المصطفى حمزة: من "لوي جانتي" إلى "كازا بلانكا" حسان بن خليفة الحمري ومطاردة الفرنسيين والعملاء

المصطفى حمزة: من "لوي جانتي" إلى "كازا بلانكا" حسان بن خليفة الحمري ومطاردة الفرنسيين والعملاء المصطفى حمزة
تقدم قصة حسان بن خليفة الحمري، نموذجا لمجموعة من المقاومين الحمريين الذين شربوا من ينابيع الفكر الوطني بكل من: أسفي ومراكش وفاس والبيضاء...فتشبعوا بهذا الفكر، وتدثروا بقيم الشهامة والحرية والمواطنة.
 
وقبل أن تكون وجهتهم إلى منافع خاصة، والارتماء في أحضان المستعمر أدلّاء خانعين، كما فعل العديد منهم، كانت وجهتهم صوب الحركة الوطنية فتشبعوا بثوابت الأمة المغربية، وكانت لهم مواقف مشرفة، أسماها مشاركتهم في العمل المسلح بمدينة الدار البيضاء بعد أحداث 20 غشت 1953م، لإيمانهم بأن ما أخذ بالقوة، لا يسترجع إلا بالقوة.  
 
حسان ابن دَوَّارْ الْفَوَاشِخْ أحد أهم التجمعات البشرية، التي كانت ولا زالت تنطق المركز العمالي "لوي جانتي" من الجنوب الغربي، ولد سنة 1929م، في فترة كان المغرب فيها تحت الحماية الفرنسية، وكان شاهدا على مجموعة من الأحداث التي عاشها نجد الگنتور.
 
ذاكرة الطفل حسان، كانت حبلى بالأحداث التي جعلته منذ البداية ناقما على الفرنسيين، فقد كان شاهدا - رغم صغر سنه - على توقيف العديد من الحمريين من العمل بالمكتب الشريف للفوسفاط في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، ولإدلالهم أكثر جلب المستعمرون العديد من اليد العاملة من خارج المنطقة. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، عايش الأساليب الدنيئة التي استعملها الفرنسيون، لتجنيد الحمريين بالقوة وخاصة الشباب، ولا زال العديد من الشيوخ الحمريين، يتداولون حكايات عن دخول المراقب المدني وأذنابه لبعض الدواوير والأسواق، واقتياد الشباب الحمري إلى التجنيد بالقوة ودون علم وموافقة أسرهم.
 
ومن بين هذه الحكايات حكاية تجنيد الجنيرال الحمري ابن زاوية الولي الصالح سيدي بومهدي الغوثي، كما كان شاهدا على مجموعة من المساغب والأوبئة التي عرفتها القبيلة.
 
قصة حسان الحمري، هي قصة مدينة منجمية "لوي جانتي"، التي احتضنها السفح الشمالي لنجد الگنتور في بداية ثلاثينيات القرن الماضي. واجهت المدينة المنجمية في بداية تأسيسها عدة صعوبات حدّت من نموها وتطورها، بما فيها نتائج أزمة 1929م، واندلاع الحرب العالمية الثانية، وضعف التقنيات المستعملة في استخراج معدن الفوسفاط، فكان عليها انتظار بداية الخمسينيات لكي تحقق نهضتها وتطورها.
 
نفس المصير كان على ابن الفواشخ أن يجتازه، فقد وجد نفسه منذ البداية في مواجهة دولة استعمارية تخلت عن التزاماتها الدولية، وشرعت في انتزاع أراضي الجماعات السلالية، فكانت جماعته أولها، وعند التحاقه للعمل بالمكتب الشريف للفوسفاط، وجد نفسه في مواجهة قوانين تمييزية في العمل، والأجر، والعطل، والسكن، والانتماء النقابي فرضها المشغل الفرنسي، هذه العوامل مجتمعة ساهمت في مشاركته في العمل الوطني، والانخراط في الحركة الوطنية بـ "لوي جانتي" سنة 1946م، وهي سنة صدور جريدة العلم.
 
الأستاذ المصطفى حمزة/ باحث متخصص في التاريخ المحلي والجهوي
 
 
يتبع