في عالم كرة القدم، يتراشق أنصار الفرق في منصات التواصل الاجتماعي ويسخرون من بعضهم كلما تعرض رئيس فريق أو لاعب لمكروه. فقد تجاوز التنافس حدود نتائج المباريات إلى سيرة المدربين والرؤساء. إنهم يتداولون حكايات مسيرون سادوا قبل أن يتذوقوا مرارة "السجن"، ينبش الرجاويون في سيرة سعيد الناصري رئيس الوداد الرياضي وينشر الوداديون يوميات محمد بودريقة رئيس الرجاء الرياضي في منفاه، فضلا عن حكايات رؤساء آخرين أبرزهم عزيز البداروي الرئيس الذي مر من الرجاء وانتهى في عكاشة.
وظاهرة "رؤساء أندية وراء القضبان" ليست موجة مغربية فقط بل هي متفشية أيضا في أوساط الكرة الأوروبية والعربية والإفريقية، مع اختلاف في الأسباب وطبيعة القضايا، اليوم وبعد تداول أنباء اعتقال محمد بودريقة رئيس الرجاء الرياضي بألمانيا على خلفية صدور مذكرة بحث دولية في حقه رئيس الفريق الأخضر، يتجدد الجدل حول معايير اختيار الرؤساء، وسبل البحث عن مسيرين نظيفي الأيادي.
تعددت أسباب اقتحام مسيرين من خارج محيط الكرة للأندية المرجعية، لكن القاسم المشترك هو المصالح الذاتية، التي تجعل من مسير نكرة شخصية عمومية تفتح له أبواب المسؤولين وتقضى على يديه أغراضه وأغراض المقربين منه.
في تعليقه على دواعي ولوج عالم تسيير الأندية والهيئات الرياضية، يرى عزيز بلبودالي، الكاتب الصحفي والإعلامي الرياضي، أنه في تاريخ كرة القدم المغربية ولج رؤساء ميدان التسيير في أندية كرة القدم أو الجامعة، كانوا يحملون حبا لهذه الرياضة وكانوا منتمين لهذه الأندية وللمدينة التي تمثلها هذه الأندية، لكن هناك مجموعة من الأسماء وعبر التاريخ ولجت هذا الميدان لغرض في نفس يعقوب، هناك من اضطر لتحمل المسؤولية في النادي للتقرب من السلطات المحلية والمنتخبة ولحماية نفسه ومصالحه في المدينة، وهناك من دخل هذا الميدان طمعا في كسب شعبية وتمهيدا لدخول مجال الانتخابات السياسية، وهناك من فضل التحصن وراء فريق له شعبية جارفة حين شعر بأن الإفلاس يهدد مقاولته".
ولأن رئاسة فريق أو عصبة أو جامعة لكرة القدم أصبحت عنوانا للوجاهة، فقد اختار كثير من الأشخاص ممارسة مهامهم خلف متاريس الأندية، بل إن الجماهير تتحول أحيانا إلى دروع واقية.
وفي حديثه لـ"أنفاس بريس" قال بلبوداي: "للأسف هذا الموسم فالأندية التي تعتبر واجهة كرة القدم في المغرب ونعني بها الوداد والرجاء الرياضيين شهدت اعتقال الرؤساء سعيد الناصري بالنسبة للوداد الرياضي والبدراوي عن الرجاء واليوم هاهي الأخبار تشير إلى اعتقال بودريقة، للأسف فالأندية التي كنا نبني عليها أملا كبيرة لتمنح لكرة القدم المغربية السمعة الطيبة هي اليوم وصمة عار على جبين الكرة المغربية، لأن هذه الأسماء التي تم اعتقالها تحمل شعار أندية كبيرة وعريقة ، أندية ساهمت في تحرير الوطن وأنجبت نجوما كبارا حملوا قميص المنتخب الوطني، ولها قاعدة جماهيرية كبيرة".
إلى زمن قريب كان الرئيس قدوة يمثل صورة النادي ويحفظ كبرياءه، وكان لكل فريق رئيس شرفي من الوزن الثقيل، يكفي بمكالمة هاتفية أن يفتح المسالك المغلقة، "كنا نتمنى في الرياضة أن يكون الرئيس أو المسير أو المدرب قدوة، لكن اليوم نرى صورة سيئة جدا وهذا لا يخدم كرة القدم المغربية. ما تأسفت له خلال الأيام الماضية، بعد تعيين هشام أيت منا رئيسا لكرة القدم، قوله المأثور: "الناصري أوصاني بالوداد" وقبلها لما تولى أمور شباب المحمدية أشار إلى أن والده أوصاه بفريق شباب المحمدية لكنه اليوم اختار أن ينال رضا سعيد الناصري"، يضيف بلبودالي.
أما الحسن مرزاق، الناطق الرسمي لمولودية وجدة، فإنه ينطلق من كون رؤساء أندية كرة القدم مواطنين كسائر المغاربة، والمغاربة سواسية أمام القانون وحتى الاعتقال فإنه يتم وفق مسطرة قانونية.
و قال مرزاق: "الجرائم تتنوع فهناك رؤساء أندية يجمعون بين مهاهم في تسيير أندية كرة القدم ومهام أخرى مثلا رؤساء جماعات وبرلمانيين، لكن الكل أمام القانون سواسية، حتى وإن تعلق الأمر برؤساء الأندية، أي مهما كانت صفته رئيس ناد أو جامعة فإذا تبث مخالفته للقانون فأكيد سيعاقب، لكنني أريد أن أشير إلى نقطة مهمة هو أحيانا يكون هناك تشهير، وهناك مجموعة من الملفات التي يتم الحكم فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل القانون."
و شهدت الأندية المغربية حالة غريبة غير مسبوقة في تاريخ التسيير بكرة القدم الوطنية، بعد توقيف رئيس الوداد الرياضي سعيد الناصيري في ملف "اسكوبار الصحراء"، وإدانة رئيس أولمبيك آسفي محمد الحيداوي في قضية بيع تذاكر كأس العالم بقطر، واعتقال الرئيس السابق للرجاء عزيز بدراوي، والرئيس السابق لشباب الحسيمة محمد بوشحاتي والرئيس السابق لاتحاد الفقيه بن صالح محمد مبديع والرئيس السابق للمغرب التطواني رشيد التمسماني واللائحة طويلة.