يعتزم المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال احتضان مونديال كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 .ولقد ظل المغرب منذ ثمانينات القرن الماضي وهو يسعى إلى احتضان هذه التظاهرة الرياضية على غرار دول أمريكا اللاتينية والآسيوية والأوروبية بتقديم ترشحه لاستضافة التظاهرة ، لكنه لم يكن يستوفي شروط التنظيم على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى الملاعب الكروية.ولقد كانت مجموعة من دول العالم الثالث في السبعينات تتخذ من لعبة كرة القدم وسيلة لامتصاص غضب الشعوب و تغطية مآسيها وما تعانيه من استبداد و من قهر و فقر. و ودائما ما يكون التنافس حادا بين الدول الفقيرة والدول المتقدمة من أجل تنظيم كأس العالم لكرة القدم لغاية في نفس يعقوب.
فالدول المتقدمة لها أهداف استثمارية و أهداف استراتيجية تقوي اقتصادها وتحافظ على توازناتها المالية و تماسكها الاجتماعي و موروثها الثقافي و تنشيط سياحتها على المدى البعيد . أما الدول الفقيرة فلها أهداف أخرى أي: امتصاص الغضب الجماهيري و التغطية على بؤسها و على فقرها أمام المنتظم الدوليذ، والتماس الأنظمة الحاكمة للشرعية الدولية من وراء تنظيم هذه التظاهرة العالمية.
إن استضافة دول من أمريكا اللاتينية لمباريات كأس العالم في السبعينات و الثمانينات و التسعينات وفوز بعضها بكأس العالم لم يساعدها على التخلص من التخلف ومن عوامله ومن موجات الإضطرابات الشعبية التي عرفتها في ظل حكم الأنظمة الفاشية و الإنقلابات العسكرية ، ولم تنفعها هذه التظاهرات من التخلص من الهيمنة الأميركية ولا من سيطرة الكومبرادور ، إلا بعد بداية الموجة الثالثة مع ثورة القرنفل في البرتغال عام 1974، و ما عرفته إسبانيا من انتقال ديمقراطي في أواخر السبعينيات، و التحولات الديمقراطية التي ستعرفها أمريكا اللاتينية ودول آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا الشرقية بعد انهيار الإتحاد السوفيتي،حيث ستنتعش دول من أمريكا اللاتينية بالمناخ الديمقراطي والتحولات الديمقراطية لتنتقل إلى دول تحتكم إلى القواعد الديمقراطية في تقرير مصيرها الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والثقافي، فاستطاعت أن تكون من بين الدول التي تسعى الى بناء اقتصادها الداخلي و التخلص من عوامل التخلف والتبعية المطلقة لأمريكا، فتحولت إلى دول ديمقراطية حديثة تقوم بإعادة بناء ذاتها واستثمار ثرواتها الطبيعية و السياحة و الصناعية والتقليص من مظاهر الفقر و من عوامله، حتى أن البرازيل التي كانت من الدول أكثر تخلفا و شعبها أكثر ابتلاء بكرة القدم، أصبحت قوة زراعية وصناعية كبيرة، وأقوى اقتصاد في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
إذن فإن تنظيم كأس العالم لكرة القدم أو الفوز به لم و لن يكون المفتاح السحري للخروج من دائرة التخلف، بل المفتاح الحقيقي هو المفتاح الديمقراطي والعدالة الإجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب..
وفي سياق المنافسات من أجل تنظيم تظاهرات كأس العالم لكرة القدم دخل المغرب على الخط بالنسبة لمونديال 2030 وسيكون ضمن الدول التي تم اختيارها لهذه المناسبة، أي اسبانيا و البرتغال . وقد سارعت الحكومة المغربية إلى توفير مختلف مصادر تمويل تأهيل وبناء الملاعب التي ستحتضن مباريات نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، و كأس العالم 2030 ، وسيتم تحضير ميزانية تناهز 9,5 مليار درهم، تم تخصيصها للمشاريع الإستثمارية المتعلقة بتأهيل الملاعب انسجاما مع معايير كل من الإتحاد الدولي والإتحاد الإفريقي لكرة القدم..
نحن لسنا ضد تنظيم أية تظاهرة رياضية أو ثقافية عالمية على أراضينا ، ولسنا ضد تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030 أوتنظيم نهائيات كأس إفريقيا 2025 ، ولكن نحن ضد أن تكون هذه التظاهرات على حساب القدرة الشرائية للمواطنين و المواطنات وعلى حساب تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ولا على حساب العدالة الجبائية والاجتماعية ولا على حساب الرفع من مستوى التعليم وإخراجه من النفق المظلم الذي تم اختياره له من طرف الحكومة لطمس العقول و المهارات، ولا على حساب الخدمات الصحية ..
نحن لسنا ضد تنظيم نهائيات كأس إفريقيا وكأس العالم لكرة القدم ولكن ضد استغلال مشاعر المغاربة لتمرير اختيارات في جنح الظلام ضد إرادة الشعب المغربي من قوانين ومراسيم تقيد الحريات العامة وتحمي المفسدين و ناهبي المال العام وإفراغ المؤسسات الدستورية من دورها الرقابي والتشاركي..
نحن مع تنظيم هذه التظاهرات لكن بموازاة مع تفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب وارجاع الأموال المنهوبة ومحاربة لصوص المال العام وكل مظاهر الرشوة والفساد السياسي والأخلاقي والتوزيع العادل للثروة..