إبراهيم سلاك: أزمة التعليم في المغرب مرتبطة بأزمة التنمية والهشاشة الاقتصادية

إبراهيم سلاك: أزمة التعليم في المغرب مرتبطة بأزمة التنمية والهشاشة الاقتصادية إبراهيم سلاك، عضو المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم
سلط إبراهيم سلاك، عضو المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم، الضوء على الأبعاد المختلفة لأزمة التعليم، ويربطها بأزمات أعمق في المجتمع والتنمية. كما يقدم رؤية واضحة حول المسؤولية المشتركة للحكومة والمجتمع في تطوير نظام تعليمي يساهم في تنمية البلاد. 
 
ويرى سلاك، أن أزمة التعليم هي أزمة تحديث وتحويل المجتمع، وأزمة اقتصادية وتنموية وعجز عن تلبية حاجيات المواطن المغربي.
 
 
مع كل دخول مدرسي، يتكرر الحديث عن إصلاح التعليم دون تحقيق نتائج ملموسة. ما السبب برأيك؟
- لضمان فهم دقيق للوضع، يجب علينا أولاً ضبط المفاهيم والتساؤلات. التعليم في المغرب هو منظومة متحركة وديناميكية، تؤثر وتتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية. لا يمكن إنكار وجود المدارس في جميع مناطق المغرب، حتى في المناطق النائية، والأساتذة متواجدون في مقرات عملهم مع بداية كل موسم دراسي. المدرسة المغربية تترك بصمتها وتساهم في تحويل المجتمع، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها دفاعاً عن المدرسة كمدرسة بمختلف مكوناتها، بما في ذلك الأسرة المغربية التي تضحي بالكثير لضمان استمراريتها. 
 
المدرسة لها أدوار متعددة تتجاوز مجرد الامتحانات والنقط، إذ تسعى إلى أنسنة الإنسان وجعله كائناً ثقافياً واعياً بوجوده وواقعه. أما من الناحية السياسية، فيظل تقييم جودة التعليم مرتبطاً ببرامج التنمية الشاملة. لكن يجب أن نتساءل: هل قطار التنمية نفسه موضوع على السكة الصحيحة ليكون التعليم قادراً على قيادته؟ كثيراً ما تحاول السياسة التعليمية إنتاج ما لم يكن مبرمجاً لدى باقي القطاعات الأخرى. التعليم لديه القدرة على مضاعفة الثروة الوطنية، ولكن بشرط أن تكون هناك نواة لهذه الثروة وتوجه لتكون ثروة وطنية حقيقية.
 
من المسؤول في اعتقادك عن هذه النكسة التي يتخبط فيها القطاع رغم الأموال الكثيرة التي صرفت عنه؟
- إذا أردنا الحديث عن "النكسة "على حد تعبيركم فيجب الحديث عنها من موقع آخر لا اختزالها في التعليم، وهنا سأتحدث عن الأزمة بدل "النكسة" فأزمة التعليم هي أزمة تحديث وتحويل المجتمع، وأزمة اقتصادية وتنموية وعجز عن تلبية حاجيات المواطن المغربي، فيكفي القول على سبيل المثال أن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية تحول بشكل حاسم في تمدرس أبنائها، إذن فالمشكل نسقي وجد معقد وهو ما يبرر ضياع الكثير من المجهودات، مما يقتضي إعادة النظر في مشكل التنمية وجعله صلب مختلف السياسات العمومية، والمقاربة يجب أن تكون نسقية متكاملة تجيب عن سؤال ما هي مواردنا؟ كيف يمكننا استثمارها وتنميتها واستدامتها؟ ماهي حاجياتنا الحقيقية في علاقتها مع مواردنا؟ ما موقع التضامن والتكافل الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمجالية في النموذج التنموي الذي نسعى إليه؟ هي جملة من الأسئلة من بين العديد التي لابد من الإجابة عنها لنطرح ونجيب عن سؤال: كيف يمكن للتعليم أن يساهم في هذا المشروع المجتمعي؟ آنذاك يمكن للتعليم أن يشتغل على سؤال أي إنسان مغربي لمختلف التحديات الوطنية والعالمية؟
ولنكون منصفين، فالكثير من المجهودات تبذل من قبل نساء ورجال التعليم، وكلنا نفتخر أننا أبناء المدرسة المغربية، كما أن المدرسة المغربية بكل مكوناتها راكمت رصيدا مهما على عدة مستويات سواء مواردها البشرية بخبرتها العالية، أو المنهاج المغربي المنفتح والمتشبع بثقافة حقوق الإنسان والمنفتح على الثقافة الكونية والتعايش والتنوع اللغوي. وحاليا هناك مجهودات وإصلاحات مهمة على المستوى البيداغوجي وتأهيل البنية التحتية للمؤسسات، لكن ذلك طبعا لن يحل المشاكل الجذرية للتعليم باعتبارها كما قلت سابقا مرتبطة بإشكالات أخرى خارج المنظومة التربوية. 
 
ما الحل في نظرك لإعادة الاعتبار لمنظومة التعليم العمومي؟
- لا يمكننا عزل مشكلة التعليم عن قضايا الفقر والهشاشة الاقتصادية والتنمية. عندما تكون لدينا سياسة واضحة وشاملة في هذا الصدد، فإن المنظومة التعليمية ستكون في طليعة تحقيق التنمية الحقيقية. نساء ورجال التعليم مستعدون دائماً للتضحية والعمل بجدية من أجل خدمة أبناء الوطن. نحتاج فقط إلى مشروع تنموي واضح وحقيقي.
 
ورغم كل التحديات، نحن فخورون بمدرستنا المغربية وبأدوارها الحيوية. لقد شاهدنا أثرها الإيجابي حتى في أصعب الظروف. تحية لكل نساء ورجال التعليم والأسر المغربية التي تكافح من أجل تعليم أبنائها رغم الفقر والظروف الصعبة.