أكد علي لطفي/ الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل/ أن 25 سنة من حكم الملك محمد السادس، مليئة بالاختيارات والإصلاحات الجذرية على مستوى بناء أسس الدولة الاجتماعية، وهي حصيلة مميزة بفضل الرؤية الملكية الرامية إلى تحسين ظروف عيش المغاربة وصون كرامتهم وتحصين الفئات الهشة.
وقال علي لطفي في تصريح ل " أنفاس بريس " : "منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة اختار مقاربة علمية متقدمة في مجال التخطيط لمستقبل المغرب وأبنائه، وذلك من خلال القيام بتشخيص شامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناء على النتائج تم وضع استراتيجية عامة مندمجة للتغيير والإصلاح الشامل، من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحسين ظروف عيش المواطنين وصون كرامتهم".
وأضاف محدثنا، أن بعد تقرير الخمسينية التي أفرز وكشف عن مجموعة من النواقص والاختلالات والتحديات والاكراهات، كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي اعتمدت منهجية برنامج الأولويات الاجتماعية، لدعم الفئات الهشة والفقيرة في المجتمع وإنشاء صندوق دعم التماسك الاجتماعي وإحداث صندوق التكافل العائلي وكذا تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مضيفا أن من هذه المنطلقات والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بدأ المغرب في بناء أسس وآليات الدولة الاجتماعية وتدخل الدولة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن، وتعززت وتقوت أكثر تماشيا مع مضامين دستور2011 الذي أكد في فصله الأول على البعد الاجتماعي للدولة المغربية، وفي فصله 31 على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة بالعديد من الحقوق، وتمت ترجمتها أكثر طيلة جائحة كوفيد 19، حيث كان تداعيات الكوفيد من التحديات وأبرزت هشاشة الحماية الاجتماعية داخل البلد، وأيضا مخاطر هشاشة قطاعات لم تكن تحظى بالاهتمام والتي لها ارتباط بالدولة الاجتماعية كالصحة والتعليم ليأتي في ما بعد الإقرار بفشل المشروع التنموي في البلد، وطرح التفكير في نموذج تنموي جديد لتمكين فئات واسعة في المجتمع، خصوصا تلك التي تعاني الهشاشة، من تدبير هذه الظروف الصحية الطارئة ومواجهة آثارها السلبية.
وقال لطفي: "الجائحة كانت بمثابة دق ناقوس الخطر عن الأزمة الاجتماعية التي لازال المغرب يعاني منها باعتبار المؤشرات الاجتماعية والفوارق الطبقية والتحديات التي من شأنها عرقلة التحقيق الفعلي للدولة الاجتماعية. وبالتالي أعطى جلالة الملك توجيهاته لبلورة نموذج تنموي جديد بعد أن استنفد النموذج السابق كل آلياته. النموذج التنموي الجديد الذي جاء للإجابة عن إخفاقات السياسات العمومية، خاصة بعد تفشي فيروس كورونا الذي جعل المواطن في صلب اهتمام الدولة وكانت مشاركة مجتمعية واسعة في بلورة نموذج جديد يضع الدولة الاجتماعية في صلب توجهاته لإنتاج قرارات للحماية الاجتماعية في بعدها الشمولي، و لتحقيق إصلاحات جوهرية أهمها المشروع الملكي المجتمعي الضخم المتعلق بالحماية الاجتماعي والنهوض بالأوضاع الاجتماعية والصحية في أفق تعزيز التنمية في مختلف أبعادها وتحقيق الرفاه، وباعتبار أن الحماية الاجتماعية أحد العناصر المحددة لبلورة الدولة الاجتماعية المرتبطة بجدلية الكرامة الإنسانية، فضلا عن دعم الأسر المغربية ضعيفة الدخل من الخروج من الهشاشة والتهميش الاجتماعي والدعم المباشر لاقتناء السكن الموجه للفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة وتحسين أجور الطبقة العاملة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وأوضح محاورنا، أنه رغم المجهودات التي قام بها المغرب لتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية، وتقليص نسب الفقر والهشاشة والبطالة والفوارق المجالية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، فان بلدنا لازالت تواجه تحديات كبرى في تحقيق الدولة الاجتماعية. تحديات كبرى لازال المغرب يواجهها كالفوارق الطبقية والاجتماعية وارتفاع معدل البطالة وبالتالي، يؤكد علي لطفي، لابد من مراجعة السياسة الاقتصادية و الضريبية وتحسين الأجور والحد من ارتفاع الأسعار ومحاربة الفساد والريع والاحتكار، بالإضافة إلى ضرورة التوزيع العادل للثروات الوطنية للحد من الفوارق وهو السبيل لإنجاح الأوراش الكبرى ضمن مشروع مجتمعي متكامل وهو المشروع التنموي و تكريس الاختيار الديموقراطي لتقوية ركائز الدولة الاجتماعية و تعزيز التنمية في مختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والمجالية و تحقيق اهداف التنمية المستدامة.