شاركت الفنانة التشكيلية إيمان فرحاتي مؤخرا، في فعاليات الدورة العاشرة للملتقى الدولي للفنانين التشكيليين للقصبة بأليكانتي الاسبانية، والتي نظمتها جمعيات الوقت الثالث بين الثقافات بأليكانتي، وقصبة الفنانين بالمغرب، التي يترأسها نور الدين التباعي.
وقد شاركت الفنانة فرحاتي في هذا المعرض الدولي، بلوحات غاية في السحر والإبهار، والتي تعتبر استمرارا لسلسلة لوحات معرضها الأخير "براد وتقاليد"، وذلك من خلال تجربة فنية جديدة ،همت التعامل إبداعيا مع زي "الحايك"، وهو لباس تقليدي مغربي عريق وأصيل.
في هذا المعرض الرفيع، بدل اللوحات، حضر "الحايك" بكل رموزه وقدسيته وسحره المجتمعي الخارق والشريف، وهي تجربة فريدة وجديدة، شكلت عرضا مبهرا لزي تقليدي مغربي صوفي رزين، ولكن بمحسة فنية، أبدعت فيها الفنانة فرحاتي بشكل بديع، أبهرت الحضور أيما إبهار.
وقد شكلت هذه التجربة، الغنية في أفكارها الحلوة، ورؤاها الفنية، نوعا آخر من الإبداع المغربي، الذي أوجدته فرحاتي، ما يبرز غنى التقاليد والطقوس، وخصوبة العادات المغربية، والقيمة الاعتبارية للهوية المغربية في الثقافة والأزياء، وما تحبل به من روح فنية مشبعة بفيض من الإيقونات الفاتنة، ذات الحمولة الروحية والتاريخية والفنية والكونية والإنسانية والمجتمعية.
إن جمال ونخوة "الحايك"، وروح "الحنديرة"، في تجربة فرحاتي الجديدة، مسحة فنية بديعة، مزهوة بالأناقة والجمال، تتبرعم من روح قيم ذاتية، تعود بالمتلقي إلى أصول الثقافة البربرية والامازيغية للفنانة، إنها باكورة حب بفاكهة الألوان، متبادل بين الفن وفنانة عاشقة ومجنونة أحيانا، تعرف كيف تصنع من لمسة "الحايك"، وتقاليد "الحنديرة"، عالما غنيا بالمادة والألوان والرموز والعلامات الموغلة في السحر والمجد والبهاء.
وعلى صعيد متصل، ومباشرة بعد عودة الفنانة فرحاتي من مشاركتها الناجحة والمميزة في اسبانيا، تم تكريمها بمناسبة تظاهرة ثقافية كبرى حول الدبلوماسية الموازية التي نظمتها مؤخرا، جمعية نجوم القمر بمدينة القنيطرة، حيث تم تنظيم معرض تشكيلي للفنانة بالمناسبة.
تميز المعرض بتقديم أبهى اللوحات التي برعت الفنانة في إيجادها وحياكتها باللون والريشة، بطريقة لطيفة للغاية، أبرزت فيها قدرتها العالية على الإبداع، ورسخت فيها رؤيتها الفريدة للفن، وتعبيرها الراقي عن قضايا وطنية وإنسانية وكونية كثيرة.
وزاوجت الفنانة من خلال لوحاتها في هذا المعرض، الذي استحسنه الجمهور، كما زاره وفد رسمي ضم عددا من المسؤولين، بين الأصيل والمعاصر، وأيضا بين التراثي الوطني والطبيعة والهوية التي تمجد الوحدة الترابية الوطنية، وتكرم بطريقة راقية قضية الصحراء المغربية، والخريطة المغربية كاملة من طنجة الى الكويرة، لوحات قيمة، كرست روح الدبلوماسية الفنية والثقافية في خدمة قضايا وطنية وكونية.
هكذا استطاعت الفنانة إيمان فرحاتي، بين معرضين، الأول دولي وعالمي في أليكانتي الاسبانية، والثاني وطني في القنيطرة، أن تقدم للجمهور، لوحات عاكسة لضوء وجمال وتنوع وخصوبة الوطن في أبهى التجليات، لوحات احتفت بالهوية والتراث والتاريخ والطبيعة، والسحر المغربي، الذي يتلألأ عبر كل ألوان الطيف، ثمة كانت إيمان فراشة فنية مرفرفة، ونجمة تضيئها ألوان الوطن، وكان "الحايك" سفيرا في اسبانيا، ابهر المتلقي بشكل لافت، وكان المعرض الثاني، كؤوسا أخرى من عشق وطن دافق بالجمال والحرية والحنين والألوان.
ثمة كانت روح الهوية الوطنية، تنسدل بين ثنايا تأملات الجمهور في مختلف زوايا المعرض، فكانت نجمة الوطن خفاقة في الأعالي، بمختلف ربوع الخريطة المغربية، وكانت الألوان والرموز والأحلام والأشعار وحكايا شهرزاد، التي لا تنتهي عن سحر الألوان، وشعرية الكلمات الصامتة واللوحات والمعاني، وكان الفن وطنا غاليا، صنعت منه الفنانة عالما يأسر المشاهدين.
بهذا تتحول لوحات فرحاتي، كإحدى فنانات المستقبل، إلى إيمان قوي، بسحر الفن المغربي، في خدمة قضايا الجمال والسلام، إنها إيقونات لونية، تبرز كم ساحر هذا الفن الجميل، الذي يبعث على الفرح، ويحمل رسالة سلام للعالم، رسالة تنجلي فيها قيمة الدبلوماسية الفنية التي تبدعها فرحاتي باحترافية عالية، وحس أنثوي خلاق وبديع.