في ظل التغيرات الكبيرة التي يعرفها المغرب وما يتطلب ذلك من تطوير مهم للإعلامنا المغربي ليكون رافعة للنقاش العمومي، ومتفاعلا مع متغيرات العالم و في رفع منسوب التنافسية إلى جانب تعزيز البعد الثقافي والإبداعي للمغرب ليكون حاضرا ضمن المشهد الفني والسينمائي والتلفزي، ويفتح آفاق واعدة للإنتاج المغربي الذي يشكل واجهة لترويج صورة المغرب على عدة مستويات.
تختار القناة الثانية 2M إلا أن تكون ملحقة للإعلام التركي وللمجتمع التركي تمنحه زمنا يفوق 7 ساعات أو أكثر بشكل يومي، تغلفه باللهجة المغربية من خلال دبلجة الأفلام في تناقض تام مع رسالة دور إعلامنا العمومي، المفروض أن ميزانيته يتأتى نصيبها الأكبر من المال العام، في مشهد يجعل المشاهد المغربي مجبرا أن يتغذى على أفلام تركية تأخذ مساحة كبيرة في الفترة الصباحية، وبعد الظهيرة والفترة المسائية، وكذا الفترة الليلية، وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام، هل وزارة الثقافة والشباب والتواصل باعتبارها الوصية على قطاع القنوات العمومية، هل هي ملحقة لدولة تركيا، هل القناة الثانية قناة إعلامية تركية تمنحنا زمنا ضيقا من البرمجة لما يهم أخبار بلادنا و أفلامنا ، وهل الهيئة العليا للقطاع السمعي البصري خارج التغطية لتسمح للقناة الثانية أن تمرر كل هذا الكم من الأفلام التركية وبالساعات على القناة الثانية، أمر غير مقبول وغير مفهوم بالمرة، الباب مشرع ومفتوح للأفلام التركية على القناة الثانية، مما يتطلب ذلك إحداث رجة قوية من خلال دور البرلمان و المجتمع المدني و الصحافة المغربية ، ومن طرف المؤسسات ذات الاختصاص بتوقيف هذه المهزلة، وهذا الاستهتار بحق المشاهد المغربي في إعلام حقيقي، وليس في تكريس إعلام مغربي مسلوب الهوية والثقافة، ويغطي مساحة الفراغ بأفلام دولة تركيا تبحث عن أسواق أضحت فيه القناة الثانية المستهلك الوفي في الوطن العربي ، وتساهم في تعطيل كفاءتها الإعلامية وأطرها الفنية بأفلام تركية بشكل يومي وبالساعات وتجعل التكلفة المالية التي تخرج بالعملة كبيرة لصالح شركات الإنتاج التركية. بدل تقوية الانتاج المغربي أكثر .
لقد أصبحت القناة الثانية تعتمد بشكل متزايد على عرض المسلسلات التركية، حيث يتم بث أكثر من ثلاثة مسلسلات يومياً، بالإضافة إلى إعادة عرضها، مما يشكل نسبة كبيرة من محتوى القناة.
ويثير العديد من التساؤلات حول تأثيره في المشاهدين المغاربة، وفي تعزيز ثقافة وسلوكيات بعيدة عن القيم الثقافية المغربية، مثل العنف والعصابات والانحلال الخلقي. وتحقيق رواج سياحي لبلد تركيا ولصناعة تركيا، حيث تأخذ الأفلام التركية حصة الأسد من وقت البث، مما يحد من فرص عرض برامج متنوعة ومفيدة.
في الوقت الذي يتطلع فيه المجتمع المغربي إلى تنوع في البرامج التي تقدمها وسائل الإعلام، تظل القناة الثانية أسيرة للمسلسلات التركية، والذي يؤثر بشكل سلبي على التوازن في البرمجة، ويحرم المشاهدون من الاستفادة من محتوى متنوع يعكس الثقافة المغربية، ويرتقي بالمستوى الإعلامي في البلاد، وفي تنويع الإنتاج المغربي ليأخذ مساحته في الوطن العربي والإقليمي.
لذلك ينبغي على صناع القرار في مجال السمعي البصري و الإعلام العمومي إلى إعادة النظر في استراتيجية برمجة القناة الثانية، وإيلاء الاهتمام الكافي لتقديم برامج تعكس التنوع الثقافي المغربي، بما في ذلك الأعمال الدرامية المغربية الجديدة، الأفلام الوثائقية، والبرامج الثقافية والترفيهية التي تعزز القيم الوطنية، وتثري الحياة الثقافية في المغرب.
إن استعادة التوازن في البرمجة لن يعزز فقط من جودة المحتوى التلفزيوني، بل سيسهم أيضاً في تلبية احتياجات وتطلعات المشاهد المغربي، ويعكس اهتمام القناة الثانية بجودة المحتوى وتنوعه. نأمل أن يكون هناك توجه جديد يعيد للقناة مكانتها كمصدر رئيسي للمحتوى الإعلامي الهادف والمتنوع في المغرب.