فالمدرسة النبوية المحمدية كانت تعلم طلبتها وتلامذتها على التدبر والتفكر والإبداع والتجديد والاجتهاد؛ بل شرعنته بنصوص الوحي والسنة ويتمثل ذلك فيما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" ، ولو كان الخطاب الديني لا يحتاج إلى تجديد (كما يزعم البعض) لما أكد هذا الحديث النبوي على بعثة المجدد؛ أي أن التجديد سنة إلهية، وفريضة دينية، لا يملك أي انسان على وجه الأرض تعطيله، أو عدم الاعتراف بمشروعيته، ويتضح مما سبق أن الاجتهاد هو الطريق الأوحد لتجديد الخطاب الديني، وأنه أصل من أصول الإسلام، وفرض شُرِعَ بنص قرآني، وقول وإقرار نبويَّان، وتطبيق عملي من الصحابة الكرام، هنا يتجلى عقم وفساد أصحاب مذاهب التكفير وأصحاب التقليد الأعمى؛ الذين يعتمدون على بعض المقولات مثل: "ليس في الإمكانِ أبدعُ ممَّا كانَ" "ولم يَتركِ الأوَّلُ للآخِر شيئًا"، و "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" هدفها تغييب العقل الإسلامي، وإبقاء الشعوب ساكنة جامدة متخلفة عاجزة عن مواكبة مستحدثات الأمور ومستجدات العصر وتقلباته؛ بل ويزداد الأمر خطورة مع مذهب التقليد والتعطيل للاجتهاد والتجديد وهو ما يؤدي إلى جمود الفكر الديني، وترك المسلمين ودولهم فريسة للجهل والخرافات والشعوذة والدجل؛ لهذا قال بعض أهل العلم من يُفتي تقليدًا أو نقلًا عن السابقين، دون مراعاة أحوال الناس ومستجدات عصرهم، فقد ضلَّ وأضلَّ وجنى على نفسه وعلى الدين والدنيا معا الويلات والهلاك والدمار .. وياليت قومي يعلمون .