أن اعتماد النظام النسبي في الإنتخابات بالمغر هو قراءة لطبيعة المجتمع المغربي الذي يمتاز بالتعدد الثقافي والسياسي والعرقي.لهذا فإن التعددية تتمثل في كون المجتمع المغربي به فئات متعددة.. والنظام الإنتخابي النسبي يسمح بتمثيل أوسع للتيارات السياسية المختلفة في البرلمان، مما يعكس التنوع الفكري والإجتماعي في المجتمع المغربي.
لهذا، فإن الحكومة بالمغرب تكون ائتلافية تحتم على رئيس الحكومة من الحزب الأول أن يكون شخصية توافقية لأنه يجد نفسه مجبرًا على التوافق مع أحزاب التحالف الحكومي، وهذا يتلاءم مع فكرة أن أي حزب "لا يملك سلطة مطلقة داخل الحكومة".
وبالتالي، فالتحالفات السياسية هي تجسيد عملي لفكرة التعدد، فالحكومة تصبح نتيجة لتوافق بين رؤى مختلفة، وليس فرضًا لرؤية واحدة ..فالنظام النسبي يسمح بتمثيل الأحزاب الصغرى، مما يعكس التنوع الحقيقي في المجتمع المغربي ويمنع إقصاء أي فئة من المشاركة السياسية..
وإن كان هذا النمط الإنتخابي يطرح تحديات التوافق السياسي والإستقرار الحكومي في بعض الأحيان عند اتخاذ قرارات حاسمة، وذلك يعود في جوهره إلى التحدي المتمثل في إدارة التعددية.
ويحتم على الأغلبية الحكومية الحوار المستمر بين أطرافها وكذلك مع المعارضة عبر ضرورة التفاعل بين مختلف الرؤى للوصول إلى فهم أشمل للواقع السياسي والإجتماعي والثقافي.
في ظل مجتمع متنوع كالمجتمع المغربي يبرز تحدٍ آخر يتمثل في الحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة وسط التعددية السياسية والفكرية.
وعليه، فإن النظام الإنتخابي النسبي هو محاولة عملية لترجمة فكرة التعددية كواقع اجتماعي وسياسي وثقافي .. كما يسعى هذا النمط لإدارة التنوع بطريقة سلمية وديمقراطية، مع الإعتراف بأن لا تيار سياسي يمتلك الحقيقة المطلقة. و لا يمكنه ان يتغول.
غير أن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين احترام هذه التعددية وضمان فعالية النظام السياسي في خدمة المصلحة العامة للمجتمع المغربي ككل..
رشيد لزرق، أستاذ القانون العام كلية الحقوق جامعة ابن طفيل القنيطرة