أحمد نورالدين: إيران تسعى من خلال مشروعها الطائفي والإيديولوجي إلى خلق جبهات عسكرية ضد خصومها الدوليين

أحمد نورالدين: إيران تسعى من خلال مشروعها الطائفي والإيديولوجي إلى خلق جبهات عسكرية ضد خصومها الدوليين أحمد نور الدين (يمينا) والمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي
يرى‭ ‬أحمد‭ ‬نور‭ ‬الدين،‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬–‭ ‬الجزائرية،‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬حاولت‭ ‬توسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬ومنها‭ ‬إفريقيا،‭ ‬مشيرا‭ ‬بأنها‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬تغلغلها‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬آليات‭ ‬متكاملة،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭:‬ تقديم‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬منحة‭ ‬سنويا‭ ‬للطلبة‭ ‬الأفارقة‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬استقطابهم‭ ‬طائفيا‭ ‬وأيديولوجيا،‭ ‬وموازاة‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬أنشأت‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬التجار‭ ‬اللبنانيين‭ ‬من‭ ‬الطائفة‭ ‬الشيعية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬وقال‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروعها‭ ‬الطائفي‭ ‬والايديولوجي‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬الموقع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لإيران‭ ‬واستعمال‭ ‬الأقليات‭ ‬الطائفية‭ ‬كأوراق‭ ‬تكتيكية‭ ‬متعددة‭ ‬الاستعمالات‭ ‬وعلى‭ ‬مستويات‭ ‬متعددة،‭ ‬أدناها‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬وثقافية،‭ ‬وأوسطها‭ ‬ابتزاز‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬معارضة‭ ‬سياسية‭ ‬موجهة‭ ‬ومتحكم‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وأعلاها‭ ‬فتح‭ ‬جبهات‭ ‬عسكرية‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬ضد‭ ‬خصومها‭ ‬الدوليين‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسورية‭.‬

 
 
ماهي‭ ‬في‭ ‬نظرك‭ ‬أسباب‭ ‬التغلغل‭ ‬الايراني‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬إيران‭ ‬بدعم‭ ‬البوليساريو؟‭ ‬
ليست‭ ‬لدي‭ ‬معطيات‭ ‬دقيقة‭ ‬تؤكد‭ ‬تواجدا‭ ‬إيرانيا‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬وتدريب‭ ‬ميليشيات‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬الانفصالية،‭ ‬فالجنرالات‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬يعتبرون‭ ‬ميليشيات‭ ‬«بن‭ ‬بطوش»‭ ‬فرعا‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري،‭ ‬وأعضاء‭ ‬هذه‭ ‬الميليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬يتلقون‭ ‬نفس‭ ‬التكوين‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬الكليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني‭. ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتسليح،‭ ‬فالانفصاليون‭ ‬يملكون‭ ‬أسلحة‭ ‬ثقيلة‭ ‬يقدمها‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭  ‬من‭ ‬دبابات‭ ‬ومدفعية‭ ‬وصواريخ‭.‬
ولكن‭ ‬إذا‭ ‬صحت‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فإننا‭ ‬سنكون‭ ‬أمام‭ ‬تحول‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري‭. ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬سيعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬اعترافا‭ ‬رسميا‭ ‬بهزيمة‭ ‬وفشل‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مشروعها‭ ‬الانفصالي‭ ‬والعدواني‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬ووحدته‭ ‬الترابية،‭ ‬وسيكون‭ ‬إعلانا‭ ‬رسميا‭ ‬بدخول‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬محور‭ ‬الارهاب‭ ‬العالمي‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬النظام‭ ‬الطائفي‭ ‬الايراني‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬مشرقا‭ ‬ومغربا‭. ‬كما‭ ‬انه‭ ‬سيشكل‭ ‬اعترافا‭ ‬بعجز‭ ‬الجزائر‭ ‬عن‭ ‬تحمل‭ ‬الكلفة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الباهظة‭ ‬للمشروع‭ ‬الانفصالي‭ ‬خلال‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬والتي‭ ‬تقدر‭ ‬بمئات‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬انفقتها‭ ‬الجزائر‭ ‬ولازالت،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عصابات‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬«البوليساريو»،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السباق‭ ‬المحموم‭ ‬نحو‭ ‬التسلح‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الإفلاس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الشامل‭ ‬للجزائر،‭ ‬وإلى‭ ‬الاحتقان‭  ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬الذي‭ ‬انفجر‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬محطات‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2019،‭ ‬والحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬جزائري‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينات،‭ ‬ثم‭ ‬ربيع‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انتفاضة‭ ‬المزابيين‭ ‬في‭ ‬غرداية‭ ‬سنة‭ ‬2014‭.‬
وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬إذا‭ ‬تأكد‭ ‬هذا‭ ‬التغلغل‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬فإنه‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬عزلة‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬والعربي،‭ ‬وسيكون‭ ‬آخر‭ ‬مسمار‭ ‬يدق‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬الجبهة‭ ‬الانفصالية‭. ‬
 
هل‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬مماثلة‭ ‬لهذا‭ ‬التغلغل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى؟
حاولت‭ ‬إيران‭ ‬توسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬ومنها‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وقد‭ ‬ركزت‭ ‬جهودها‭ ‬منذ‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬وخاصة‭ ‬نيجيريا‭ ‬نظرا‭ ‬لثقلها‭ ‬البشري،‭ ‬ودول‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬عموما‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السنغال‭. ‬واعتمدت‭ ‬في‭ ‬تغلغلها‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬آليات‭ ‬متكاملة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬تقديم‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬منحة‭ ‬سنويا‭ ‬للطلبة‭ ‬الأفارقة‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬استقطابهم‭ ‬طائفيا‭ ‬وأيديولوجيا‭. ‬
وموازاة‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬أنشأت‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬التجار‭ ‬اللبنانيين‭ ‬من‭ ‬الطائفة‭ ‬الشيعية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬
وقد‭ ‬استطاعت‭ ‬إيران‭ ‬تحقيق‭ ‬اختراق‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬طائفة‭ ‬شيعية‭ ‬يفوق‭ ‬تعدادها‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة،‭ ‬وأسسوا‭ ‬مرجعية‭ ‬دينية‭ ‬لها‭ ‬مساجدها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ووسائلها‭ ‬الإعلامية،‭  ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬نيجريا‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬التشيع‭ ‬قط‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭. ‬
ولم‭ ‬تكتف‭ ‬إيران‭ ‬بذلك،‭ ‬واشتغلت‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية‭ ‬كلها،‭ ‬وأحيانا‭ ‬كان‭ ‬الاختراق‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬الجالية‭ ‬والطلبة‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬جاليتنا‭ ‬في‭ ‬بلجيكا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭. ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المغاربية‭ ‬ومصر‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬والجمعيات‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭ ‬تبنت‭ ‬التشيع‭ ‬فكريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬تحول‭ ‬مذهبها‭ ‬الديني‭.‬
 
ماذا‭ ‬ترتب‭ ‬عن‭ ‬التغلغل‭ ‬الإيراني؟‭ ‬وماهي‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص؟
لفهم‭ ‬أهداف‭ ‬التغلغل‭ ‬الإيراني‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬التشيع‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬وشمالها‭ ‬يجب‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1979‭ ‬تاريخ‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬الخميني،‭ ‬فقد‭ ‬رفعت‭ ‬إيران‭ ‬شعارين‭ ‬محوريين‭ ‬"تصدير‭ ‬الثورة"‭ ‬و«إعادة‭ ‬فتح‭ ‬مكة»‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الشعار‭ ‬الأول‭ ‬عنوانا‭ ‬لإرادة‭ ‬الهيمنة‭ ‬والتوسع‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬إيديولوجي‭ ‬ديني،‭ ‬فإنّ‭ ‬الشعار‭ ‬الثاني‭ ‬يعتبر‭ ‬عنواناً‭ ‬للطائفية‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬إيديولوجية‭ ‬«ولاية‭ ‬الفقيه»‭ ‬والتي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬تكفيراً‭ ‬وإقصاء‭ ‬للمذاهب‭ ‬والطوائف‭ ‬الأخرى‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬وداخل‭ ‬حدود‭ ‬إيران‭ ‬ذاتها،‭ ‬ومنهم‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬عربستان‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬اسمه‭ ‬وتغيير‭ ‬حتى‭ ‬بنيته‭ ‬السكانية‭ ‬فيما‭ ‬يشبه‭ ‬تطهيراً‭ ‬عرقيا‭ ‬واجتثاثا‭ ‬للمسلمين‭ ‬السنة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭.‬
وإيران‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروعها‭ ‬الطائفي‭ ‬والايديولوجي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬جيوسياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬فالهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬هو‭ ‬تقوية‭ ‬الموقع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لإيران‭ ‬واستعمال‭ ‬الأقليات‭ ‬الطائفية‭ ‬كأوراق‭ ‬تكتيكية‭ ‬متعددة‭ ‬الاستعمالات‭ ‬وعلى‭ ‬مستويات‭ ‬متعددة:‭ ‬أدناها‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬وثقافية،‭ ‬وأوسطها‭ ‬ابتزاز‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬معارضة‭ ‬سياسية‭ ‬موجهة‭ ‬ومتحكم‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وأعلاها‭ ‬فتح‭ ‬جبهات‭ ‬عسكرية‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬ضد‭ ‬خصومها‭ ‬الدوليين‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسورية،‭ ‬وذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬الموقف‭ ‬التفاوضي‭ ‬لإيران‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والإقليمية،‭ ‬ولتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬عنها،‭ ‬وإذا‭ ‬سنحت‭ ‬لها‭ ‬الفرصة‭ ‬لم‭ ‬لا‭ ‬تحقيق‭ ‬حلم‭ ‬الخميني‭ ‬وإقامة‭ ‬كونفدرالية‭ ‬طائفية‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجغرافيا‭ ‬المتحركة‭.‬
 
ما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬لمواجهة‭ ‬خطر‭ ‬التغلغل‭ ‬الايراني؟
λ هناك‭ ‬عدة‭ ‬مستويات‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التغلغل،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬المقصود‭ ‬من‭ ‬سؤالك‭ ‬التغلغل‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬والجزائر‭ ‬ام‭ ‬التغلغل‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭.‬
المستوى‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬تنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة‭ ‬والشقيقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاصرة‭ ‬هذا‭ ‬التغلغل‭ ‬باستراتيجية‭ ‬مضادة‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والامنية‭ ‬والعسكرية‭.‬
والمستوى‭ ‬الثاني‭ ‬عقائدي‭ ‬وثقافي‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬إحداث‭ ‬"مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة"‭ ‬يعتبر‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المد‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬إيران‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تعزز‭ ‬الاستقرار‭ ‬العقائدي‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأن‭ ‬تجنبها‭ ‬الحروب‭ ‬الدينية‭ ‬والطائفية‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالسلم‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المشرق‭ ‬العربي‭ ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬إسلامية‭ ‬أخرى‭. ‬
ولكن‭ ‬مؤسسة‭ ‬العلماء‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬اختزالها‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬فلكلورية،‭ ‬وإذا‭ ‬بقيت‭ ‬معزولة‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وما‭ ‬يعتمل‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تيارات‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭.‬