إن نجاح إسرائيل في اغتيال زعيم المقاومة الفلسطينية اسماعيل هنية، له أبعاد لايمكن تجاوزها. وفي مقدمتها الاختراق الأمني الذي مارسته إسرائيل وهي تصل إلى مقر إقامة اسماعيل هنية. وهو شخصية في قلب المقاومة. اغتياله يؤشر أيضا إلى فقر المقاومة لوسائل حماية الذات وبالذات ضعف التحسب للنوايا الإسرائيلية التي اختارت الزمان والمكان المناسبين للوقع بمكانة وسمعة إيران والمقاومة معا.
إن اغتيال اسماعيل هنية قائد المقاومة الفلسطينية تكون قد فتحت النار على نفسها لأن الاغتيالات لايمكن أن توقف مقاومة الشعب الفلسطيني الذي نال من ظلم لم يره حتى اليهود على يد النازية خلال مرحلة ماقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، إذ لم تتوقف المقاومة الفلسطينية بعد اغتيال أحمد ياسين مؤسس حركة حماس او مؤخرا صالح العاروري. ولم تتوقف المطالبة بالدولة الفلسطينية بعد اغتيال عرفات او خليل الوزير وغيره.
الفلسطينيون رغم تمايز أساليبهم او باختلاف نواياهم لن يسلموا قدرهم لعوامل الزمان او اختلاف المواقف..وإنما سيمضي الجميع نحو هدف واحد مشترك وهو قيام الدولة الفلسطينية التي كافح ومات من أجلها الزعيم التاريخي إسماعيل هنية. فبالرغم من ضهامة فقدان القيادي الشهم اسماعيل هنية فإن حركة حماس التي فقدت الشيخ ياسين والرنتيسي وابو شنب والمقادنة وجمال منصور ..لديها القدرة على أن تدخل دملءجديدة. وما زال فيها مخزون كبير من القيادات التاريخية التي تقود الآن أكبر معركة لمقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي.
إن اغتيال اسماعيل هنية لن ينهي الصراع بمنطقة الشرق الأوسط لان الحرب هي حرب وجود وليست حرب اغتيالات او حدود آمنة بدليل أنه على الرغم من آلاف عمليات الاغتيال لم تمت القضية الفلسطينية ولم تهدأ المقاومة الفلسطينية ولم تستقر الأوضاع في المنطقة..وكل الاحتمالات واردة والقادم قد يهدد مصالح دول كبرى وربما يهدد وجود دول.
إن الاغتيال السياسي الذي تقوم به دولة الاحتلال هو عمل لا أخلاقي وجبان وجريمة نكراء يشبه الصهيونية العالمية التي قامت وتأسستعلى مثل هذه الأفعال المشينة والقبيحة. وستشكل جريمة اغتيال اسماعيل هنية المجاهد الكبير. حافزا اكبر على صمود وثبات المقاومة الفلسطينية بكل تلويناتها. فمسيرة الكفاح الفلسطيني مستمرة ولن تتوقف . وحركة حماس ماضية في مواجهتها للكيان الصهيوني . ولا يمكن القضاء على حركة حماس، كونها فكرة . والفكرة أنها منظمة جهادية لاتموت بطريقها درة مضيئة في قلادة الشهداء. وما تستخدمه إسرائيل من اغتيالات سياسية عبر تاريخها الأسود ما هو إلا ترويج وزعم بأن أهدافه قد تحققت لإنقاذ ماء الوجه خصوصا وانه توجد مؤشرات ومعايير واضحة يمكن من خلالها قياس أهداف الحرب على غزة .لقد اعتادت دولة الإحتلال في حرب الاغتيالات التي تمارسها منذ قدامها سنة 1948م ألا افرق بين مدني وعسكري وبين سياسي ومقاتل. فإسرائيل على استعداد لقتل الجميع ماداموا إختاروالمقاومة لأنها اعتادت عدم احترام قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ومحكمة العدل الدولية ومؤسسات الشرعية الدولية دون أي حساب او مساءلة او ردع صارم. فإسرائيل دولة ملاحقة من المحكمة الجنائية الدولية. وعلاقتها تسير نحو التدهور حتى مع دول داعمة لها. ويتجه حاليا مجرم حرب نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية وينتقم إدارتها ويتحداها.
إن سفينة إسرائيل تقف الآن بين الامواج وبينما يصارع بحارتها فيما بينهم. لا يعملون على سد خروقاتها . فإنهم أيضا يقطعون الحبال التي تربط السفينة من الخارج تدريجيا.
خليل البخاري أستاذ مادة التاريخ.