لقد كان لي الشرف والامتياز أن يكون لدي أساتذة كبار؛ نجوم الطب المغاربة: البروفيسور عبد القادر التونسي، البروفيسور عبد اللطيف بربيش، البروفيسور عبد اللطيف بنشقرون، البروفيسور عبد المجيد بلماحي، البروفيسور سعيد بلافريج، البروفيسور عمر الشرقاوي، البروفيسور أمينة مالكي التازي، الأستاذ أحمد الصبيحي، الأستاذ محمد حصار، الأستاذ نعيمة لمدوار البوعزاوي، الأستاذ المعوني علي، الأستاذ عماني فريدة، بن يحيى بن ناصر، مولاي الطاهر العلوي..
إنهم العشرات والمئات من أساتذة كبار في الطب، الذين دربوا أجيالاً من الأطباء، الذين يمارسون المهنة حالياً في كافة مدن المملكة.
كلهم مروا بهذا المبنى وهو مستشفى ابن سينا بالرباط.
إنهم يطلقون صرخة حسرة وألم بصوت خافت غير مسموع .
"نحن، الأطباء الأوائل بمستشفى ابن سينا بالرباط، نرفع أصواتنا اليوم في صرخة يأس في مواجهة تدمير هذا النصب التذكاري الرمزي لعاصمتنا.
هذا المكان ليس مجرد مبنى بسيط من الخرسانة والفولاذ؛ إنه الشاهد الصامت على تاريخنا، وميلاذ الطب، وبصمة لا تمحى في الذاكرة الجماعية للمغرب.
هنا، لفظ الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله أنفاسه الأخيرة، ووسم هذه الجدران إلى الأبد بمروره.
وترددت في الأروقة صرخات جرحى انقلاب الصخيرات، وفي إحدى غرفه، تم إستشفاء السيد عبد الرحمن اليوسفي إلى المستشفى، حيث تلقى زيارة من الملك، في لفتة مشبعة برمزية قوية.
كل حجر وكل ممر في مستشفى ابن سينا يروي قصة، قصة تفانينا ونضالنا وانتصاراتنا ضد المرض.
إن رؤية هذه الجدران وهي تُهدم تحت ضربات الآلات يعني رؤية جزء من روحنا ينهار.
إن هذا التدمير هو جرح عميق، وإهانة لتراثنا الطبي والثقافي.
كيف يمكننا أن نقبل أن يتحول هذا المبنى، الذي يشهد على العديد من اللحظات الحاسمة، إلى غبار؟
مستشفى ابن سينا ليس مجرد مركز رعاية، بل هو رمز تطور الطب في المغرب، ومنارة المعرفة والرحمة.
هذا هو المكان الذي تعلمنا فيه وعلمنا وعالجنا بإنسانية تابثة.
من خلال تدمير هذا المستشفى، فإننا ندوس جزء من أنفسنا وهويتنا وتاريخنا.
ونحن ندعو إلى الوعي والاعتراف بقيمة هذا المستشفى التي لا تقدر بثمن.
وسيظل تدمير مستشفى ابن سينا جرحا غائرا في تاريخ الصحة بالمغرب، وهو عمل سنحزن عليه لأجيال عديدة.
دعونا نحافظ على تراثنا، ونحترم تاريخنا، وفوق كل شيء، نكرم ذكرى كل من ساهم في جعل هذا المستشفى مكانا للحياة والأمل.