خَــــسَّــــرْنَا؟
آشْ دَرْنَــا وَآشْ عـْــمَــلْـنَـــا؟
وَاشْ قُـلْـنَــا لْـحَــدْ اعـْـطِــيـنَا؟
إن هذا الذي ذكرت، ليس كل شيء بالنسبة للمقاومة بمنطقة العروبية، وإنما هو فقط مثال بسيط عن استرخاص القبائل العربية المغربية كنظيرتها البربرية دماءها في سبيل الله، ثم في سبيل الأرض والعرض، بالرغم من أن الأفضلية في معارك فرنسا مع القبائل العربية كانت للمحتل، وذلك بالنظر لسهولة الأراضي السهلية، وسهولة تنقل سلاح المدفعية فيه، وأيضا استعمال البوارج الحربية في قصف المناطق المتاخمة للسواحل.
وحينما نقول أن فرنسا لم تستطع تجاوز الدار البيضاء إلا بعد ستة أشهر، فهذا ليس له إلا معنى واحدا، وهو أن المقاومين كانوا يستميتون في قتالهم ضد المحتل الفرنسي، وعندهم من الشجاعة ما يكفي بأن يواجهوا سلاح المدفعية والأسلحة المتطورة حينها بصدور عارية، وأسلحة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بدائية .