يشارك الوفد الرياضي المغربي، في دورة الألعاب الأولمبية، التي ستقام خلال الفترة ما بين 26 يوليوز2024 و11 غشت 2024 بالعاصمة الفرنسية باريس، بـ60 رياضيا في 19 نوعا رياضيا. لكن علاقة المغرب بالأولمبياد ترجع لصيف 1960 مباشرة بعد إنشاء اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية سنة 1959، ومنذ ذلك التاريخ ظل الحضور المغربي مستمرا باستثناء غياب بسبب المقاطعة في دورتي 1976 و1980.
على امتداد المشاركات المغربية صعد أبطالنا لمنصات التتويج مرات عديدة، لكن العديد منهم لا يملكون سوى صورا من ذكريات الأولمبياد، بعد أن قست عليهم الظروف.
زوجة البطل الراضي تضطر لبيع ميداليته لاقتناء الدواء
ولد العداء المغربي عبد السلام الراضي، في 28 فبراير 1929 بمدينة تاونات، وتوفي يوم 4 أكتوبر 2000 بمدينة فاس عن سن يناهز 71 سنة. فاز عبد السلام الراضي بأول ميدالية أولمبية للمغرب والعرب في ألعاب القوى بتتويجه بفضية الماراطون بالألعاب الأولمبية الصيفية 1960 في روما.
تطوع الراضي في الجيش الفرنسي سنة 1950، واكتشف مدربوه أن الفتى يستطيع العدو لمسافات طويلة من دون تعب، ليقرر رؤسائه إشراكه في بطولات الجري العسكرية. فاز بالميدالية الذهبية في البطولة الدولية للعدو الريفي بغلاسكو 1960، ليشارك في الألعاب الأولمبية الصيفية بروما سنة 1960 وحصل على فضية الماراطون ويحرز أول ميدالية أولمبية للمغرب والعرب في ألعاب القوى.
عاد بن عبد السلام راضي إلى وطنه سنة 1960، بعد رفضه كل الإغراءات التي قدمت له من أجل خوض السباقات تحت أعلام أجنبية فرنسية وبلجيكية. وحين اعتزل اللعبة وتقاعد مهنيا تم توظيفه كشاوش في عمالة فاس، لكن البطل لم يكن راضيا على مصيره.
تعرض عبد السلام لوعكة صحية، جعلته طريح الفراش وكان في شظف من العيش، حتى أن زوجته بدأت تبيع ممتلكاتها للحصول على الدواء بل ذهبت إلى حد بيع ميداليته الأولمبية، واضطرت جمعية رياضة وصداقة للتدخل من أجل استعادة الميدالية الأولمبية من المشتري.
منذ إنجاز الراضي سنة 1960 سيضطر المغاربة للانتظار حتى عام 1984 في لوس أنجلوس ليفوز سعيد عويطة ونوال المتوكل على التوالي بميداليتين ذهبيتين في سباقي 5000 متر و400 متر حواجز سيدات في تاريخ الألعاب الأولمبية.
سعيد عويطة.. بطل أسطوري في طي النسيان
يعيش البطل العالمي سعيد عويطة حياته الرتيبة بعيدا عن الأضواء، بعد أن وضع مسافة بينه وبين مضمار السباق، كمدرب وهي المهمة التي مارسها بعد اعتزاله الركض. دخل سعيد قبو النسيان على غرار كثير من الأبطال الذين رفعوا راية المغرب خفاقة في الملتقيات الرياضية العالمية، وعانى من التهميش والنسيان، فتوارى إلى الخلف وهو يتحسر على الجحود الذي يحاصره في بلد لطالما أسمع نشيده الوطني في أكبر التظاهرات.
ويعد العداء والبطل الأولمبي المغربي سعيد عويطة، أول من حقق الميدالية الذهبية للمغرب في تاريخ ألعاب القوى رجال، بعد أن نال ذهبية سباق 5000 متر بالألعاب الأولمبية الصيفية لوس انجلوس 1984، ليدخل التاريخ من بابه الواسع خاصة وأن مواطنته نوال المتوكل قد توجت في نفس النسخة بذهبية تاريخية في سباق 400 متر حواجز. وفي أولميباد سيول سيكتفي عويطة بالميدالية البرونزية بعد أن خاض السباق النهائي متحملا وجع عطب طارئ.
عبد المجيد حضري ..مدافع المنتخب يعيش الخصاص بكرامة
من بين الأسماء التي تنبأ لها المتتبعون الرياضيون بمستقبل زاهر، اللاعب عبد المجيد حضري ظهير أيمن الرجاء الرياضي والمنتخب الوطني بين 1972 و1975، والذي شارك في أولمبياد ميونيخ وراكم إنجازات مهمة مع الرجاء التي فاز معها بلقبي كأس العرش سنة 1974 و1977.
شارك عبد المجيد حضري في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 1972، التي أقيمت في ميونيخ بألمانيا، في الفترة الممتدة من 26 غشت إلى 11 شتنبر 1972 ضمن منتخب المغرب لكرة القدم، وكان من بين 35 رياضيا مثلوا بلادنا في هذا الحدث، بل إنه ساهم في عبور الفريق الوطني إلى الدور الثاني من المنافسات الأولمبية.
بعد الأولمبياد سيتمر حضري لاعبا في صفوف الرجاء الرياضي، ونال شارة العمادة في آخر أيامه مع الفريق الأخضر، قبل أن يعلن اعتزاله والتفرغ لعمله في إحدى المطابع، لكن الأقدار شاءت أن تكون النهاية حزينة حيث أصبح اللاعب الدولي عاطلا يقضي أوقاته في ترتيب صوره الخالدة مع الرجاء والمنتخب الوطني، ويحفظ كرامته بعيدا عن الوسط الكروي الذي غادره مباشرة بعد مباراة اعتزال أقيمت له في ملعب العربي الزاولي.
الشاوي.. نداء استغاثة متأخر من حارس المنتخب الوطني
بعد طول معاناة مع المرض غادر حارس المرمى أحمد بلقرشي الملقب بـ "الشاوي" الحياة الدنيا، وفقدت الكرة المغربية واحدا من أفضل حراس مرمى الكوكب المراكشي والمنتخب الوطني، الذي حمل قميصه خلال سبعينيات القرن الماضي خاصة خلال الأطوار النهائية لكأس الأمم الإفريقية سنة 1972 بالكاميرون والألعاب الأولمبية بميونيخ سنة 1972 حيث تمكن المنتخب من بلوغ الدور الثاني لأولمبياد بألمانيا، في عهد المدرب الإسباني باريناغا.
كان أحمد بلقرشي المشهور بـ "الشاوي"، حسب شهادة عدد من رافقوه في مشواره من اللاعبين الدوليين يقاس بقيمة نصف الفريق آنذاك، وارتبط أحمد الشاوي بفريق الكوكب المراكشي و رفض اللعب لغيره بعد عروض كل من الرجاء و الوداد الرياضيين، وبقي مرتبطا بملاعب كرة القدم كمؤطر لحراس مرمى الفئات الشابة للكوكب المراكشي، وهي المهمة التي تلقى بشأنها تكوينا وظل يمارسها حتى قبيل مرضه الذي ألزمه الفراش.
توفي الشاوي بإحدى المستشفيات بمدينة مراكش بعد معاناة طويلة مع مرض عضال قضى على إثر أزيد من ستة أشهر بالمستشفى، حيث خضع للعلاج.
البطل الأولمبي الذي مات مرتين حدو جادور
ولد حدو جادور سنة 1949 بمدينة ضواحي الخميسات، التحق بصفوف نادي الجيش الملكي لألعاب القوى سنة 1966 حيث تخصص في المسافات المتوسطة، قبل أن يختتم مساره الرياضي بالمشاركة في مسابقات العدو الريفي.
راكم تجربة واسعة وتمكن من تحقيق نتائج باهرة جدا، خلدت اسمه بمداد من الفخر من خلال مشاركات وازنة على الصعيد الدولي، أبرزها دورة الألعاب الأولمبية لسنة 1968 بالمكسيك، التي بلغ بها نصف نهاية سباق 1500م، ثم في سباق 5000م لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 1972 في مدينة ميونخ الألمانية، ولولا إصابته بأعطاب لوقف فوق منصة التتويج.
خلال أولمبياد ميونيخ بألمانيا سنة 1972. كان حدو جادور العداء الأقوى والأجدر بالفوز بالمسابقة التي كان مسجلا بها وهي مسابقة 1500 متر. وبالتالي تمكين المغرب من أول ميدالية ذهبية اولمبية، ستكون أول ميدالية من المعدن النفيس في تاريخ المغرب يعزز بها رصيده من الميداليات. لكن لعنة الإصابة التي لحقته إثر سقوط جلة بالخطأ على قدمه، منعته من المشاركة.
عاش حدو جدور حياة صعبة مريرة قاوم فيها المرض، وبتاريخ الأحد 11 شتنبر 2011، ستنتهي أسطورة العدو الريفي الوطنية البطل حدو جادور، بعد صراع طويل مع المرض، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في غرفة صغيرة بمنزله الكائن بالحي الشعبي تابريكت في مدينة سلا.