مررت كالمعتاد بمكان غالبا ما يكون به ازدحام شديد حيث تحتل العربات من مختلف الأنواع الرصيف والشارع على حد سواء . تكثر الأزبال والمشردين من مختلف الأعمار ، الروائح الكريهة تنبعث من كل مكان بجوار اقدم سور بالمدينة حي باب دكالة العريق الذي يحتضر من شدة الإهمال واللامبالاة والفوضى . بقايا فواكه وخضر متعفنة مرمية بكميات على جنباته زادت من الصورة قتامة .افرشة من مختلف الاحجام تعرض بها سلع في غياب شروط النظافة مما يعرض جميع المواطنين الباحثين عن اقتناء اغراض وسلع رخيصة هروبا من غلاء مدمر إلى خطر صحي محقق .
استحالة المرور من هناك يعرفها جل المراكشيين مما يدفعهم مضطرين إلى تغيير وجهتهم والمرور من ازقة أخرى حتى لايصطدموا بتلك العراقيل . أغلب مالكي عربات الفواكه هناك لن يتركوا لك مساحة بعدما احتلوا كل مكان ، بل إن البعض منهم قد يتطاول على حقك من الشارع العام بدعوى إن الوقوف فيه أصبح ملكية مشتركة بين البائع والسلطة هناك سؤال يفرض نفسه من أين يستمد الشرعية وطريقة الرد واسلوب الحوار التي يدبر بها البائع المتجول علاقته مع الآخرين وهو ينتفض ضد كل من احتج على هذه الفوضى؟ بل الأنكى من ذلك ان تعاين بعض السائحين الذين قادهم فضولهم إلى المكان من أجل توثيق اللحظة بهواتفهم النقالة لمشاهد حاطة من كرامة الانسان لمجموعة من المتسكعين يحتسون الكحول دخلوا في شجار فيما بينهم وسط كومة من الأزبال تنتظر بعد مدة طويلة دورها لتشحن بعيدا . مما جعلها تفرز رائحة نتنة تعافها النفس .
في الأيام القليلة الماضية وفي بادرة جيدة وملفتة تستحق التشجيع نسجل بايجابية عملية تحرير واسعة للملك العام تحول معها المكان إلى طبيعته الأولى بعدما بدا عكس التوقع نظيفا وفارغا إلا من بعض عربات الفواكه على قلتها المركونة هنا وهنا يطرح معها سؤال عن سر وجودها في وضعية استثنائية دون البقية .تستطيع ان تمر ليس بدراجتك فحسب بل بالسيارة كذلك. بعدما كان الأمرسابقا في حالة الذروة مستعصيا . أصبحت عملية السير والجولان بالمكان سلسة وبدون ضجيج ولا تدافع .سيارة القوات المساعدة الوحيدة مرابضة هناك في اقصى الشارع تراقب الوضع . لاننسى ان هدم دكاكين عشوائية في السابق بعدما انتشر خبر تسمم بعض المواطنين من جراء وجبات سريعة افسح المجال لاستثمار الرصيف المحتل والذي يحتاج للتجديد والعناية به ليبدو برونقه المعتاد رغم ان محطة الطاكسيات المتواجدة هناك لازالت تشكل عائقا في الجهة المقابلة وتحتاج لمقاربة أخرى تتجاوز أخطاء الترقيع مع الأمل بتحقيق وعد بنقل المحطة الطرقية التي اثارت زوبعة لاندري هل خمدت نارها ام لازالت؟ .
استحسان الساكنة لهذا الإجراء الذي جاء نتيجة انتقالات همت صفوف ممثلي السلطة نتمنى أن يحافظ على الوضع الذي أعاد للشارع حريته وجماليته ومكن المواطن على الأقل من التحرك بسهولة وسط منطقة تعرف صعوبة في السير والجولان .وألا يقتصر هذا الأمر على الايام الأولى من المسؤولية كما يشيع البعض وحتى لاتصدق روايتهم بالمثل القائل "عادت حليمة لحالتها القديمة" وهو أمر لانتمناه. فالانطباع الجيد الذي تركته العملية استحسنها الكل وتحتاج للدعم والمساندة وكذا الاستمرارية .