لم يكن اسم ووجه وصوت عبد اللطيف وهبي معلومين لدى المغاربة إلا في أقل من الأربع سنوات الأخيرة عندما انتخب الرجل رئيسا لحزب الأصالة والمعاصرة، وبالنظر إلى الولادة الملتبسة لهذا الحزب، فإن كل من تقلد قيادته يصبح محط اهتمام، وأما قبل ذلك فلم يكن لعبد اللطيف وهبي صيت معلوم، وحتى عند البحث في ويكيبيديا يتبين أن سيرة الرجل كتبت بعناية في محاولة لزرع الروح في نهج سيرة ظل خاليا معدوما، ولعل نقطة الضوء الوحيدة التي يستمد منها وهبي شيئا من البريق هي التحاقه بمهنة المحاماة سنة 1989 وتمرنه محاميا متدربا بمكتب الأستاذ أحمد بنجلون الشقيق الأصغر للشهيد عمر بنجلون، بمعنى أن وهبي في أفضل الأحوال كان يستظل بظل غيره.
وبالنظر إلى مكانة أحمد بنجلون السياسية وعرقه النضالي فطبيعي أن يكلف بالدفاع في ملفات سياسية ضخمة عرضت على القضاء، وطبيعي أن يشارك وهبي حينها أستاذه بنجلون في بعض تلك الملفات ولو من باب الحضور لإرواء الفضول كأي محام مبتدئ، ورغم ذلك لا يتوفر وهبي على سجل كبير في مهنة المحاماة التي قضى فيها ثلاثة عقود، فهو لم يفلح حتى في الظفر بعضوية مجلس هيئة المحامين بالرباط كي يتمكن من سبر أغوار المحاماة وما ترتطم به من حواجز على مستويات تبقى خفية على غير نقبائها وبعض أعضاء مجالسها.
ويبقى المثير في مسيرته المهنية هي الحكم بتوقيفه عن الممارسة مدة معنية بسبب مقال نشره في إحدى الجرائد تخطى فيه حدود الاحترام الواجب للسلطة القضائية، وفي المحاماة كما في السياسة يظل سجل وهبي محتشما، فهو بالكاد انخرط في مكتب محلي لشبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عندما كان يافعا في ضواحي تارودانت، وقد يكون انخرط في حزب الطليعة الذي أسسه مُمرنه أحمد بنجلون من باب تطييب خاطر أستاذه، وحتى باب رئاسة حزب الأصالة والمعاصرة لم يدخله وهبي دخول الفاتحين بماض نضالي مشهود، بل شفع له في ذلك قربه أو ربما دفعه أو دعمه من أحد مستشاري الملك، فمسيرة الرجل بكل هذه المقدمة خالية من كل بروتين تمنح لوهبي القدرة على بناء رصيد سياسي أو قانوني أو نضالي يصلح لأن يقدم جديدا نافعا للتشريع المغربي، بالمقابل يعاني لسان الرجل نقصا ملحوظا في الفصاحة يخفيها بركونه إلى اللهجة العامية، ثم إنه آلة مزعجة لا تتوقف عن الثرثرة والتباهي ببعض أمجاده الصغيرة، هذا دون إغفال محطات الفشل التي لازمت وهبي في مجال الصحافة، بعد خوضه لأكثر من تجربة قصد إصدار عدد من الجرائد كان مصيرها كلها هو الخيبة، ولأجل هذا لا غرابة أن يكون حال وهبي كحال معدم وجد نفسه في نادي الأثرياء من ضربة قمار، فقد حاز حقيبة وزارية فقط لأنه رئيس الحزب الذي حل ثانيا في الانتخابات، حيث فرضت قواعد التحالف الثلاثي استوزاره، ولمسح عار الماضي الفارغ يجد وهبي كل العزاء في معاركه الدونكيشوتية ضد الجميع ولو تعلق الأمر بمواجهة الشعب كله، كأنه يقول للجميع (أنا هنا) منتقما من محيطه المهني لأنه يشعر أنهم لم يبوئوه المكانة المحمودة التي يستحق كما يعتقد، فلولا علاقاته التي دفعت به ليطفو فوق سطح السياسة لظل نسيا منسيا...
ملاحظة: البورتريه جنس صحفي يسلط الضوء على حياة شخصية معروفة، هو قريب من نبذة حياة، لكن بأسلوب صحفي