بالموازاة مع تخليد الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش بالمملكة المغربية الشريفة، تعترف فرنسا بمغربية الصحراء وتخرج من المنطقة الرمادية، حيث ذكر بلاغ للديوان الملكي، اليوم الثلاثاء، أنه في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون رسميا لجلالة الملك أنه "يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية". ومن ثمة فإن فرنسا أبدت موقفا صريحا من مغربية الصحراء وأعلنت انخراطها الجدي في مسلسل التسوية وفق المبادرة المغربية للحكم الذاتي..
جاء هذا الإعتراف بعدما حققت الدبلوماسية المغربية نجاحات باهرة تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة للملك محمد السادس في ملف الصحراء المغربية، وبعد اعتراف مجموعة من الدول بمبادرة الحكم الذاتي كإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية..وبعد ما وجه 94 برلمانيا فرنسيا رسالة مفتوحة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، تدعوه إلى إبداء موقف صريح من مغربية الصحراء كما جاء في الرسالة. مع الإنخراط الجدي في مسلسل التسوية وفق المبادرة المغربية للحكم الذاتي مع العمل على تنزيلها والإلتزام بها. الشيء الذي فرض على فرنسا ان تعلن موقفها بشكل صريح وبوضوح من خلال اتخاذ قراراها السيادي بالإعتراف بمغربية الصحراء حاضرا ومستقبلا بعيدا عن ابتزاز وضغط "كابرانات" الجزائر الذي تم تصريفه من خلال بيان خارجيتها الإستباقي الذي يندد بالإعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية. علاوة على رضوخها للأمر الواقع وللمتغيرات الدولية لا سيما مع محاربة مصالحها الجيوستراتيجية في الساحل الأفريقي خاصة بدول مالي، بوركينافسو، النيجر.
من هذا المنطلق، يأتي اعتراف فرنسا بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي بعد وعيها أن ملف الصحراء يعتبر النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.
الجدير بالذكر أن قوة وريادة المغرب الإقليمية والدبلوماسية لفض بعض النزاعات الإقليمية بكل حياد وموضوعية ومصداقية والمتغيرات الدولية والإعترافات المتوالية بمغربية الصحراء من قبل مجموعة من الدول القوية الدائمة العضوية بمجلس الأمن كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا تفرض على الأمم المتحدة أن تتحرك، تطبيقا لصلاحياتها، من أجل تهييء الطريق لاستصدار قرارات من مجلس الأمن تنص بصراحة على الإعتماد على المبادرة المغربية للحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، يكون من السهولة تطبيقها وفرضها على الأمر الواقع. مع الأخذ بعين الإعتبار أن الصحراء المغربية تشكل هدفا لكل المغاربة ملكا وشعبا عبر كل القرون لا يمكن التنازل أو المساومة عليه ويدخل في إطار الأمن القومي للمغرب.
ومما تجدر الإشارة إليه ان المغرب يتشبث بخيار السلام الذي يعد فرصة تسمح لجميع دول المنطقة بالتفكير الجدي فيما يخص قضايا العصر وتحدياته الكبرى، وهذا جوهر وروح خيار المملكة المغربية الذي سرعان ما يلاقي معارضات فنية وسياسية من قبل القوى الأجنبية التي تعمل من جانبها على ضمان التوتر بالمنطقة.
ومن ثمة،فالمغرب حريص كل الحرص على دعم استقرار المنطقة حيث لا يتصرف بما يثير حساسية الدول المجاورة. وهذا ما أكد عليه الملك في خطابه السنة الماضية بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش "المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء للجزائر".
سعيد شكاك، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلية الحقوق جامعة شعيب الدكالي بالجديدة