كما وعد بذلك نجح عبد اللطيف وهبي في إقناع الحكومة بالمصادقة على مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية، بالرغم من المعارضة الشديدة له من طرف مكونات المجتمع المدني الحقوقية منها والسياسية على اعتبار أن المادة الثالثة تحمل في طياتها بوادر التضييق على من المفروض فيهم انهم شركاء اجتماعيين ويساهمون بشكل كبير في صناعة السياسات العمومية.
وهكذا وبحكم هذه المادة لا يحق للجمعيات الناشطة في حماية المال العام والتي جرت بالمناسبة العديد من المنتخبين والمسؤولين الحكوميين الى القضاء. بناء على تقارير مؤسسات دستورية وبشبهات تتعلق بنهب المال العام واختلاسه.
وحصرت المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبناء على إحالة من المجلس الاعلى للحسابات أو المفتشية العامة للوزارات أو بإحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة. وهو ما يجعل العديد من الجمعيات المهتمة بحماية المال العام خارج السياق.
والأكيد أنه بقدر ما شكلت المادة الثالثة من مشروع المسطرة الجنائية انتكاسة وردة حقوقية تفرغ المجتمع المدني من محتواه بقدر ما اثلجت صدر العديد من المنتخبين وضمنهم أحمد التويزي رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب الذي قال بان الوقت قد حان لإنهاء ما سماها بالفوضى والابتزاز الذي تمارسه العديد من الجمعيات في مختلف ربوع المملكة.
ناسيا أو متناسيا أن القضاء وحده هو المكلف بإثبات الابتزاز من عدمه وان التبليغ عن الجرائم كيف ما كان نوعها قبل أن يكون حقا لجميع المواطنين هو واجب عليهم، وإلا ما الداعي لوجود خطوط خضراء بمختلف الادارات العمومية للتبليغ عن الرشوة مثلا؟ ألا تشكل هذه المادة، أيضا، اعتداء صريحا على اختصاص النيابة العامة ومحاكم جرائم الاموال في محاكم الاستئناف بأربع جهات؟ لنخلص الى ان تخليق الحياة العامة ومحاربة ناهبي المال العام ومختلسيه مدخله الاساسي مرتبط بإتاحة الفرصة للجميع للتبليغ عنه.