الملك محمد السادس: مـسـار ربـع قـرن مـن الـحـكـم

الملك محمد السادس: مـسـار ربـع قـرن مـن الـحـكـم
بعد‭ ‬تولي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬حكم‭ ‬المغرب‭ ‬(29‭ ‬يوليوز‭ ‬1999)،‭ ‬قال‭ ‬للصحافية‭ ‬الفرنسية‭ ‬آن‭ ‬سانكلير،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ ‬"باري‭ ‬ماتش"،‭ ‬إن‭ ‬"والدي،‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬متحدثا‭ ‬عني:‭ ‬«هو‭ ‬هو،‭ ‬وأنا‭ ‬أنا»‭. ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬أسلوبه‭ ‬وطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬الهدف"‭.‬
والآن‭ ‬وقد‭ ‬مر‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬(25‭ ‬سنة)‭ ‬على‭ ‬اعتلائه‭ ‬العرش،‭ ‬يحق‭ ‬للمؤرخين‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬والمتابعين‭ ‬والإعلاميين،‭ ‬أن‭ ‬يتساءلوا‭ ‬عن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬نهجه‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬تدبيره‭ ‬لحكم‭ ‬بلاده،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬طغت‭ ‬عليها،‭ ‬بحق،‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬والتقلبات‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المكاسب‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققها؟‭ ‬كيف‭ ‬استطاع‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المنعرجات‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬الوعرة‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬بها‭ ‬المرحلة؟
لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬تتميز‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬العناوين‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬جوهر‭ ‬الحكم‭ ‬وأسلوبه‭ ‬وأهدافه،‭ ‬بل‭ ‬شكلت‭ ‬ملامح‭ ‬المغرب‭ ‬الجديد‭ ‬وفق‭ ‬فلسفة‭ ‬الحكم‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬منذ‭ ‬تدشين‭ ‬مساراتها‭ ‬الأساسية‭ ‬قبل‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬بإرادة،‭ ‬ويمكن‭ ‬إجمالها‭ ‬في‭ ‬مايلي:
 
أولا: القضية‭ ‬الوطنية:‭ ‬تعتبر‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬ثابتا‭ ‬وطنيا‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬إذ‭ ‬اعتبرها‭ ‬دائما‭ ‬«النظارة‭ ‬التي‭ ‬ينظر‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬العالم»‭. ‬وقد‭ ‬عمل،‭ ‬وفق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية،‭ ‬على‭ ‬إسماع‭ ‬صوت‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العالمية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬واشنطن‭ ‬ومدريد‭ ‬وبرلين‭ ‬وبروكسيل‭ ‬وباريس،‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالطرح‭ ‬المغربي،‭ ‬ووجاهة‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وواقعيته‭ ‬بوصفه‭ ‬حلا‭ ‬وحيدا‭ ‬لتسوية‭ ‬النزاع‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الأداء‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬قويا‭ ‬وفاعلا،‭ ‬إذ‭ ‬راهن‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬شراكات‭ ‬المغرب‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وإخراجها‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية،‭ ‬بما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أقاليمه‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ضدا‭ ‬على‭ ‬المخططات‭ ‬التآمرية‭ ‬لـ‭ ‬«كابرانات‭ ‬الجزائر»‭ ‬ومن‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلكهم‭ ‬من‭ ‬مرتزقة‭ ‬البوليساريو‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭. ‬إذ‭ ‬تمكنت‭ ‬الرباط،‭ ‬بفضل‭ ‬يقظتها‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬أصعدة‭ ‬«سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ورياضية»،‭ ‬من‭ ‬حيازة‭ ‬دعم‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬دولة‭ ‬تدعم‭ ‬بقوة‭ ‬سيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صحرائه‭ ‬أو‭ ‬تلتزم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بمخطط‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭. ‬بل‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإفريقية‭ ‬إلى‭ ‬افتتاح‭ ‬28‭ ‬قنصلية‭ ‬بمدينتي‭ ‬العيون‭ ‬والداخلة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬84%‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬193‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬«جمهورية‭ ‬البوليساريو»‭ ‬التي‭ ‬تدعمها‭ ‬جارة‭ ‬السوء‭ ‬«الجزائر»‭.‬
ثانيا: العودة‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا:‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬تثبت‭ ‬بأن‭ ‬الحدث‭ ‬المفصلي‭ ‬لحكم‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬هو‭ ‬عودة‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬عضوية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬انسحابها‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1984‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬المنظمة‭ ‬عضوية‭ ‬«الجمهورية‭ ‬الصحراوية»‭ ‬الوهمية‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬«الموز»‭ ‬المتحالفة‭ ‬معها‭. ‬وقد‭ ‬انخرط‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬إفريقية‭ ‬بخيارات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬جعلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬كساد‭ ‬«التآمر‭ ‬الجزائري»،‭ ‬وتراهن‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬بوصفه‭ ‬شريكا‭ ‬موثوقا‭ ‬وصاحب‭ ‬مشروع‭ ‬إقليمي‭ ‬وقاري‭ ‬ودولي‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬التنمية‭ ‬الإفريقية‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬الجهد‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬انخراط‭ ‬فاعلين‭ ‬أفارقة‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬أطروحة‭ ‬البوليساريو‭ ‬الوهمية‭ ‬وديناميكيتها‭ ‬الشكلية‭ ‬التي‭ ‬تستعملها‭ ‬الجزائر‭ ‬وبريتوريا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاتجار‭ ‬السياسي‭ ‬ومعاكسة‭ ‬مصالح‭ ‬المغرب،‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬زعامة‭ ‬قارية‭ ‬مزعومة‭.‬
ثالثا:‭ ‬الريادة‭ ‬الأمنية:‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬16‭ ‬ماي‭ ‬2003،‭ ‬انتبه‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬ولم‭ ‬يمض‭ ‬على‭ ‬حكمه‭ ‬إلا‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬إلى‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬بوصفه‭ ‬تهديدا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لأركان‭ ‬الدولة،‭ ‬وخطرا‭ ‬ماحقا‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬العالمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عالمي‭ ‬تتميز‭ ‬بارتدادات‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬شتنبر‭ ‬2001،‭ ‬فعمل‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬مرجع‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي،‭ ‬إذ‭ ‬أشعل‭ ‬يقظة‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬بكل‭ ‬تفريعاته‭ ‬«الشرطية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬والعسكرية»،‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬الأخطار‭ ‬المحدقة،‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬مقتدرة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت،‭ ‬راهنا،‭ ‬متعددة‭ ‬الأشكال‭ ‬والأساليب،‭ ‬وعابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬وقد‭ ‬تتخذ‭ ‬معنى‭ ‬حربيا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭.‬
وقد‭ ‬تمكن‭ ‬خلال‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن،‭ ‬بفضل‭ ‬التعيينات‭ ‬الناجحة‭ ‬والمخطط‭ ‬الناجع،‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬دولية،‭ ‬وأصبح‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمنيون‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأوروبا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأسيوية‭ ‬«مثل‭ ‬الهند‭ ‬والصين»‭ ‬يترددون‭ ‬على‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭ ‬تهم‭ ‬التكوين‭ ‬والتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الأمني‭ ‬والاستخباراتي‭.‬
 
رابعا:‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين:‭ ‬أكد‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬أنه‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬لجميع‭ ‬الديانات"،‭ ‬إذ‭ ‬تحظى‭ ‬«إمارة‭ ‬المؤمنين»‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬النسق‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬والدولي‭ ‬أيضا،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأمريكي‭ ‬والفرنسي،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لتقرير‭ ‬نشره‭ ‬«معهد‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي»‭ ‬أن‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬الديني‭ ‬بغرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬والساحل‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الديني‭ ‬لملك‭ ‬المغرب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬«عماد‭ ‬تحالف‭ ‬إقليمي‭ ‬ملتزم‭ ‬بالمهة‭ ‬النبيلة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬هزم‭ ‬الجماعات‭ ‬الجهادية‭ ‬الإرهابية»‭. ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬للمراكز‭ ‬الفرنسية‭ ‬المتخصصة‭. ‬
وقد‭ ‬عمل‭ ‬الملك،‭ ‬طيلة‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬على‭ ‬تشغيل‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬إذ‭ ‬أنشأ‭ ‬«مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة»‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إعطاء‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للحضور‭ ‬المغربي‭ ‬داخل‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وإلى‭ ‬استثمار‭ ‬الرصيد‭ ‬الثقافي‭ ‬والتاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬المغرب‭ ‬بإفريقيا‭ ‬الغربية‭ ‬بهدف‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المقبولية‭ ‬والدعم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬بتلك‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭. ‬
 
خامسا:‭ ‬طي‭ ‬ماضي‭ ‬الانتهاكات:‭ ‬عمل‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬تكريس‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬وطيّ‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬بواسطة‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬التي‭ ‬أنشأها‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2004،‭ ‬وتكلل‭ ‬عملها‭ ‬بإطلاق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬والإصلاحات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬إصلاح‭ ‬الأمن‭ ‬والقضاء،‭ ‬وإنشاء‭ ‬سلطة‭ ‬قضائية‭ ‬مستقلة‭ ‬«المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للسلطة‭ ‬القضائية»،‭ ‬وتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬لضمان‭ ‬حقوق‭ ‬معينة‭ ‬لاسيما‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والإذن‭ ‬بجبر‭ ‬الضرر‭ ‬والتعويضات؛‭ ‬مالية‭ ‬ونفسية‭ ‬وطبية‭ ‬واجتماعية؛‭ ‬والتصديق‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلغاء‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام،‭ ‬وتحمل‭ ‬الدولة‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاختفاء‭ ‬والاحتجاز‭ ‬التعسفي‭ ‬والتعذيب‭ ‬والاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬السلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬وتقوية‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توصيات‭ ‬مفصّلة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬معينة‭ ‬منها:‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬الوساطة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الفقر،‭ ‬تطبيع‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني،‭ ‬التعليم‭ ‬المستمر،‭ ‬التطوير‭ ‬المهني،‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الطبي‭ ‬والنفسي‭ ‬وإقامة‭ ‬النصب‭ ‬التذكاريّة‭ ‬وأشياء‭ ‬أخرى‭.‬
 
سادسا:‭ ‬إصلاح‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة:‭ ‬أولى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬منذ‭ ‬اعتلائه‭ ‬العرش‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬لإصلاح‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭. ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬إصلاحها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأوراش‭ ‬التشريعية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬سنة‭ ‬2004،‭ ‬وشهدت‭ ‬جدلا‭ ‬كبيرا‭ ‬بين‭ ‬الحداثيين‭ ‬والإسلاميين؛‭ ‬وعاد‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ليدعو،‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬الثالثة‭ ‬والعشرين‭ ‬لعيد‭ ‬العرش‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬يوليوز‭ ‬2022،‭ ‬إلى‭ ‬تجاوز‭ ‬الاختلالات‭ ‬والسلبيات‭ ‬التي‭ ‬أبان‭ ‬عنها‭ ‬تطبيق‭ ‬مقتضيات‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬ومراجعة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البنود،‭ ‬وذلك‭ ‬لكي‭ ‬تقوم‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬اللازم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬وحقوق‭ ‬الطفل‭. ‬وقد‭ ‬اختار‭ ‬الملك‭ ‬الإطار‭ ‬المؤسساتي‭ ‬التشاركي‭ ‬والتشاوري‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تجاوز‭ ‬«الإطارات‭ ‬المغلقة»،‭ ‬والارتفاع‭ ‬عن‭ ‬النقاش‭ ‬الحامي‭ ‬الوطيس‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬والحداثيين،‭ ‬لصالح‭ ‬مقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وخصوصيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬والقوانين‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬تطورا‭ ‬ملحوظا‭ ‬يستجيب‭ ‬للقيم‭ ‬الكونية‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬المغرب‭. ‬
 
سابعا:‭ ‬مراجعة‭ ‬الدستور:‭ ‬تمكن‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطاب‭ ‬9‭ ‬مارس‭ ‬2011،‭ ‬من‭ ‬كبح‭ ‬الهزات‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭. ‬وقد‭ ‬بادر‭ ‬الملك‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬إصلاح‭ ‬دستوري‭ ‬شامل‭ ‬لتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬المصادق‭ ‬على‭ ‬«دستور‭ ‬يوليوز‭ ‬2011»،‭ ‬في‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبي‭ ‬كاسح‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬محطة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب،‭ ‬إذ‭ ‬أعاد‭ ‬تأسيس‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬العرش‭ ‬والشعب،‭ ‬وبين‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭. ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلط‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظام‭ ‬ملكية‭ ‬دستورية،‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬برلمانية‭ ‬وذلك‭ ‬بحذف‭ ‬كل‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬قدسية‭ ‬شخص‭ ‬الملك‭ ‬وتعويض‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬الملك‭ ‬لا‭ ‬تنتهك‭ ‬حرمته‭ ‬وله‭ ‬واجب‭ ‬التوقير‭ ‬والاحترام‭. ‬كما‭ ‬نص‭ ‬التعاقد‭ ‬اللغوي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التعددية‭ ‬والانفتاح،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكريس‭ ‬رسمية‭ ‬اللغة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ضمن،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الأمة‭ ‬وسمو‭ ‬الدستور،،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دسترة‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والتنصيص‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬الموجهة‭ ‬للجهوية‭ ‬المغربية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والبيئية،‭ ‬وتم‭ ‬التنصيص‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬هيأة‭ ‬للمناصفة‭ ‬ولمحاربة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭. ‬هذا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬الإرتقاء‭ ‬بالقضاء‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬مستقلة‭. ‬كما‭ ‬تضمن‭ ‬الدستور‭ ‬مبادئ‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة‭ ‬وتخليق‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬ودولة‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الملكية،‭ ‬وحرية‭ ‬المقاولة‭ ‬والمنافسة‭ ‬الحرة‭ ‬وتأطير‭ ‬شروط‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الحصانة‭ ‬البرلمانية‭.‬
 
ثامنا:‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد:‭ ‬سعى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬بناء‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬جديد‭ ‬(تم‭ ‬إحداث‭ ‬اللجنة‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬دجنبر 2019)،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬و‭ ‬تقوية‭ ‬أسس‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام،‭ ‬عبر‭ ‬تنزيل‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬متقدمة‭ ‬للنهوض‭ ‬بالتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفقر‭ ‬والاقصاء‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وبرنامج‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والنموذج‭ ‬التنموي‭ ‬للأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬وبرنامج‭ ‬تنمية‭ ‬المناطق‭ ‬القروية‭ ‬والجبلية‭ ‬والمناطق‭ ‬الرطبة‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬الاطلسي‭ ‬والمتوسطي‭. ‬وقد‭ ‬سعى‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬أرضية‭ ‬تعاقدية‭ ‬للتوجه‭ ‬نحو‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬موضوعا‭ ‬ملكيا‭ ‬ثابتا،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬هندسة‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القطاعية،‭ ‬لغاية‭ ‬اعتمادها‭ ‬كركائز‭ ‬في‭ ‬لا‭ ‬محيد‭ ‬عنها‭ ‬لمعالجة‭ ‬الفوارق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمجالية،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئت‭ ‬تتسع‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬
 
تاسعا:‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية:‭ ‬عمل‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تؤسس‭ ‬لما‭ ‬يصطلح‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭ ‬بالدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬لمواطنيها‭ ‬الرفاهية‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ضمان‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاهتمام‭ ‬بفتح‭ ‬أوراش‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والتطبيب‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ونظام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والإعاقة‭ ‬والتأمين‭ ‬الصحي‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والسكن‭ ‬اللائق‭ ‬والدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬للخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬للفئات‭ ‬الاكثر‭ ‬احتياجا‭. ‬وقد‭ ‬أبان‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬عن‭ ‬اهتمامه‭ ‬الكبير‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الكبرى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إحداث‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬للتضامن،‭ ‬والجهود‭ ‬الجبارة‭ ‬لصندوق‭ ‬المقاصة،‭ ‬ونظام‭ ‬المساعدة‭ ‬الطبية‭ ‬«راميد»،‭ ‬وإقرار‭ ‬المساعدات‭ ‬المباشرة‭ ‬خلال‭ ‬الفترات‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد-19،‭ ‬حيث‭ ‬استفادت‭ ‬3.81‭ ‬مليون‭ ‬أسرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭. ‬ولن‭ ‬ننسى‭ ‬الصلابة‭ ‬والعزيمة‭ ‬التي‭ ‬واجه‭ ‬بها‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬بقيادة‭ ‬الملك،‭ ‬زلزال‭ ‬الحسيمة‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬2004‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬628‭ ‬شخصا،‭ ‬ثم‭ ‬زلزال‭ ‬الحوز،‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬شتنبر‭ ‬2023‭. ‬وما‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الضحايا،‭ ‬وأظهر‭ ‬فعالية‭ ‬وسرعة‭ ‬تحرك‭ ‬سلطات‭ ‬البلاد‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬الالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬للملك‭. ‬وكما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أكادير‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الزلازل‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬الحسيمة‭ ‬والحوز‭ ‬دروسا‭ ‬في‭ ‬التضامن‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬أيضا‭ ‬بدايات‭ ‬جديدة‭ ‬لمناطق‭ ‬بأكملها‭. ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬نحن‭ ‬نبني،‭ ‬وإذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر،‭ ‬نعيد‭ ‬البناء‭. ‬ولكن‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭.‬
 
عاشرا:‭ ‬فورة‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية:‭ ‬تمثل‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬تجسيدا‭ ‬لمرحلة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأوراش‭ ‬التي‭ ‬أطلقها،‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المتوسط‭ ‬«يصنف‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أفضل‭ ‬20‭ ‬ميناء‭ ‬للحاويات‭ ‬في‭ ‬العالم»،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للموانئ‭ ‬والمطارات،‭ ‬ومشروع‭ ‬القطار‭ ‬الفائق‭ ‬السرعة‭ ‬«البراق»،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬2000‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬السريعة‭ ‬«أكبر‭ ‬شبكة‭ ‬طرق‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعد‭ ‬شبكة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا»،‭ ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬3000‭ ‬كيلومتر‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ميناء‭ ‬الناظور،‭ ‬ثم‭ ‬ميناء‭ ‬الداخلة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مضاعفة‭ ‬أسطول‭ ‬الخطوط‭ ‬الملكية‭. ‬وتهدف‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الربط‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬النقل‭ ‬وتسهيل‭ ‬حركة‭ ‬البضائع‭ ‬والأشخاص،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬تركيز‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬قوي‭ ‬ومترابط‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬متطورة‭ ‬ومتكاملة‭.‬
تبين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬أقر،‭ ‬طيلة‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬ومترابطة‭ ‬لتحديد‭ ‬الإقلاع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الوطني،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تأطير‭ ‬جغرافيا‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬قوية‭ ‬ومتنوعة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬«الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬الصين،‭ ‬روسيا»،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬توازنات‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الصاعدة‭ ‬والتجمعات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬بما‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬اختراقات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تحقيق‭ ‬التعريف‭ ‬بالقضية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأولى‭. ‬ومن‭ ‬جملة‭ ‬ذلك،‭ ‬الانفتاح‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬والأمني‭ ‬والفلاحي،‭ ‬وأيضا‭ ‬الطاقي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استراتيجية‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الغاز،‭ ‬وترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية،‭ ‬ومشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغرب-نيجيريا،‭ ‬ومشروع‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬محطات‭ ‬بقوة‭ ‬إجمالية‭ ‬قدرها: 2000 ميكاوات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والمدن‭ ‬الذكية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭.‬
لقد‭ ‬عمل‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬ركاز‭ ‬قوية‭ ‬وأساسية‭ ‬لحكمه‭ ‬الذي‭ ‬استغرق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬25‭ ‬سنة،‭ ‬ومن‭ ‬أقواها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬تحصين‭ ‬القضية‭ ‬الوطنية‭ ‬ضد‭ ‬مؤامرات‭ ‬الجار‭ ‬الشرقي،‭ ‬وتحصين‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬وتنويع‭ ‬شراكاته‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وتحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال،‭ ‬وتقوية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وجلب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكريس‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها بالعدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
 
رابط العدد هنا