لقد استطاع حميد السرغيني أن يختار لنفسه أسلوبا خاصا به يميزه على الكثير من الفنانين الشعبيين بسعيه بأن ينهل من التراث بدمجه في الذائقة الفنية المعاصرة، ما يضفي على فنه جمالية تتماشى مع الأسلوب الذي يجعله مستصاغا من موجة الإستهلاك التي تتحكم في الجمهور المعاصر .
حميد السرغيني ينطلق من الموروث الثقافي الذي يعم منطقة تساوت كمنطقة تشتهر بعبيدات الرمى المشهورين بالعيطة الحوزية، أو بلون يسعوا من خلاله أن يتميزوا بطريقة متفردة تتعالق مع ظاهرة عبيدات الرمى التي تتوطن سهل الغرب، يتعلق الأمر هنا، بأولاد الخبشة الذين يفرضون أسلوبا خاصا بهم بالإتكاء على بعض العيوط الغرباوية ك "فَّيْطَنَةْ يَا الْعَمًّالَةْ".
حميد السرغيني من الفنانين المجددين باقتدار والملتزمين بتطوير التراث بالإنطلاق منه مع السعي لتطويره.
إن الموسيقار حميد السرغيني هو ظاهرة صوتية، كما هو مسرحي ، في تفاعل مع القضايا الإجتماعية المعاشة في المجتمع .
ظاهرة صوتية بتوفره على خامة صوتية رنانة وقدرته على أن يعطي لصوته إمكانية التعبير عن الكثير من الحالات الإجتماعية بأحاسيس شعورية متنوعة وهو بذلك يجعل صوته في خدمة المواقف الدرامية التي تكون الأغنية بصدد التعاطي معها .
جل اغاني الموسيقي حميد السرغيني هي محاولة لمسرحة ظاهرة من الظواهر الإحتماعية وإخضاعها لمختبر المعالجة والدراما بالإعتماد على أسلوب الحكي كخاصية من خصائص المسرح الذي يشترط ضرورة توفر الحكاية في أي عمل .
إن العمق الشعبي حاضر وبقوة في فنون حميد السرغيني الذي وظفه بذكاء في أغانيه بجعلها تتميز بالمسرح الغنائي الذي شكل الموروث الثقافي الذي يؤدي فنه على شكل كور الذي ميز سواء موسيقى الزوايا الاستعراضية كحمادشة، أو عيساوة التي هي في جانب منها استعراضية، أو عبيدات الرمى التي لا تخلو من استعراض.
يمثل حميد السرغيني ظاهرة موسيقية لم تحظ بالإهتمام الكافي.