حتى لا تبقى الدارالبيضاء تدار بالتوقيع على شيك على بياض !

حتى لا تبقى الدارالبيضاء تدار بالتوقيع على شيك على بياض ! عبد الرحيم أريري
تشهد بعض الشوارع الكبرى بالدارالبيضاء حاليا إعادة تهيئة منظرية لافتة، بضخ جرعة من الخضرة وزرع الأشجار وغرس العشب بجنباتها ورصيفها، فضلا عن تجديد الأثاث الحضري بالمحاور الطرقية المعنية (من تثبيث أعمدة إنارة عمومية من النوع الجيد ووضع كراسي وسياجات وغيرها). هذه الصحوة الخضراء، التي انتابت السلطة العمومية، تشمل بالأساس شوارع: الهاشمي الفيلالي (تادارت سابقا) وطريق الجديدة وطريق مراكش (عبر معهد iscae)، وشارع الأبطال.
 
واذا كان محمودا التصفيق لأي عملية تهيئة حضرية ومنظرية جميلة تستهدف أي شارع رئيسي بالدار البيضاء، بالنظر إلى أن "القرع فين ماضربتيه يسيل دمو"، بسبب الإهمال الكبير وإقصاء المساحات الخضراء من كل سياسة عمومية محلية بالعاصمة الاقتصادية على مر عقود، وكذا لاحتقار المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير المدينة لكل ما يمت للخضرة ولزرع الأشجار في الشوارع والأزقة والساحات والفضاءات العمومية بصلة، فإن ذلك لا ينهض لمنح مسؤولي العاصمة الاقتصادية "شيكا على بياض".
 
لماذا؟
الجواب بسيط، يتجلى في أن الدار البيضاء ليست هي فقط الشوارع المؤدية إلى مطار محمد الخامس الدولي.
 
فإذا كان مطلوبا الاهتمام بشارع تادارت وطريق الجديدة وطريق مراكش وشارع الأبطال، لكونها تمثل وجه الدار البيضاء، على اعتبار أنها المدخل الرئيسي للمغرب من بوابة المطار نحن وسط المدينة أو نحو القطب المالي (أصبحت الطريق سالكة أيضا نحو المطار بعد تمديد شارع تادارت عبر المدينة الخضراء)، فإن ذلك لا ينبغي أن يقود السلطة العمومية إلى التشطيب على حق سكان الأحياء الأخرى في الانتفاع بتهيئة حضرية ومنظرية للشوارع الرئيسية التي تخترق باقي المقاطعات بشكل يجعل هاته الشوارع بدورها جاذبة (Attractifs) للأحياءالمحيطة بها، إعمالا لمبدأ الإنصاف الترابي من جهة، وتحقيقا للمساواة بين البيضاويين في الانتفاع من الحق في المدينة، وبالتالي الحق في غرس الأشجار والعشب وتجديد الأرصفة بما يحقق تهئية جمالية لشوارعهم من جهة ثانية، وردما لسياسة"الحكرة" التي طالما تبناها مسؤولو الدولة (مركزيا ومحليا)، في تعاملهم مع الأحياء الشعبية ومع سكانها من جهة ثالثة.
 
تحضرني هنا أمثلة من قبيل: شارع أبي بكر القادري بسيدي معروف، وشارع مقداد الحريزي بعمالتي بنمسيك وسيدي عثمان، وشارعي موديبوكيتا وأبي شعيب الدكالي بعمالة الفداء، وشارعي ميموزا والشفشاوني بعين السبع، وشارع لحسن اليوسي بسيدي مومن، وشارع المغرب العربي بحي الأزهر، وطريق بيرلي بالبرنوصي، وطريق السبيت بحي مولاي رشيد والتشارك، وشارع عبد الله باها بمدينة النسيم، وشارع النخيل بالقدس، وشارع أم الربيع بالحي الحسني، وشارعي مولاي إسماعيل ومولاي سليمان بالصخور السوداء، وشارع الفوارات بالحي المحمدي، وشارع أبو العذراء المراكشي بحي عادل، وشارع مصطفى سلمات بحي الزوبير، وشارع المكي الناصري بحي شيماء، وشارع جودار بحي البركة، وشارع أهل الغلام بأناسي، وشارع القاضي عياض بحي فلوريدا، دون نسيان المحاور الطرقية المهمة التي تخترق الأحياء الصناعية بمولاي رشيد والبرنوصي وعين السبع وليساسفة وحي البام.
 
فهل سيكون مسؤولو الدار البيضاء في مستوى ربح رهان توحيد المدينة على أرض الواقع عبر توحيد الخدمة العمومية المقدمة لكافة سكانها، أم سيبقى "الأبارتايد المجالي" و"الميز الترابي" هو السائد كما كان عليه الأمر منذ الاستعمار إلى اليوم.
 
إن حدود بلدية الدارالبيضاء تمتد من دوار أولاد حادة بالبرنوصي إلى دوار لقلالشة بالحي الحسني، ولم تكن حدود مدينة الدار البيضاء (ولن تكون أبدا)، هي شوارع: الكورنيش وغاندي وتادارات والابطال وطريق المطار !!